أخبار

تأثير الصراع على الانتخابات الأميركية هذه المرة غير مسبوق

كامالا هاريس في مأزق.. دعم إسرائيل؟ أم صوت العرب؟

المرشحة الرئاسية الأميركية كامالا هاريس ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من واشنطن: في ضوء الحرب الدائرة في غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) بات ينبغي على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تحقيق التوازن في معادلتها الانتخابية، بين الصوت اليهودي من ناحية، ومن جهة أخرى صوت العرب والمسلمين.

فقد سعى المندوبون الديمقراطيون إلى تثبيت مرشحتهم للانتخابات الرئاسية الأميركية خلال انعقاد مؤتمرهم الوطني العام الثلاثاء في شيكاغو، قبل إضفاء الطابع الرسمي على ترشح كامالا هاريس مساء الخميس.

وتمثل نائبة الرئيس أملا كبيرا لملايين الأمريكيين، للتغلب على خصمها الجمهوري دونالد ترامب عبر صناديق الاقتراع في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

لكن ووفقاً لتقرير "فرانس 24"، و على ضفاف بحيرة ميشيغان، اختلطت حماسة البعض للمرشحة الديمقراطية مع غضب آخرين. حيث تظاهر آلاف الأشخاص الإثنين للتنديد بشكل خاص، بدعم إدارة بايدن-هاريس للحرب التي تشنها إسرائيل على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.

ومساء نفس اليوم، علق الرئيس جو بايدن الذي صعد إلى المنصة تأكيدا على دعمه كامالا هاريس: "لدى هؤلاء المتظاهرين مواقف وجب توضيحها. لقد قتل العديد من الأبرياء من كلا الجانبين".

وضع "غير مسبوق" في التاريخ
لطالما احتل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لفترة طويلة موقعا ثانويا بين اهتمامات المجتمع الأميركي، لكن اليوم اختلف الوضع ويتم مناقشة هذا الموضوع على نطاق واسع في الحملة، حسبما قالت سارة يائيل هيرشهورن، مؤرخة أمريكية وأستاذة بجامعة حيفا: "هذا أمر غير مسبوق على الإطلاق في تاريخ بلدنا".

ففي شيكاغو، ولدى عودتها من مظاهرة طالبت بوقف إطلاق النار في غزة، تحدثت أرييل (29 عاما) لفرانس24 عن حلمها: "عالم نكون فيه كلنا أحرار وآمنون، من شيكاغو إلى فلسطين".

تطالب هذه اليهودية الأميركية قادة بلادها بفرض حظر على شحنات الأسلحة الموجهة إلى الجيش الإسرائيلي. وتضيف: "حاليا، هذا هو الحل الملموس الوحيد لتحقيق السلام الدائم بالشرق الأوسط، خصوصا في غزة، وعالم أكثر أمنا للجميع".

في المقابل، ترى سارة يائيل هيرشهورن بأن مثل هذا الموقف لا يعكس رؤية الأغلبية بين اليهود الأمريكيين -ما يقرب من 7.5 مليون شخص ما يعادل 2% من السكان.

على الرغم من ذلك، يوجد في هذا البلد المتحالف مع إسرائيل، منظمات يهودية مثل الصوت اليهودي من أجل السلام، تتظاهر أحيانا إلى جانب الأمريكيين من أصل فلسطيني للدعوة إلى إنهاء الحرب في غزة، وهي تستقطب أضواء الكاميرات من ربوع العالم.

تقول هيرشهورن أيضا: "لم يكن في السابق موضع شك، لكن الدعم الأميركي لإسرائيل بات اليوم موضع تساؤل متزايد، سواء بين جمهور الناخبين الديمقراطيين، أو حتى داخل صفوف الحزب".

السلاح الأميركي يجهض خطوة وقف الحرب
وعلى بعد حوالي عشرة آلاف كيلومتر من المعارك، تبقى الولايات المتحدة لاعبا أساسيا بالحرب التي اندلعت في قطاع غزة بعد الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل، حيث تواصل واشنطن في تسليم الإسرائيليين مزيدا من الأسلحة والذخائر.

يؤكد خبراء بأنه لولا شحنات الأسلحة الأمريكية تلك، لكانت الدولة العبرية ستضطر على الأرجح إلى وقف حربها -التي أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة حسب وزارة الصحة بالقطاع- "غدا".

بالرغم من السخط الذي ينتاب جزءا من الشباب اليهودي، فإن المجتمع، الذي ساند الديمقراطيين لفترة طويلة، سيصوت لصالح كامالا هاريس بنسبة 75%، وفق توقعات سارة يائيل هيرشهورن، التي تنحدر بدورها من عائلة يهودية أمريكية.

تراجع دعم العرب والمسلمين
كذلك، من الممكن أن يبتعد جمهور آخر من الناخبين عن الثنائي هاريس- تيم والز (حاكم مينيسوتا الذي رشحته هاريس لمنصب نائب الرئيس) ما يعد بمثابة الأمر الأكثر خطورة بالنسبة للديمقراطيين.

فحتى وإن كان الأمريكيون الذين ينحدرون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد انضموا إلى المعسكر الديمقراطي منذ اندلاع الحروب التي شنّتها إدارة جورج بوش الابن في العراق ثم أفغانستان، فقد أضعف دعم بايدن لإسرائيل في حرب غزة الانسجام العربي-الأمريكي.

خيانة بايدن
تقول سوزان ناصر، أستاذة جامعية (46 عاما) تنحدر من أصل فلسطيني، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن القاطنين في ضاحية شيكاغو هذه عملوا جاهدين لضمان فوز بايدن في 2020 إلا "أنهم يشعرون بالخيانة الآن".

وتعتبر ناصر أن الحرب في غزة في نظر كثيرين ليست موضوعا نظريا يتعلق بالسياسة الخارجية. وتوضح بصوت يغلب عليه التأثر: "خسر أحد طلابي 35 من أفراد عائلته. وفقد الاتصال مع آخرين ولا يعرف إن كانوا على قيد الحياة أم لا".

وقد أوضح استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز منتصف شهر أيار (مايو)، بأن أكثر من 70 % من هؤلاء الناخبين يرون بأن الوضع في غزة يمثل أولويتهم الانتخابية الرئيسية.

وفيما يميل بعض الأمريكيين من أصل عربي أو من المسلمين إلى دعم دونالد ترامب، يمكن أن يترجم تململ كثيرين حيال إدارة بايدن-هاريس من خلال امتناعهم عن التصويت خلال الانتخابات القادمة.

لن يحصلوا على أصواتنا
يقول علي إبراهيم (20 عاما) من أصل فلسطيني وهو يدير مخبزا فلسطينيا في بريدجفيو بولاية إيلينوي: "لن يحصلوا على أصواتنا هذه السنة"، وهو يوضح وقد لف عنقه بخريطة فلسطين التاريخية: "ولا نريدهم في الرئاسة، لأن ما يحدث (في غزة) سيء، ونحن لا نتسامح مع ذلك".

وتقع بريدجفيو على بعد حوالي عشرين كيلومترا من شيكاغو وتلقب بـ "فلسطين الصغيرة"، وهي موطن لأكبر جالية فلسطينية في الولايات المتحدة.

تضم ضاحية شيكاغو أكبر جالية فلسطينية. وعلى المستوى الوطني، تمثل المجتمعات المنحدرة من شمال أفريقيا والشرق الأوسط 3.5 مليون شخص، أي حوالي 1% من إجمالي سكان البلاد.

جمهور انتخابي حاسم
رغم ذلك، فإن النظام الفيدرالي الأميركي يجعل من هذه المجتمعات جمهورا انتخابيا حاسما في بعض الولايات الحاسمة، أو ما يطلق عليه "الولايات المتأرجحة". كما هو الحال في ميشيغان، حيث تمثل الأقلية العربية الأميركية، البالغ عددها نحو 310 آلاف ناخب، حوالي 5.6 % من الأمريكيين المدعوين إلى صناديق الاقتراع في الولاية الواقعة بالغرب الأوسط.

ترى سارة يائيل هيرشهورن أن من المحتمل أن تكون هذه الاعتبارات قد أثرت في قرار كامالا هاريس بعدم منح جوش شابيرو التذكرة الديمقراطية قائلة: "اختيار مرشح يهودي وصهيوني لم يكن من الممكن أن يكون عملا لائقا في بعض الولايات الرئيسية".

فحاكم ولاية بنسلفانيا، الذي يعتبره منتقدوه مقربا للغاية من إسرائيل، والذي ظهر لفترة كمرشح ذي مصداقية لمنصب نائب الرئيس، تم تنحيته في نهاية المطاف لصالح تيم والز.

إضافة إلى تلك الخطوة، بادرت كامالا هاريس أيضا في بداية الشهر إلى لقاء عبد الله حمود، رئيس بلدية ديربورن الواقعة بضواحي ديترويت. وكان هذا المسؤول الشاب في الحزب الديمقراطي قد استقطب اهتمام وسائل الإعلام لرفضه مقابلة مسؤولي حملة جو بايدن. واعتبر اللبناني الأميركي حينها أن "الإبادة الجماعية (في غزة) أثقل من تأثير سياسة بايدن الداخلية".

هاريس تغازل العرب أحياناً
تشرح المؤرخة سارة يائيل هيرشهورن: "من الواضح أن كامالا هاريس تغازل الناخبين المسلمين، وتحاول الوصول إلى هذا المجتمع وفهم مطالبه".

وكانت هاريس قد تعهدت في 26 تموز (يوليو) خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الكونغرس الأمريكي، بعدم التزام "الصمت" أمام معاناة المدنيين في القطاع الفلسطيني. كما أصرت نائبة الرئيس الأميركي أيضا على ضرورة إبرام اتفاق سلام بدون تأخير.

لكن، إلى أي مدى يمكن أن تذهب المرشحة الديمقراطية في الإيفاء بوعودها الانتخابية؟

في مواجهة التهديد الذي يشكله ترامب، الثنائي هاريس-والز "ليس لديه سوى هدف واحد فقط: الفوز"، حسبما تؤكد هيرشهورن قائلة: "ففي حال شعرا بأنهما بحاجة إلى اتخاذ مواقف أكثر تأييدا للفلسطينيين للفوز، فسوف يفعلان ذلك".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف