أخبار

نظرية المؤامرة تعود بقوة

هل يمكن أن يكون إعصار ميلتون "مدبراً" بالفعل؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لقد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم كاذبة تشير إلى أن إعصار ميلتون كان "مُدبراً" وأن الطقس في فلوريدا تم "التلاعب به".

لا، لا توجد تكنولوجيا تسمح للبشر بخلق الأعاصير والتحكم فيها.

ولكن على منصات مثل إكس وتيك توك، شوهدت منشورات لملايين المرات، تزعم -دون دليل - أن الحكومة الأمريكية تتحكم سراً في الطقس.

ونشرت العديد منها عبر حسابات معروفة بنشر نظريات المؤامرة، بالإضافة إلى معلومات مضللة حول كوفيد-19 أو اللقاحات.

والأربعاء، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه الادعاءات بأنها "أكثر من سخيفة"، مضيفاً "هذا غباء شديد، ويجب أن يتوقف".

ما الذي تسبب فيه إعصار ميلتون حتى الآن؟

بايدن كان يردّ على النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، التي ألمحت في الأيام الأخيرة على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحكومة الأمريكية "يمكنها التحكم في الطقس".

تشير المنشورات، التي اطلع عليها فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، بشكل أساسي إلى أن إعصار ميلتون، أحد أقوى العواصف في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، دُبّرعمداً من قِبل قوى سياسية أمريكية غامضة.

واقترحت الحسابات التي تدعي هذا عدة تفسيرات مختلفة لكيفية حدوث ذلك.

وزعم بعض المستخدمين أن تقنيات التلاعب بالطقس مثل استمطار السحب هي المسؤولة عن ما يحدث.

ويتضمن استمطار السحب التلاعب بالغيوم الموجودة لمحاولة إنتاج المزيد من الأمطار، وهي تقنية عادة ما تُستخدم في البلدان ذات المناخ الجاف.

إعصار ميلتون يصل إلى شاطئ فلوريدا، والعلماء يرصدونه في صور مذهلة من الفضاء

لكن جنوب شرق الولايات المتحدة كان قد تعرض بالفعل لكميات هائلة من الأمطار الناجمة عن إعصار هيلين، الذي تسبب في فيضانات مميتة في عدة ولايات قبل أسبوعين فقط.

تقول جيل تريبانييه، الخبيرة في الظواهر الجوية المتطرفة من جامعة ولاية لويزيانا: "نقوم بتلقيح السحب؛ بسبب عدم وجود ما يكفي من الهباء الجوي أو بخار الماء داخل الغلاف الجوي ليحدث التكثيف، لذلك نحاول إجباره من خلال تلقيح السحب".

تضيف تريبانييه: "فوق غرب خليج المكسيك وخليج كامبيتشي، هذه ليست مشكلة. فالأرض من تلقاء نفسها ستحدث الإعصار".

وألقى مستخدمون آخرون باللوم على "الهندسة الجيولوجية" - وهي مجموعة واسعة من الأساليب للتلاعب بالبيئة بهدف الحد من آثار تغير المناخ.

BBC منشور على منصة إكس يزعم كذباً أنه تم استخدام الهندسة الجيولوجية قبل إعصار ميلتون

ولكن لا توجد أدوات من شأنها أن تسمح للبشر بخلق عواصف مثل هذه العاصفة أو التحكم فيها.

تقول سوزانا كامارغو، من مرصد لامونت دوهرتي للأرض في جامعة كولومبيا: "لا استخدام المعرفة ولا التكنولوجيا الحالية يسمح للهندسة الجيولوجية بتعديل الأعاصير".

الأعاصير ظاهرة جوية طبيعية. وعادةً ما تبدأ على شكل ما يُعرف بالموجة الاستوائية -وهي منطقة منخفضة الضغط تتطور فيها العواصف الرعدية والسحب.

وبينما تدفع الرياح القوية هذا النظام بعيداً عن أفريقيا باتجاه الأمريكتين، يرتفع الهواء الدافئ الرطب من المحيط الأطلسي الاستوائي، ويبدأ نظام السحب والرياح بالدوران.

BBC

ومع وجود طاقة كافية من مياه المحيط الدافئة، بالإضافة إلى أنماط دوران مواتية في الغلاف الجوي، قد يشتد الأمر ليحدث إعصاراً كاملاً.

تشير منشورات خاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي -اطلع عليها فريق بي بي سي لتقصي الحقائق- إلى أن أعاصير مثل هذا الإعصار يتم استحداثها لأسباب شريرة، بما في ذلك محاولة التأثير على الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

هذه التأكيدات غير صحيحة، ولكن هناك صلة بينها وبين النشاط البشري، فالتغير المناخي يجعل هذه العواصف أكثر شدة بشكل عام.

كيف تنجو من الأعاصير؟

لا يُعتقد أن تغير المناخ - الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية - يؤدي إلى زيادة عدد العواصف الاستوائية في جميع أنحاء العالم.

لكن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من احتمال حدوث أقوى الأعاصير.

ويعني ذلك أنه عندما تصبح البحار أكثر دفئاً فإن هذه العواصف يمكن أن تكتسب المزيد من الطاقة، مما قد يؤدي إلى زيادة سرعة الرياح.

وقد اشتدت قوة إعصار ميلتون مع تحركه فوق خليج المكسيك، حيث كانت درجات حرارة سطح البحر أكثر دفئاً من المتوسط بنحو 1-2 درجة مئوية.

وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول، زادت سرعة الرياح من 90 ميلاً في الساعة (150 كم /ساعة) إلى 175 ميلاً في الساعة (280 كم /ساعة) خلال 12 ساعة فقط، وفقاً لبيانات المركز الوطني للأعاصير.

بالنسبة لبعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبر هذا التغيير المفاجئ بمثابة "دليل" يدعم اقتراحاتهم بأن هذه ليست عاصفة "طبيعية"، بل عاصفة من صنع البشر.

لكن هذا الاتجاه يتناسب مع التوقعات التي تشير إلى أن الأعاصير بشكل عام تزداد حدة في عالم يزداد حرارة.

لماذا لا ينبغي ضرب الأعاصير بالأسلحة النووية؟

تقول أندرا غارنر، الأستاذة المساعدة في جامعة روان في نيوجيرسي: "مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، نتوقع الكثير من التأثيرات المحتملة على الأعاصير التي يمكن أن تجعلها أكثر ضرراً - بما في ذلك القدرة على الاشتداد بسرعة أكبر فوق مياه المحيط الدافئة بشكل غير طبيعي".

كما اشتد إعصار هيلين -الذي ضرب فلوريدا قبل نحو أسبوعين - بسرعة فوق خليج المكسيك.

ووجدت دراسة جديدة صدرت، الأربعاء، أن درجات حرارة سطح البحر المرتفعة بشكل استثنائي فوق مساره قد ازدادت مئات المرات بسبب الاحتباس الحراري الذي تسبب فيه الإنسان.

ويوضح بن كلارك من مجموعة إسناد الطقس العالمي، التي قادت الدراسة، أن "إعصار هيلين كان أكثر تدميراً بشكل كبير بسبب تغير المناخ".

وإلى جانب الرياح القوية المعتادة، يؤثر تغير المناخ أيضاً على مخاطر الأعاصير الأخرى.

ويمكن للغلاف الجوي الأكثر دفئاً أن يحتفظ بالمزيد من الرطوبة -ما يصل إلى نحو 7 في المئة لكل درجة مئوية واحدة من ارتفاع درجة الحرارة. وهذا يعني أن هطول الأمطار يمكن أن يكون أكثر كثافة.

وخلال العقود الأخيرة ارتفعت مستويات سطح البحر في أنحاء العالم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير للاحتباس الحراري. وهذا يزيد من احتمالات أن تؤدي عاصفة ما إلى فيضانات ساحلية.

وفي فلوريدا، ارتفع متوسط مستوى سطح البحر بأكثر من 18 سم (7 بوصات) منذ عام 1970، وفقا لبيانات الحكومة الأميركية.

ما الذي تسبب فيه إعصار ميلتون حتى الآن؟كيف تنجو من الأعاصير؟لماذا لا ينبغي ضرب الأعاصير بالأسلحة النووية؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف