إسرائيل تصعد تهديداتها باجتياح رفح
استراتيجية التوازن المصرية في حرب غزة على المحك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة: منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة تتبع مصر دبلوماسية متوازنة بتأكيد تضامنها مع الفلسطينيين والحرص على الإبقاء على علاقاتها مع اسرائيل التي تهدد باجتياح مدينة رفح الواقعة على حدودها.
ومعبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة هو الوحيد نظريًا غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية. وعمليا تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على الدخول والخروج منه. وتمر عبره المساعدات الإنسانية المخصصة لغزة التي تعاني من نقص شديد في الغذاء، بينما تتخوف الأمم المتحدة من "مجاعة واسعة النطاق" في القطاع.
ومنذ بداية الحرب بين اسرائيل وحركة حماس تعرض الجانب الفلسطيني من معبر رفح للقصف أكثر من أربع مرات، ما دفع الجانب المصري إلى اغلاقه آنذاك واجلاء الموظفين.
وتؤكد السلطات المصرية باستمرار أنها لا تتحكم في إدخال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني، ولكن على الرغم من ذلك ترتفع أصوات على نحو متكرر لمطالبة القاهرة بفتح بوابات المعبر وتقديم العون لسكان غزة.
وألقت إسرائيل نفسها باللوم على مصر فيما يتعلق بإدخال مواد الإغاثة إلى غزة.
إلا أنه في كانون الثاني (يناير) نفت القاهرة ما وصفتها بأنها "أكاذيب" أطلقها فريق الدفاع الاسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بقوله إن مصر "مسؤولة" عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية المتحدث الرسمي باسم الدولة ضياء رشوان في بيان إن مصر أعلنت "عشرات المرات ... أن معبر رفح من الجانب المصري مفتوح بلا انقطاع، (ونطالب) الجانب الإسرائيلي بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها".
وفي هذا الصدد تقول الباحثة في "كولاج دو فرانس" ديما السجدية لوكالة فرانس برس "على الأرض .. مصر تتبع أوامر الإسرائيليين، وتحاول في بعض الأحيان التفاوض ولكنها في النهاية تحترم الشروط التي يفرضونها"، في إشارة إلى عمليات التفتيش الدقيقة التي تعيق حركة الشاحنات التي تحمل المساعدات.
ويرى الباحث فرانسوا سيكالدي من "كولاج دو فرانس" أن "سيطرة إسرائيل على المجالات الجوية والبحرية والبرية، وكذلك على جميع تحركات البضائع والأشخاص، يضع غزة فعليًا تحت الاحتلال".
وبينما تتراكم آلاف الأطنان من المساعدات في مطار العريش بمحافظة شمال سيناء، يعول المجتمع الدولي الآن على ممر بحري بين قبرص وغزة لإيصال مواد الإغاثة للفلسطينيين.
وأتى الترحيب الإسرائيلي بمبادرة الممر البحري الذي يؤمل أن يزيد من تدفق المساعدات بعد إجراء عمليات تفتيش أمنية وفقا للمعايير الإسرائيلية"، ما قد يطيل أكثر فترة انتظار الفلسطينيين لها.
هجوم حماس
اندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق شنّته حماس في جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أودى بحياة 1160 شخصا على الأقل معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لفرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخُطف 250 شخصاً أثناء الهجوم، وفق الدولة العبرية التي تقدّر أن 130 منهم لا يزالون محتجزين في القطاع. ومن بين هؤلاء يعتقد أن 31 قد قتلوا.
ردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007 وتعتبرها إسرائيل ومعها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، منظمة "إرهابية".
وشن الجيش الإسرائيلي حملة قصف بلا هوادة على القطاع الفلسطيني رافقها هجوم بري، ما أسفر حتى الآن عن سقوط أكثر من 31 ألف قتيل معظمهم من المدنيين، بحسب أرقام وزارة الصحة التابعة للحركة.
"نجاة اتفاق السلام"
وتلوّح اسرائيل منذ أسابيع بشنّ عملية برية في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، والمتاخمة للحدود الشرقية المصرية، التي يتكدس فيها نحو 1,5 نازح فلسطيني جراء المعارك والدمار في مناطق غزة الأخرى.
وتقول السجدية "ستدفع هذه اللحظة (التهديد الإسرائيلي) الجيش المصري إلى إظهار" موقفه.
وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الشهر الماضي أن السلطات المصرية تقوم بإعداد "منطقة مسورة بمساحة ثمانية أميال مربعة" على الجانب المصري من الحدود مع غزة، كما أظهرت صور عبر الأقمار الاصطناعية ذلك.
وأضافت الصحيفة أن المنطقة المسورة جزء من "خطط طوارئ" ويمكن أن تستوعب "أكثر من 100 ألف شخص".
كذلك نشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان غير الحكومية تقريرا في الشهر نفسه، أوضحت فيه أنه يتم إعداد المنطقة لاستقبال لاجئين فلسطينيين "في حال حدوث عملية نزوح جماعي من قطاع غزة".
ونفت السلطات المصرية ما نقلته الصحيفة الأميركية، وأكدت على "عدم مشاركتها في عملية تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء".
وترى السجدية أن مصر "تستعد لجميع السيناريوهات"، مشيرة إلى أنه “إذا تم دفع الفلسطينيين إلى سيناء، ستحرص القاهرة على ألا ينتشروا في البلاد وستسعى لاحتوائهم في منطقة بنيت بشكل مسبق".
اتفاق السلام
ومنذ الأيام الأولى للحرب، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من شروع الدولة العبرية في أي عملية "تهجير قسري" لسكان القطاع المحاصر.
وحذّر في 18 تشرين الأول (أكتوبر) من أن تهجير الفلسطينيين قد يحدث مع الأردن أيضا وقال "بالتالي فكرة الدولة الفلسطينية التي نتحدث عنها غير قابلة للتنفيذ".
وكان الرئيس المصري أوضح خلال تصريحاته في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن "نقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء يعني ... نقل فكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء"، مشيرا إلى أن شبه الجزيرة المصرية "ستصبح بالتالي قاعدة لانطلاق عمليات ارهابية ضد اسرائيل التي من حقها الدفاع عن نفسها".
وتابع "ويتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه، في إطار فكرة تصفية القضية الفلسطينية"، في إشارة إلى اتفاق السلام المبرم بين مصر واسرائيل.
ولكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أكد في هذا الصدد "نحن نحترم ونقدر اتفاق السلام الذي أبرمناه مع مصر، فهي شريك مهم وحجر الزاوية في استقرار المنطقة".
وتقول السجدية إنه بعد كامب ديفيد، اتفاق السلام المبرم بين مصر واسرائيل في العام 1979، "لا يرغب كل من المصريين والاسرائيليين في التعليق على مسائل التنسيق العسكري والأمني".
وتابعت "لقد نجا اتفاق السلام هذا (كامب ديفيد)" من جميع الاضطرابات التي شهدها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأشارت إلى أنه منذ بداية الحرب الأخيرة لم تستدع مصر السفير الإسرائيلي في القاهرة، كما لم تتأثر العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الدولة العبرية.