أخبار

صفقة إسرائيلية فرنسية.. لبنان مقابل رفض قرار الجنائية؟

لماذا توفر باريس لنتانياهو الحصانة من إعتقاله بأراضيها؟

أرشيفية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من باريس: أضافت باريس المزيد من الغموض بشأن إمكانية اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال زار فرنسا، بناء على مذكرة اعتقال صادرة ضده هو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

والخميس قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية إن قرار اعتقال نتنياهو من عدمه في حال دخوله الأراضي الفرنسية "لا يعود إلى الحكومة الفرنسية، وإنما إلى السلطة القضائية".

ويتنافى هذا التصريح مع بيان الخارجية الفرنسية، الأربعاء، الذي قال إن باريس لا تستطيع اعتقال نتنياهو، مشيرا إلى أنه "يتمتع بالحصانة من قرارات المحكمة الجنائية الدولية".

كما رد المتحدث باسم الخارجية، الخميس، على تقارير صحفية ربطت بين بيان وزارته الأربعاء ووقف إطلاق النار في لبنان.

فحسب صحيفة "هآرتس" وهيئة البث في إسرائيل، اشترطت إسرائيل على فرنسا أن تعلن الأخيرة رفضها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، مقابل السماح لها بالتوسط لوقف الحرب في لبنان.

لكن ثمة أسئلة تطرح نفسها بقوة؛ أهمها ثلاثة:
الأول: ما خلفيات الموقف الفرنسي الملتبس، خصوصاً أن باريس كانت من أولى الدول الداعية إلى إنشاء محكمة جنائية دولية؟ الثاني: كيف لباريس أن تبرر موقفها الراهن الامتناع عن اعتقال نتانياهو وهي التي ضغطت على جنوب أفريقيا من أجل القبض على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حال مشاركته في قمة "بريكس" صيف العام الماضي، وكلاهما زعيم دولة لم توقّع على إنشاء المحكمة الجنائية؟ الثالث: هل خضعت فرنسا لعملية ابتزاز من قبل إسرائيل أو من الولايات المتحدة؟

يقول مصدر سياسي فرنسي إن القرار الخاص بـ"نتانياهو &- غالانت" جاء من "السلطات العليا"؛ أي من "قصر الإليزيه" الذي "أخذ في الحسبان عاملين: الأول أن اليمين واليمين المتطرف وقفا وقفة رجل واحد ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية، وأن المجموعات الموالية لإسرائيل، من بينها (المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا) أعربت طوال الأيام السبعة الماضية عن رفضها قرار توقيف نتنياهو عادّةً أنه إجراء (معادٍ للسامية) ولدولة إسرائيل. والعامل الثاني هو رغبة ماكرون في (تطبيع) علاقاته بنتنياهو انطلاقاً من مبدأ أن القطيعة معه سوف تحرمه من قدرة التأثير عليه، خصوصاً بالنسبة إلى الوضع في لبنان".

تتعين الإشارة إلى أن نتانياهو رفض مشاركة فرنسا في لجنة الإشراف على قرار وقف إطلاق النار بلبنان إلى جانب الولايات المتحدة، ولم يتراجع عن الرفض إلا بعد اتصال هاتفي بين ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن الذي تدخل لدى نتنياهو لرفع "الفيتو" الإسرائيلي. يذكر أن الأخير حمل القاضي الفرنسي في المحكمة الجنائية الدولية مسؤولية صدور قرار الاعتقال بحقه. أما العامل الثالث، فقد كشفت عنه صحيفة "هايوم إسرائيل (إسرائيل اليوم)" نقلاً عن وزير إسرائيلي، ومؤداه أن ثمن مشاركة فرنسا في اللجنة المذكورة كان التنازل عن الالتزام بتنفيذ أوامر المحكمة الجنائية الدولية. ووفق هذا الوزير، فإن تل أبيب كانت "ستصر" على رفض فرنسا لو لم تخضع للمطلب الإسرائيلي. ولا حاجة إلى التذكير بالعلاقة المتوترة التي سادت بين ماكرون ونتنياهو والكلام الجارح الذي أطلقه الثاني بحق الرئيس الفرنسي أكثر من مرة، خصوصاً بعد أن دعا ماكرون إلى وقف تسليح إسرائيل، مما عدّه نتانياهو "عاراً" على فرنسا.

تتلطى باريس، في فذلكتها، وراء مادة غامضة وردت في "القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية". إلا إنها تجاهلت نص "المادة 27" الذي يقول بوضوح إن أحكامها "تنطبق على الجميع بشكل متساوٍ ومن غير أي تمييز مرده إلى الصفة الرسمية (للشخص المعني)". وتقول الفقرة الثانية من المادة نفسها إن "الحصانات أو القواعد المتعلقة بالصفة الرسمية للشخص؛ إنْ بسبب القانون الداخلي (للمحكمة)، أو القانون الدولي، لا تمنع المحكمة من ممارسة صلاحياتها إزاء الشخص المعني". وقانون المحكمة واضح تماماً ولا يوفر الحصانة لأي شخص خارج دولته؛ أكانت دولته وقّعت أم لم توقع على القانون الأساسي. ولكن باريس التي وجدت نفسها أمام الاختيار بين التزاماتها بقانون المحكمة، والتزاماتها الدولية، فضلت اختيار الثانية على الأولى لأسباب سياسية واضحة. لكن في المقابل، ووفق ما يقول سفير فرنسي سابق في المنطقة، فإن باريس، بقرارها الأخير، "ضربت بمصداقيتها عرض الحائط، خصوصاً أنها دأبت على تأكيد أنها لا تزن بميزانين ولا تكيل بمكيالين" في ما خص القانون الدولي وملاحقة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

في تصريحاته يوم الأربعاء، وضع جان نويل بارو، وزير الخارجية، ملف "نتانياهو &- غالانت" بيد القضاء الذي يعود إليه، عملياً، إصدار قرار القبض على الاثنين من عدمه. بيد أن بيان وزارته لم يعد يحتاج إلى أي تأويل؛ لأنه بالغ الوضوح؛ إذ كيف لباريس أن تسعى للقبض على نتنياهو بينما هي "عازمة على مواصلة العمل معه بشكل وثيق".

وكان لافتاً أن رئيسة مجلس النواب، يائيل براون بيفيه، المعروفة بصداقتها لإسرائيل، لم تتردد في تأكيد أن فرنسا، بصفتها موقّعة على "القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، "يتعين عليها تطبيق القواعد و(القرارات) المعمول بها" وبالتالي توقيف نتنياهو وغالانت في حال قدومهما لفرنسا. لكن النصوص القانونية يمكن تسخيرها وتفسيرها بشكل يخدم المصالح الآنية للدولة أكانت موقّعة أم غير موقّعة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف