أخبار

عملاق نقابي يشكل جزءًا جوهريًا من هوية الدولة

كيف يلعب الهستدروت دورًا في مستقبل إسرائيل؟

ديفيد بن غوريون يعلن رسميا قيام دولة إسرائيل مع انتهاء الانتداب البريطاني. 14 أيار (مايو) 1948
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: أحدث الاتحاد العام لنقابات العمال في إسرائيل، المعروف باسم "الهستدروت"، زلزالًا في الساحة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية بإعلانه الإضراب العام والشامل. هذا التحرك المفاجئ دفع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى اللجوء للمحكمة العليا مساء الأحد لطلب إلغاء الإضراب بزعم "عدم قانونيته". استجابت المحكمة سريعًا وأمرت بوقف الإضراب عند الساعة 2:30 ظهرًا يوم الإثنين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من هو الهستدروت؟ وما الذي يجعله بهذه القوة؟

تاريخ عريق
الهستدروت ليس مجرد اتحاد نقابي عادي؛ إنه كيان تاريخي يعود تأسيسه إلى عام 1920، أي قبل 28 عامًا من قيام دولة إسرائيل. في وقت كانت فيه النقابات العمالية حول العالم تلعب أدوارًا محورية في السياسة والاقتصاد، استطاع الهستدروت أن يكون جزءًا أساسيًا من النسيج الذي قامت عليه دولة إسرائيل. فهو ليس فقط أقدم من الدولة، بل أيضًا ساهم في بنائها وتشكيل هويتها.

أساس الدولة
نشأ الهستدروت في فترة هجرة اليهود إلى فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وكان هدفه الأساسي دعم العمال ووضع الأسس لدولة يهودية مستقلة. لم يقتصر دوره على الدفاع عن حقوق العمال فقط، بل أسس مؤسسات صناعية ومالية كانت العمود الفقري لقيام دولة إسرائيل عام 1948. وكان ديفيد بن غوريون، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس وزراء لإسرائيل، أول من قاد الهستدروت، مما يبرز دوره المركزي في تاريخ البلاد.

دور متجدد
لم يفقد الهستدروت تأثيره مع مرور الزمن، بل ظل لاعبًا رئيسيًا في المشهد السياسي الإسرائيلي. ففي العام الماضي، قاد الهستدروت إضرابًا كبيرًا أجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تعليق خطة تهدف إلى إجراء تغييرات جذرية في النظام القضائي الإسرائيلي. وقد برز اسم الهستدروت مجددًا مع إعلان إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي في مواجهة التصعيد مع حركة حماس، مما يؤكد على دوره الحاسم في الأزمات الوطنية.

قوة اقتصادية هائلة
الهستدروت اليوم هو أكبر منظمة نقابية في إسرائيل، ممثلًا لحوالي 800 ألف عامل ينتمون إلى 27 نقابة مختلفة. لكن ما يجعله فريدًا هو نطاق تأثيره الذي يمتد إلى جميع قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي، من الزراعة إلى الصناعة إلى الخدمات المالية. تشكل شركات الهستدروت وحدها أكثر من 20% من الدخل القومي لإسرائيل، مما يجعله ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.

منظومة شاملة
لا يتوقف دور الهستدروت عند الشؤون الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل الرعاية الاجتماعية والتعليم والثقافة. فهو يدير شبكة واسعة من المدارس والمعاهد الفنية، إضافة إلى المسارح والمطابع والجرائد. كما يوفر خدمات الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي، مما يجعله لاعبًا شاملاً في حياة المواطنين الإسرائيليين.

هيكل إداري راسخ
يتمتع الهستدروت بهيكل إداري متين، حيث يدير مكتبًا تنفيذيًا منتخبًا من قبل لجنة تنفيذية، والتي بدورها يتم انتخابها من قبل مندوبين يمثلون الأعضاء. هذا النظام الديمقراطي يضمن بقاء الهستدروت مرتبطًا بمصالح العمال والمجتمع على حد سواء. كما يعزز ارتباطه بالكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة من مكانته على الساحة الدولية.

ومن خلال تأثيره الكبير على الاقتصاد والسياسة، يظل الهستدروت قوة لا غنى عنها في تشكيل مستقبل إسرائيل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف