بعد مقتل موظفي المطبخ المركزي العالمي
منظمات إغاثية تتردد بتقديم المساعدات في غزة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"إذا كان الأجنبي الذي لديه حصانة دولية تم قصفه وقتل فما بالك بنا نحن؟"
هكذا بدأ الشاب الفلسطيني محمد أبو رجيلة حديثه عن ظروف عمله الإغاثي في قطاع غزة، بعد مقتل سبعة من موظفي منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية في غزة في قصف إسرائيلي استهدف سيارتهم.
والموظفون الذين قتلوا ينتمون إلى جنسيات أسترالية، وبولندية، وبريطانية، وفلسطينية، وأميركية كندية.
أبو رجيلة صانع محتوى بالأساس كان ينشر مقاطع فيديو عن غزة والهوية الفلسطينية. ولكن بعد اندلاع الحرب أطلق مبادرة سماها "شباب غزة" لدعم المواطنين وإيصال المساعدات العينية والنقدية لهم.
يقول أبو رجيلة إن حادث قتل العاملين في المطبخ المركزي العالمي، جعله ومن معه يفكرون كثيرًا في أنه على الرغم من مقتل هؤلاء وهم يحملون جنسيات مختلفة، فهذا يشعرهم بالتهديد من وجود احتمالية كبيرة لقتل العاملين المحليين خلال توصيل المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الخوف الشديد من العمل في ظل هذه الظروف وصعوبة التحرك لتقديم المساعدات أو حتى إيجاد المواد التي يعملون بها.
على الرغم من هذا يقول أبو رجيلة إن هذا الخوف لم يثنه هو ورفاقه من مواصل العمل، حيث أن "خطر عدم تقديم المساعدات ليس أقل أهمية من خطر القتل"، بحسبه.
مضيفا: كيف أكون قادرًا على خدمة أهلي ولا أفعل ذلك؟
وأقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن الجيش الإسرائيلي قصف "أبرياء"، واصفاً القصف بأنه حادث مأساوي وغير مقصود.
وأضاف: "يحدث ذلك في الحرب، ونحن نتحقق من ذلك حتى النهاية، ونحن على اتصال مع الحكومات، وسنفعل كل شيء حتى لا يحدث هذا الشيء مرة أخرى".
منظمات تعلن وقف عملهابعد الحادث بوقت قصير، علقت عدد من الجمعيات الإغاثية الدولية عملها داخل القطاع، وعلى رأسها المطبخ المركزي العالمي، كما أصدرت منظمة "مشروع الأمل Project Hope" الدولية بيانا تعلن فيه تعليق عملها الإنساني في رفح ودير البلح لمدة ثلاثة أيام لحين المراجعة الأمنية للموقف في القطاع، مشيرة إلى انتشار الفزع بين العاملين بها جراء الحادث.
وقال أرلان فولر مدير الطوارئ لبي بي سي، إن مقتل أعضاء فريق المطبخ العالمي المركزي أمر مروع ومفجع لكل العاملين في "مشروع الأمل"، والذين كانت تربطهم علاقات وطيدة بضحايا الحادث، وقد عملوا جنبًا إلى جنب في الكثير من الأحيان وحالات الطوارئ.
وأوضح فولر أن قرار التعليق جاء في المقام الأول تضامنًا مع المطبخ العالمي، وكذلك لإعادة تقييم التهديدات التي تواجه العمليات الإنسانية، مشيرًا إلى أن القرار مؤقت وليس دائم حتى الآن، وأن المنظمة ستستغل هذا الوقت لجمع المعلومات فيما يتعلق بالسلامة والأمن واتخاذ القرار بشأن موعد استئناف العمليات على الأرض.
وأشار إلى أن الحادث أثار شكوكًا حول فاعلية إجراءات الحماية، والتي تشمل وضع علامات واضحة على المركبات والشاحنات ومشاركة الإحداثيات مع الجيش الإسرائيلي.
كما أكد على ضرورة تقييم ما إذا كان هذا الحدث يدل على تحول في كيفية تصور الجيش الإسرائيلي لعمليات المساعدة وتحديد إلى أي مدى يمكن الاعتماد عليها لحماية فرقنا.
وقد قُتل أكثر من 196 عاملاً من عمال الإغاثة في غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر)، وفقاً لمؤسسة " قاعدة بيانات عمال الإغاثة" التي تمولها الولايات المتحدة، وهي مؤسسة معنية بتسجيل حوادث العنف الكبرى ضد موظفي الإغاثة.
من جانبه، قال زوار علي المستشار الصحي لبعثة الهيئة الطبية الدولية في غزة، إن قتل العاملين بالمطبخ العالمي يجعلهم بحاجة إلى إعادة التفكير في البروتوكولات الأمنية. فالهيئة لديها الإجراءات الأمنية الخاصة بها، لكن لابد من الحد من الحركة العاملين لحمايتهم بشكل أكبر ولأن أمنهم أولوية قصوى لدى الهيئة، بحسبه.
مضيفا أن الهيئة قررت نقل المستشفى الميداني الذي كانت تنشئه من شمال رفح بالقرب من خان يونس، إلى منطقة المواصي، وهو الجزء الغربي من مدينة رفح.
كما أشار علي إلى تعليق العمل الطبي في دير البلح يمكن أن يؤثر كثيرًا على الناس هناك، خاصة أن هناك عدد كبير من النازحين وهم بحاجة إلى الخدمات الطبية بشكل عاجل، موضحًا أن المستشفى الميداني يستهدف أيضًا الصحة الإنجابية وطب الأطفال.
ذهبنا إلى الهلال الأحمر وسألنها عن أثر هذه العمليات على العاملين في المجال الإنساني وخاصة في القطاع الطبي، فأجابنا الدكتور بشار مراد المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بقطاع غزة، وقال لنا إن ذلك سَبب مخاوف كثيرة لدى المسعفين، ما أدى إلى رفض الكثير منهم التنسيقات لإجلاء الجرحى من الشمال إلى الجنوب بسبب عدم وجود أي ضمانات، برغم التواصل مع مختلف الجهات الأممية والدولية لحماية القوافل الطبية والمسعفين.
وأردف مدير الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، أن حادث قتل العاملين بالمطبخ المركزي العالمي هو رسالة قوية لكل العاملين بالمجال الإنساني والإغاثي في غزة، بأن الخطر لا مفر منه، حيث أن السيارة المستهدفة كانت ترفع علم المطبخ العالمي وتحركت بتنسيق كامل مع الجيش الإسرائيلي.
وتقول مؤسسة المطبخ المركزي العالمي إن القافلة تعرضت للقصف خلال مغادرتها مستودع دير البلح "حيث كان الفريق يفرغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي جلبت إلى غزة عبر الطريق البحري".
وقالت المؤسسة إنها نسقت تحركات القافلة مع الجيش الإسرائيلي عندما تعرضت للقصف.
"الحادث تسريع للمجاعة"وقد تصدرت منظمة المطبخ المركزي العالمي الخيرية عناوين الأخبار مؤخرًا لتقديمها مئات الأطنان من المواد الغذائية لسكان غزة التي نقلت على متن سفينة الإسعافات الأولية في شهر آذار (مارس).
وبدأت وكالات الإغاثة في توصيل المساعدات عن طريق البحر من أجل زيادة الكمية التي تصل إلى المنطقة، التي تقول الأمم المتحدة إنها على شفا المجاعة.
وأعلنت قبرص الثلاثاء أن مساعدات منقولة بحرا لسكان غزة عادت إلى قبرص بعد مقتل 7 من العاملين في منظمة المطبخ المركزي العالمي، ونقلت وكالة رويترز أن الإمارات علقت إرسال مساعدات إنسانية عبر الممر البحري من قبرص.
وقال عدنان أبو حسنة المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن المدنيين تأثروا كثيرا بوقف عمل المطبخ العالمي وخاصة في الشمال، وإن الحل الوحيد - من وجهة نظره &- هو السماح للأونروا بالدخول لشمال القطاع لنجدة المواطنين الذين كانوا يعتمدون على المطبخ بشكل أساسي في غذائهم، وإنقاذًا للأطفال والنساء الحوامل وكبار السن.
هذه الحرب تفوقت على سابقاتها من الحروب، حيث تم تسجيل أكبر عدد من القتلى من عمال الإغاثة في أي صراع آخر.
قُتل 176 من موظفي الأونروا منذ بداية الحرب في #غزة، العديد منهم أثناء تأدية واجبهم.
العاملون في المجال الإنساني #ليسوا_هدفا ويجب حمايتهم في جميع الأوقات pic.twitter.com/dyU9n9p4sf
ويُسمح لموظفي الأونروا بالتحرك في وسط وجنوب غزة لكنه لا يسمح لهم بالوصول إلى شمال القطاع، والذي كان يعمل فيه المطبخ العالمي بشكل كبير، معتبرًا أن ذلك المنع الإسرائيلي هو "تسريع لحالة المجاعة" التي بدأت في الانتشار في شمال غزة، والتي قد تصبح مجاعة شاملة في شهر مايو أيار المقبل، بحسب تعبيره.
وتعرض جزء كبير من قطاع غزة للدمار خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية التي بدأت بعد أن هاجم مسلحون من حماس جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة آنذاك.
ولا يزال حوالي 130 من الرهائن في الأسر، ويُفترض أن 34 منهم على الأقل في عداد الموتى.