أخبار

أيقونة تاريخية

قيساريا: ماذا نعرف عن المدينة المُستهدَفة التي يُقيم فيها نتانياهو؟

شاطئ دور، شمال مدينة قيساريا
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في تطورٍ غير مسبوق، تعرّض منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مدينة قيساريا لهجوم نفذته طائرة مسيرة، وقد تبنى مسؤوليته حزب الله اللبناني، فيما بارك أبو عبيدة، الناطق الإعلامي باسم كتائب عز الدين القسام، العملية ووصفها بـ"النوعية".

في هذا التقرير، نُلقي الضوء على مدينة قيساريا، التي تحتضن منزل رئيس الوزراء، كما نتعرف على أبرز ما تتميز به هذه المدينة الساحلية من تاريخ وأهمية.

Getty Images قوات الأمن الإسرائيلية تقف بالقرب من حاجز في شارع يؤدي إلى مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في قيساريا في 19 أكتوبر 2024

تقع مدينة قيساريا على بعد 55 كيلومتراً شمال تل أبيب، وعلى بعد 37 كيلومتراً جنوب غرب حيفا، وترتفع عن سطح البحر 25 متراً، ولها أهمية إستراتيجية لإطلالها على البحر الأبيض المتوسط.

بلغ عدد سكان مدينة قيساريا عام 2024 نحو 5343 نسمة حسب موقع "جيو داتا"، وقدّر عدد سكانها عام 1922 بـ346 شخصاً، وارتفع عددهم عام 1945 إلى 1120، ووصل تعدادهم عام 1998 إلى 6839 نسمة.

تأسست مدينة قيساريا في البداية على أنقاض مدينة فينيقية قديمة تُعرف ببرج ستراتون، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وفي عام 90 قبل الميلاد، غزاها الملك ألكسندر جانيوس من مملكة الحشمونائيم، وظلت تحت السيطرة المحلية حتى استولى عليها الرومان عام 63 قبل الميلاد.

منح الملك هيرودس الكبير المدينة اسم "قيساريا" تكريماً للإمبراطور الروماني أغسطس قيصر، وقد شهدت المدينة ازدهاراً أكبر في عهد البيزنطيين، وفي القرن السابع، أصبحت المدينة تحت حكم المسلمين ضمن بلاد الشام.

ومع ذلك، بحلول القرن الحادي عشر، تمكن الصليبيون من السيطرة عليها وأعادوا تحصينها، وفي عام 1251 عزز الملك الفرنسي لويس التاسع دفاعات المدينة.

وبحلول القرن السادس عشر، توقف استخدام ميناء قيساريا وتعرض للدمار، ولم يعد له تأثير كبير، ومع بداية القرن التاسع عشر، بدأت مستوطنات حديثة بالظهور بالقرب من الموقع التاريخي، حتى تأسست مدينة قيساريا الحديثة عام 1952 كجزء من إسرائيل.

إسرائيل تعثر على كنز نادر قبالة ساحل قيساريةتل أبيب تشهد "أضخم مظاهرات" مناهضة للحكومة الإسرائيلية

ووفق مجلة هداسا الإسرائيلية، فإن أحياء قيساريا الأحدث عمراً تسكنها "جاليات من المهاجرين الأثرياء" من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا فضلاً عن أثرياء إسرائيل الجدد، ومن بينهم الأطباء ورجال الأعمال في مجال التكنولوجيا.

ورغم أن العديد من القصور الضخمة حديثة الطراز، فإن بعضها يبرز وجوده بزخارف مستوحاة من قصر الحمراء أو المعابد اليونانية.

وقد شهدت البلدة احتجاجات ضد حكومة نتانياهو، بعد أن اقترحت الإدارة إصلاحاً شاملاً للقضاء من شأنه أن يحد من قدرة المحكمة العليا الإسرائيلية على مراجعة وإلغاء القوانين التي تعتبرها غير دستورية.

وفي إحدى هذه الاحتجاجات ألقي القبض على 17 متظاهراً في قيساريا خارج منزل رئيس الوزراء، وكان المنتقدون يقولون إن التغييرات ستقوض استقلال القضاء وتهدد ديمقراطية إسرائيل.

Getty Images احتجاجات بالقرب من منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ماذا تقول اليونسكو عن المدينة؟

ازدهرت المدينة في العصر الهلنستي، وقد ذُكرت لأول مرة تحت اسم برج ستراتون، وفي عام 30 قبل الميلاد، مُنحت القرية لهيرودس، الذي بنى مدينة ميناء كبيرة في الموقع، وأطلق عليها اسم قيساريا.

وفي كتاب يوسيفوس "الحرب اليهودية" جاء: "واختار على الساحل مدينة مهجورة اسمها برج ستراتون... والتي كانت بفضل موقعها الملائم مناسبة لتنفيذ خططه الطموحة، وأعاد بناءها بالكامل من الحجر الأبيض وزينها بقصر ملكي فريد من نوعه".

كانت قيساريا مدينة مخططة، بشبكة من الطرق المتقاطعة، ومعبد، ومسرح، ومدرج، وأسواق، وأحياء سكنية، واستغرق بناؤها 12 عاماً، وأقيمت احتفالات كبيرة للاحتفال بإكمالها.

وبحلول عام 6 قبل الميلاد أصبحت المقرّ الرئيس للحكومة الرومانية، ولأنّ قيساريا لم يكن بها أنهار أو ينابيع، فقد تم جلب مياه الشرب للمدينة الرومانية والبيزنطية المزدهرة عبر قناة مائية عالية المستوى فريدة من نوعها، تنبع من ينابيع شوني القريبة، على بعد حوالي 7.5 كيلومتر شمال شرق قيساريا.

تتكون القناة من ثلاث قنوات، اثنتان منها أضيفتا أثناء استخدامها، وفي المناطق المنخفضة، كانت أقسام القناة تُحمل على أقواس (أركاديا).

كانت قيساريا بمثابة قاعدة للجيوش الرومانية التي قمعت الثورة الكبرى التي اندلعت في عام 66 قبل الميلاد، وهنا أُعلن قائدهم العام فيسباسيان قيصراً.

بعد تدمير القدس، أصبحت قيساريا المدينة الأكثر أهمية في البلاد، عاش الوثنيون والسامريون واليهود والمسيحيون هنا في القرنين الثالث والرابع الميلاديين.

من بين مواطنيها المشهورين الحاخام أباهو، وزعماء الكنيسة أوريجين ويوسابيوس، وخلال الفترة البيزنطية، ازدهرت المدينة، وامتدت على مساحة حوالي 400 فدان.

في نهاية القرن السادس، تم بناء سور محيطي، مما جعل قيساريا أكبر مدينة محصنة في البلاد، ثم أعيد تحصينها مرة أخرى في القرنين التاسع والثالث عشر من خلال الجيوش العربية والصليبية، وشهد أواخر القرن التاسع عشر بداية أول استكشاف علمي للموقع، حيث تم اكتشاف المدينة الصليبية والمسرح ومضمار سباق الخيل والقنوات المائية.

كما كشفت الاستكشافات الكبيرة التي جرت في الفترة من 1959 إلى 1964 عن تفاصيل المسرح وأجزاء من تحصينات المدينة والقناة المائية العلوية؛ بينما كشفت الدراسات اللاحقة عن أجزاء إضافية من المدينة الصليبية والحي اليهودي وأقسام القناة المائية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف