تباين صارخ في قوانين تعدد الزوجات والطلاق بالثلاث والميراث بنصف الحصة
محاكم الشريعة الإسلامية تثير الجدل في بريطانيا.. أين حقوق المرأة؟
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هذا الاستخدام للتكنولوجيا يكشف فجوة عميقة في المساواة، حيث يتيح للرجل حقوقًا تتجاوز تلك التي تحصل عليها المرأة. المثال الأبرز هو تخصيص نصف الميراث فقط للبنات مقارنة بالأبناء (للذكر مثل حظ الأنثيين)، ما يعكس استمرار هيمنة بعض الممارسات التقليدية في مجتمع يحاول المواءمة بين القيم الدينية والقوانين المدنية.
"طلاق بالثلاث" يقابله سنوات من الانتظار
أكثر ما يثير القلق هو الفجوة الواسعة بين حقوق الرجل والمرأة في مسائل الطلاق. يستطيع الرجل إنهاء زواجه بمجرد النطق بكلمة "طالق" ثلاث مرات، مما يسلط الضوء على التناقض الصارخ في الإجراءات الدينية القائمة على أساس الجنس، إذ يتوجب على المرأة اللجوء إلى المجالس الشرعية، التي تُشترط موافقتها لإنهاء الزواج.
وتتولى هذه المجالس، التي تعمل كهيئات غير رسمية، البت في النزاعات الزوجية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، لكنها تتسبب في مشكلات معقدة، لا سيما أن عددًا كبيرًا من الزيجات الإسلامية &- حوالي 100,000 زيجة &- غير موثق رسميًا لدى السلطات المدنية.
وغالبًا ما تتطلب هذه الزيجات أحكامًا دينية لفسخها، لا سيما بالنسبة للنساء اللاتي يجب عليهن الحصول على موافقة المجالس الشرعية للطلاق.
وتتمتع المجالس بسلطة دينية لإنهاء الزواج بناءً على طلب الزوجة إذا كان زوجها غير راغب في الطلاق، على الرغم من أن هذه العملية تختلف بشكل كبير عن الإجراءات المدنية. هذا الوضع يترك النساء عرضة لمواقف ضعف قانونية واجتماعية، حيث لا يتمتعن بالحماية القانونية التي توفرها الزيجات المسجلة رسميًا لدى السلطات البريطانية.
شهادات نسائية.. واستغلال للنصوص الدينية
شهادات صادمة ألقت الضوء على التجارب التي مرت بها بعض النساء في تعاملاتهن مع هذه المجالس. تحدثت نساء لـ"جي بي نيوز" عن استغلال النصوص الدينية، حيث يستشهد بعض الرجال بالأحاديث النبوية للسيطرة عليهن ولإجبارهن على البقاء في زيجاتهن أو قبول ترتيبات غير تقليدية.
إحدى النساء وصفت شعورها بالإهانة والضيق بعد أن اقترح عليها أحد علماء الدين الدخول في "زواج المتعة"، وهو نوع من الزواج المؤقت المثير للجدل الذي يقره الدين الإسلامي.
وفي حالات أخرى، استخدم رجال الدين نصوصًا دينية لإقناع النساء بالموافقة على علاقات جنسية أو إعاقة عملية الطلاق.
محاولات لتنظيم المجالس الشرعية
وسط هذه التحديات، ظهرت دعوات متزايدة لتنظيم عمل المجالس الشرعية وتحسين معاييرها. جمعية شبكة النساء المسلمات الخيرية تقود مبادرة لإطلاق مدونة سلوك بحلول عام 2025. تهدف المدونة إلى تعزيز الشفافية واحترام قانون المساواة، مع تحديد التكاليف والإجراءات والأطر الزمنية. هذا المشروع يستند إلى أبحاث قادتها الدكتورة رجنارا أختر، التي أكدت أهمية التزام المجالس بهذه المعايير لتحسين تجربتها للمجتمع.
لكن المدونة، رغم كونها خطوة إيجابية، ليست إلزامية. يبقى على كل مجلس اختيار الالتزام بها، ما يثير تساؤلات حول فعاليتها في ظل غياب قوانين صارمة تلزم الجميع.
انتقادات لاذعة من الجمعيات الحقوقية
في خضم هذا الجدل، أبدت الجمعية العلمانية الوطنية مخاوفها من تأثير المجالس الشرعية على قيم العدالة في بريطانيا.
في هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي للجمعية ستيفن إيفانز إن هذه المجالس "تقوض مبدأ قانون واحد للجميع"، مشيرًا إلى أن وجودها مرتبط بالتمييز ضد المرأة وينعكس سلبًا على حقوق المرأة والطفل.
وأضاف إيفانز: "يجب أن نتذكر أن المجالس الشرعية موجودة فقط لأن النساء المسلمات بحاجة إليها للحصول على الطلاق الديني. أما الرجال المسلمون فلا يحتاجون إلى المجالس الشرعية للحصول على الطلاق، بينما النساء المسلمات يجدن أنفسهن عالقات في زيجات لا يمكن إنهاؤها بسهولة".
هيثم الحداد ومواقف مثيرة للجدل
كانت إحدى أبرز المحاكم الشرعية في بريطانيا من تأسيس الشيخ هيثم الحداد، وهو شخصية جدلية أثارت الكثير من الانتقادات بسبب آرائه المثيرة وتصريحاته العلنية. الحداد، الذي يُعتبر من أبرز العلماء المسلمين في بريطانيا، كان من بين مجموعة من علماء الدين الذين زاروا طالبان بعد استعادتها السيطرة على أفغانستان، مما زاد من الجدل المحيط به. "لا ينبغي أن يُسأل الرجل عن سبب ضربه لزوجته لأن هذا شيء بينهما. دعهما وشأنهما. يمكنهما تسوية أمورهما فيما بينهما." - هيثم الحداد وفي عام 2009، خلال محاضرة على الإنترنت تناولت أسباب فشل الزواج، أدلى الحداد بتصريح أثار صدمة واسعة، حيث قال: "لا ينبغي أن يُسأل الرجل عن سبب ضربه لزوجته لأن هذا شيء بينهما. دعهما وشأنهما. يمكنهما تسوية أمورهما فيما بينهما". عندما طُلب منه توضيح هذه التصريحات في مقابلة مع صحيفة "التايمز"، قال الحداد إنه لم يكن يعلم أن من الواجب عليه تجنب الإجابة على مثل هذه الأسئلة. وبدلًا من ذلك، أوضح أن هدفه كان التركيز على أهمية الحفاظ على العلاقات الزوجية وحل المشكلات داخل الأسرة.
موقف الحكومة البريطانية
رغم النقاش المحتدم، تحافظ الحكومة البريطانية على موقفها الواضح: الشريعة الإسلامية ليست جزءًا من النظام القانوني في إنجلترا وويلز. وأكد متحدث باسم الحكومة البريطانية على أهمية الزيجات المعترف بها قانونًا، مشيرًا إلى أنها توفر "الحماية والأمن والدعم" الأساسيين للأزواج في المملكة المتحدة. وفي عهد رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، كلّفت الحكومة بإجراء مراجعة مستقلة حول عمل هذه المجالس، وسط مخاوف من تأثيرها على النساء وحقوقهن. لكن الحكومة تراجعت عن تطبيق توصيات المراجعة، بحجة أن التنظيم الرسمي قد يُفسَّر على أنه إضفاء شرعية على هذه المجالس كبدائل قانونية للنظام القضائي البريطاني. ودعت الحكومة الأزواج المسلمين إلى تسجيل زيجاتهم رسميًا لضمان الحماية القانونية. كما أعلنت عن خطط لتقوية حقوق "المساكنة"، وهي العلاقة التي تقوم على العيش تحت سقف واحد دون زواج، وهو إجراء يهدف إلى سد الثغرات القانونية التي تضر النساء بشكل خاص. وقد سبق للبارونة كوكس، وهي عضوة في مجلس العموم البريطاني، أن حاولت معالجة هذه القضايا من خلال مشروع قانون خاص للأعضاء يهدف إلى حماية النساء من التمييز الذي يعاقب عليه الدين. ووصفت كوكس المجالس الشرعية بأنها "نظام شبه قانوني بديل سريع التطور".
مبادرات جديدة لتحسين المعايير
مع تعثر الجهود السياسية، لجأت بعض الجهات إلى العمل المستقل لتحسين أداء المجالس الشرعية. تقود جمعية شبكة النساء المسلمات الخيرية مبادرة جديدة لإطلاق مدونة سلوك متطورة بحلول عام 2025.
تستند هذه المبادرة إلى بحث أكاديمي أجرته الدكتورة رجنارا أختار، الأستاذة المشاركة في جامعة وارويك. تهدف مدونة السلوك إلى وضع معايير جديدة تحكم عمل المجالس، بما يشمل احترام قانون المساواة، وضمان الشفافية في عملية اتخاذ القرار، والإفصاح عن التكاليف والإجراءات الزمنية بشكل واضح. أكدت أختار أن المدونة ستركز على توجيه النساء نحو المجالس التي تتبنى هذه المعايير، لكنها أشارت أيضًا إلى أن الالتزام بها سيكون طوعيًا، مما يجعل نجاح المبادرة مرتبطًا برغبة المجالس في تحسين أدائها.
محاكم الشريعة في بريطانيا تمثل تحديًا مزدوجًا: فهي جزء من حرية الممارسات الدينية، لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على التناقض بين القيم التقليدية والقوانين الحديثة. ومع استمرار الجدل، تبرز الحاجة إلى إصلاحات شاملة تحمي حقوق المرأة دون المساس بحرية العقيدة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف