نزور الموقع لفهم سبب الجدل الدائر
الضريح الصوفي الذي تسبب في خلاف ديني بين المسلمين والهندوس في الهند
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تصدر ضريح صوفي يرتاده الهنود من جميع الأديان عناوين الأخبار مؤخراً بعد أن قال زعيم سياسي كبير إنه يريد "تحريره" للهندوس فقط. وقامت شيريلان مولان، مراسلة بي بي سي، بزيارة الموقع لفهم سبب الجدل الدائر.
لم يكن الصعود بالأمر السهل، حيث تفصل حوالي 1,500 درجة منحوتة في الصخر الزائرين عن وجهتهم: ضريح قديس صوفي أصبح مقرًا للإيمان والأساطير والتاريخ المتنازع عليه.
يُقال إن ضريح "الحاج مالانغ دارغا"، الواقع على تلة في ضواحي مومباي في ولاية ماهاراشترا الغربية، يضم قبر مبشر عربي جاء إلى الهند منذ أكثر من 700 عام. وكما هو الحال مع العديد من المزارات الصوفية الأخرى في جميع أنحاء الهند، يُنظر إليه على أنه رمز للاندماج والتسامح، على الرغم من كونه في قلب "نزاع ديني".
رئيس وزراء الهند يفتتح معبداً هندوسياً بُني مكان مسجد مدمرمسجد بابري أم معبد الإله راما؟ محكمة هندية تحسم النزاع بين المسلمين والهندوسوعندما قمت بزيارة الضريح، كان كل من الهندوس والمسلمين يقدمون الزهور والشادار - قطعة من القماش تقدم كرمز للاحترام في التقاليد الصوفية - عند قبر القديس. هناك ا عتقاد سائد بأن أي رغبة يتم طلبها بـ "قلب نقي" سيتم تحقيقها.
ويعكس مجلس إدارة الضريح هذا الشعور بالتعايش - ففي حين أن اثنين من أمناء الضريح مسلمان، فإن أوصيائه هم من عائلة هندوسية.
لكن في وقت سابق من هذا الشهر، أثار رئيس وزراء ولاية ماهاراشترا، إيكناث شيندي، جدلاً من خلال مطالبة استمرت عقوداً في تجمع سياسي، وأكد أن الهيكل كان معبداً تابعاً للهندوس، وأعلن التزامه "بتحريره".
ولم يستجب شيندي لطلب بي بي سي للتعليق.
ويأتي ادعاءه في وقت تغرق فيه بعض المساجد البارزة والآثار الإسلامية في الهند في نزاعات حول مزاعم بأنها بنيت عن طريق هدم المعابد الهندوسية منذ قرون.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي، قاد أناند ديغي، المعلم السياسي لشيندي، حملة "لاستعادة" دارغا الحاج مالانغ للهندوس. وفي عام 1996، ورد أنه قاد 20 ألف عامل من حزب شيف سينا داخل الدارغا لأداء بوجا (عمل عبادة هندوسي).
ومنذ ذلك الحين، واصل المتشددون الهندوس، الذين يشيرون إلى الهيكل باسم مالانغجاد، ممارسة أداء البوجا في الضريح في أيام اكتمال القمر، مما أدى أحياناً إلى اشتباكات مع المصلين المسلمين والسكان المحليين.
لكن المراقبين السياسيين يقولون إن موقف شيندي قد لا يكون له علاقة بالإيمان، وكانت حملة ديغي قد عززت شعبيته بين الناخبين الهندوس في ولاية ماهاراشترا.
يقول براشانت ديكسيت، وهو صحفي سابق: "يحاول شيندي الآن تقديم نفسه على أنه المنقذ الهندوسي لولاية ماهاراشترا".
وبشكل منفصل عن الانتخابات الوطنية، ستصوت ولاية ماهاراشترا - أغنى ولايات الهند - لانتخاب مجلس الولاية في وقت لاحق من هذا العام. يقول ديكسيت إن تأمين الدعم من الأغلبية الهندوسية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لشيندي، نظراً للمشهد السياسي المميز للولاية.
عادة ما تكون الانتخابات في ولاية ماهاراشترا عبارة عن منافسة رباعية بين حزب شيف سينا الهندوسي القومي، وحزب بهاراتيا جاناتا، وحزب المؤتمر القومي الوسطي، والكونغرس.
لكن شيندي يواجه تعقيداً إضافياً، ففي عام 2022، انشق هو وأنصاره عن حزب شيف سينا.
وأطاح "التمرد" بالحكومة الثلاثية آنذاك - وهي ائتلاف غير متوقع يضم حزب شيف سينا والكونغرس وحزب المؤتمر الوطني - وأقام تحالفاً جديداً مع حزب بهاراتيا جاناتا لتشكيل الحكومة الجديدة.
يقول ديكسيت: "في حين أن المشرعين قد يغيرون أحزابهم، فمن الصعب إقناع الناخبين الأساسيين بتغيير ولاءاتهم"، ويضيف: "من خلال إثارة قضية دارغا، يأمل شيندي في استمالة مشاعر الناخبين الأساسيين لحزب شيف سينا وزيادة الأصوات التي يحصل عليها من الناخبين الهندوس".
وكان لدى الهندوس الذين تحدثت معهم بي بي سي ردود فعل متباينة على تعليقات شيندي.
على سبيل المثال، يرى كوشال ميسل أن شيندي يعبر عن ما كان يدور في ذهنه منذ فترة طويلة، وهو اعتقاد بأن الضريح كان في الأصل ملكاً لقديس هندوسي، ثم استولى عليه المسلمون لاحقاً أثناء غزوات الهند.
ويشارك راجندرا جايكواد وجهة نظر مماثلة، لكنه يقول إنه يشعر بعدم الارتياح إزاء الجدل الدائر، ويقول: "كل ما يحدث في الهند الآن أمر سيء للغاية"، ويؤكد اعتقاده بأن "كل الآلهة واحدة بالنسبة له".
يقول أبهيجيت ناجاري، الذي يذهب إلى الضريح كل شهر، إنه لا يهمه الدين الذي ينتمي إليه الهيكل - فهو يحب الزيارة لأنه يشعر بالسلام هناك.
وقال ناصر خان، أحد أمناء الضريح، لبي بي سي إن الجدل أدى إلى انخفاض عدد المصلين الذين يزورون الضريح، وأضاف: "يأتي الناس مع عائلاتهم ولا يريدون أن يزعجهم الأوغاد".
الهيكل الذي يقع على قمة التل الذي يبلغ ارتفاعه 3000 قدم (914 متراً) لا يقف بمفرده، بل توجد منازل ومتاجر ومطاعم منحوتة في الحجر والصخور على مر السنين.
ويقول خان إن حوالي 4000 شخص، من الهندوس والمسلمين، يعيشون هناك، ويعتمد السكان المحليون على السياحة لكسب لقمة العيش، لكن "الحياة صعبة".
وقال سكان محليون لبي بي سي إنهم يكافحون للحصول على وسائل الراحة الأساسية، مثل المياه الصالحة للشرب، خاصة في أشهر الصيف القاسية.
ويقول أيوب شيخ، عضو المجلس القروي المحلي: "يجب تقنين المياه، حيث تحصل كل أسرة على 10 لترات فقط من الماء يومياً".
كما لا يوجد في التل مستشفى مناسب أو مدرسة أو سيارة إسعاف.
ويقول شيخ، سائق توك توك يبلغ من العمر 22 عاماً، والذي طلب استخدام اسمه الأول فقط: "لا يرغب الشخص المتعلم في العيش هنا؛ فلا يوجد لديه ما يفعله".
ويضيف: "كل ما يريده السياسيون هو ممارسة الحيل للحصول على أصوات الناخبين، لا أحد يهتم حقاً بما يريده الناس".
وقد ردد العديد من السكان المحليين هذه المقولة.
يقول السيد شيخ: "لقد تعايش الهندوس والمسلمون في وئام على هذا التل لعدة قرون، إننا نحتفل بالمهرجانات معاً وندعم بعضنا البعض في أوقات الحاجة".
ويضيف: "لا أحد يقف إلى جانبنا، فلماذا نتقاتل فيما بيننا؟"