بعد انتظار دام منذ عام 2016
المغرب: لجنة قطاعية في مجلس النواب تصادق على مشروع قانون الاضراب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرباط : صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان ) ، صباح اليوم الأربعاء ، بالغالبية على مشروع القانون التنظيمي الخاص بشروط وكيفية ممارسة حق الإضراب، بموافقة 22 نائبا ومعارضة 7 آخرين.
بيد أن مصادقة اللجنة البرلمانية تعد مرحلة أولى في أفق استكمال المسطرة التشريعية ونشره بالجريدة الرسمية حتى يتم إخراج مشروع القانون لحيز الوجود.
وبالموافقة على مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب من طرف أعضاء اللجنة البرلمانية، أحال رئيس اللجنة النيابية ، حميد نوغو، تقريرا مفصلا يتضمن كل جلسات المناقشات، ونتيجة التصويت على مشروع القانون ، على مكتب مجلس النواب لبرمجته من أجل المناقشة والتصويت في الجلسة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدها سيحال مشروع القانون على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان ).
وبعد أن ينتهي مجلس المستشارين من عملية المصادقة، سيحال المشروع للمرة الثانية على مكتب مجلس النواب، إما لإرساله إلى الأمانة العامة للحكومة أو إلى المجلس الدستوري، في حالة لم تدخل الغرفة الثانية تعديلات جوهرية عليه، أما إذا أدخل أعضاء مجلس المستشارين تعديلات قد تغير من بعض أهداف القانون، فإن مكتب مجلس النواب سيبرمج جلسة عمومية لإجراء قراءة ثانية لمشروع القانون بهدف المصادقة النهائية عليه.
جانب من جلسة لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب المغربي صباح الاربعاء
وكان يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ومعه كاتب الدولة ( وزير دولة) المكلف الشغل ، هشام صابري، قد تابعا أطوار المناقشة باللجنة والتفاعل مع التعديلات التي تقدمت بها الفرق النيابية، حيث تم قبول حوالي 334 تعديلا، شملت ديباجة القانون التنظيمي بهدف توضيح الأسس المرجعية للمشروع، وإضافة تعريفات ومجالات التطبيق، كما شملت التعديلات المقبولة من طرف الحكومة حذف المادة 5 من المشروع، التي كانت تمنع الإضراب لأهداف سياسية، واستبدالها بصياغة تمنح مزيدا من الحرية في الدعوة للإضراب ضمن إطار قانوني منظم، مع تحديد معايير ممارسة الإضراب في المرافق الحيوية منها المستشفيات، ووسائل النقل، والمرافق القضائية، لضمان استمرارية المرفق العمومي وحد أدنى من الخدمة حماية للمواطنين. كما شمل التعديل المادة 12 من المشروع المتعلقة بضبط آجال وشروط الإضراب في القطاعين العام والخاص، وحذف المواد ذات الطابع العقابي واستبدالها بمقتضيات تركز على حماية العمال وأصحاب العمل، مع إلغاء العقوبات الحبسية.
التزام حكومي بالتفاعل مع التعديلات بروح إيجابية
وقال الوزير السكوري، في تصريح له، إن المصادقة على مشروع القانون التنظيمي باللجنة يعكس التزام الحكومة بالتفاعل مع التعديلات المقترحة بروح إيجابية،مشيرا إلى تقليص مواد مشروع القانون من 49 إلى 35 مادة .
وتمكنت الصيغة المعدلة للقانون من تحقيق التوازن بين حقوق العمال ومتطلبات التنمية الاقتصادية، مع تحديد مسؤوليات الجهة الداعية للإضراب، حيث أصبحت مطالبة بتأطير المشاركين قبل وأثناء سريان الإضراب، وتنسيق الجهود مع المشغل لتحديد الأنشطة الحيوية التي يجب استمرارها حفاظًا على المصالح الأساسية، مع اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة العمال وصيانة الممتلكات والتجهيزات.
ويعكس مشروع القانون الجديد توجها نحو تعزيز الحوار الاجتماعي عبر إشراك المركزيات النقابية (الاتحادات العمالية )والفرق البرلمانية في صياغته لتحقيق التوافق وإرساء مناخ اجتماعي مستقر يدعم الإنتاجية ويضمن حقوق الطبقة الشغيلة.كما يسعى مشروع القانون الجديد إلى تحقيق ثلاثة أهداف محورية، تتمثل في حماية حقوق العمال، باعتبارهم الشريحة الأهم في معادلة العمل، وصيانة الآلة الإنتاجية بما يحمي الاقتصاد الوطني من تداعيات الإضرابات غير المنظمة، وضمان سلامة المواطنين من خلال تأمين حد أدنى من الخدمة في المرافق الحيوية.
رحلة قانونية طويلة: من التعثر إلى التوافق
تسبب مشروع القانون التنظيمي للإضراب في تشنجات اجتماعية في عهد الحكومة التي ترأسها حزب العدالة والتنمية( مرجعية إسلامية) ، ورفض الاتحادات العمالية مضامينه المتعلقة بتنظيم هذا الحق الدستوري بما يوازن بين حقوق العمال واستمرارية الأنشطة الاقتصادية والخدمات الحيوية، إلى حين اقتناع الفرقاء الاجتماعيين بهذا المشروع بعد إدخال تعديلات عليه بالتوافق مع الحكومة الحالية.
يذكر أن مشروع القانون دخل البرلمان لأول مرة في عام 2016، لكنه واجه عقبات كبيرة بسبب التباين في وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين والاجتماعيين. وظل المشروع معلقاً طيلة هذه السنوات، ليعود إلى الواجهة مع مجيء الحكومة الحالية، التي أدخلت تعديلات جوهرية عليه استجابة لتوصيات النقابات والمجتمع المدني ومؤسسات دستورية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.