أخبار

رحلة قديمة بدأت من الصحراء

لماذا تكره القطط الماء؟ العلم يشرح أسباب الفوبيا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: كل من يعيش مع قطة مرّ بمشهد كهذا: تمشي قطتك على حافة حوض الاستحمام وكأنها تتزلج على سلك رفيع، تنظر إلى الستارة بتوجس، تتعثر، تسقط في الماء، وتختفي في لحظة خاطفة لا تترك سوى بقع مبللة وعيون مذهولة.

فما الذي يجعل معظم القطط تنفر من الماء؟ وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة Popular Science (PopSci)، فإن هذا النفور ليس مجرد سلوك شائع، بل يعود إلى جذور تطورية وسلوكية وبيولوجية عميقة، يمكن تتبعها إلى آلاف السنين في الماضي.

عودة إلى الأصل
تقول كريستين فيتال، الباحثة في سلوك الحيوان لدى مركز Maueyes Cat Science and Education، إن "معظم القطط بطبيعتها تميل إلى تجنب الماء"، لكنها تؤكد في الوقت نفسه: "كما هو الحال مع البشر، لا تنطبق القاعدة على الجميع".

لفهم السبب، توضح فيتال أن سلوك القطط المنزلية لم يبتعد كثيرًا عن سلوك أسلافها البرّية، بخلاف الكلاب التي تم تهجينها لآلاف السنين. فالقط البري الإفريقي (Felis silvestris lybica)، السلف المباشر للقط المنزلي، لا يحب الماء، ولا يقترب منه إلا اضطرارًا.

تقول فيتال: "هذه القطط كانت تصطاد على اليابسة وتعيش في مناطق قاحلة مثل الصحارى والسافانا. لم تكن تحتاج إلى مهارات مائية، وبالتالي لم تطوّر سلوكيات تكيّف مع الماء".

عاش هذا النوع من القطط في الهلال الخصيب الممتد من شمال مصر إلى إيران، ما يفسر عزوف أحفاده المعاصرين عن الغطس أو السباحة.

تأثير التربية
لكن العامل الوراثي ليس وحده ما يحدد علاقة القطة بالماء، بل طريقة التربية والتنشئة المبكرة تلعب دورًا محوريًا. تقول فيتال: "إذا نظرنا إلى الكلاب، نلاحظ أن أصحابها يأخذونها إلى الشاطئ أو إلى الحمام منذ سن مبكرة، ما يجعل الماء جزءًا من حياتها الطبيعية".

وتتابع: "أما القطط، فنادرًا ما يتم تعريضها للماء مبكرًا. في كثير من الأحيان، يكون أول تفاعل لها مع الماء تجربة سلبية، مثل السقوط في حوض الاستحمام أو حمام إجباري بعد التعرض لرائحة كريهة".

هذه التجارب، بحسب فيتال، يمكن أن تؤدي إلى "رهاب مائي دائم".

قطط استثنائية
رغم ذلك، لا ينطبق النفور من الماء على جميع القطط. بعض القطط تُظهر فضولًا أو حتى استمتاعًا بالماء، خصوصًا إذا كانت تجاربها الأولى إيجابية.

تقول فيتال إن "التجربة الشخصية تلعب دورًا كبيرًا. إذا ارتبط الماء بلحظة ممتعة، قد تسعى القطة إلى تكرارها. بعض القطط تحب مراقبة الماء من الصنبور، أو مدّ أقدامها للعب في النافورة".

وقد أوردت PopSci مثالًا على قطة مشهورة على تيك توك تُدعى "بيم ذا شاور كات"، والتي تُعرف بولعها بالاستحمام مع أصحابها.

لا للاستحمام
رغم الفضول الذي قد يُبديه البعض، توصي فيتال بعدم تحميم القطط دون داعٍ، موضحة: "القطط تنظف نفسها بفعالية عبر لسانها الخشن، واستحمامها قد يؤدي إلى نتائج عكسية".

وتشرح: "عند استخدام الشامبو المعطّر، يتم حجب رائحة القطة الطبيعية التي تمنحها شعورًا بالأمان. هذا قد يؤدي إلى توتر، بل وحتى قلق مزمن".

كما أن تبليل شوارب القطة قد يؤثر سلبًا على قدرتها على قراءة الاهتزازات والتوازن، وهي وظائف حسية أساسية في سلوك القطط اليومي.

خطوات للتأقلم
لأصحاب القطط الراغبين بتعريفها على الماء دون صدمة، تقترح فيتال أسلوب "التدرج الهادئ". "ابدأ مثلًا بنافورة ماء منزلية، دَع القطة تكتشفها بنفسها، تلمس الماء بأقدامها، أو تُبلل ذيلها قليلاً".

كما يمكن ربط الماء بلحظات إيجابية: "عندما تقف القطة بجوار المغسلة، شغّل الماء برفق، رش قليلًا على يدك، وربّت عليها. راقب رد الفعل، وإن شعرت بانزعاجها، تراجع وعد لاحقًا بخطوة أبسط".

لكل قطة شخصيتها
تختم فيتال حديثها مع PopSci بالقول: "بعض البشر يحبون السباحة، وآخرون يخشونها. القطط كذلك، كائنات فردية بكل معنى الكلمة، ولكل منها تجربته ونمطه الخاص في التفاعل مع العالم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف