الارتقاء، التسهيل والتوطيد لشراكة استراتيجية فاعلة
زيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن: لحظة محورية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الثلاثاء أول زيارة له إلى البيت الأبيض منذ سبع سنوات، مُمثلاً بذلك لحظة محورية لإعادة بناء العلاقات الأميركية السعودية وتعزيز شراكة محورية لمصالح الأمن والطاقة.
صرح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، خلال حديث في جلسة سرية، لقناة (فوكس نيوز ديجيتال) بأن الاتفاقيات المتوقعة ستشمل استثمارًا بمليارات الدولارات في البنية التحتية الأميركية للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، ومبيعات دفاعية تهدف إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين.
وأضاف المسؤول أن الزيارة ستركز أيضًا على الوفاء بتعهد السعوديين باستثمار 600 مليار دولار من خلال عشرات الاستثمارات المستهدفة في القطاعات الأميركية الرئيسية.
حماس كبير
وفي حين تُعتبر الزيارة تاريخية. قال عزيز الغشيان، المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة نايف العربية بالرياض، إن هناك "حماسًا كبيرًا. لقد أكد السعوديون أنهم ليسوا معزولين في المنطقة... لقد عادوا من جديد من خلال الأبواب المفتوحة والباب الأمامي".
وأضاف أن هذه اللحظة تعكس تحولًا أوسع في فهم السعوديين لمكانة بلادهم في العالم. ووفقًا للغشيان، فإن تعليقات ترامب الودية المتكررة حول ولي العهد والمملكة تُسهم أيضًا في الشعور بأن الرياض تعود إلى واشنطن بقوة.
أبرز الشركاء
ومن جهته، صرح جاكوب أوليدورت، مدير الأمن الأميركي في معهد أميركا أولاً للسياسة، لقناة فوكس نيوز ديجيتال بأن "المملكة العربية السعودية من أبرز شركائنا في المنطقة"، واصفًا الزيارة بأنها "متأخرة جدًا، وهي إعادة ضبط للعلاقات".
وحيث تتمحور الزيارة حول الاتفاقية الأمنية الأميركية السعودية الناشئة. وصف الغشيان هدف الاتفاقية بثلاث كلمات: "الارتقاء، والتسهيل، والتوطيد".
وبرأي الغشيان، تهدف الاتفاقية إلى "الارتقاء بالعلاقة السعودية الأميركية"، وتحويلها مما أسماه "شراكة استراتيجية" إلى تحالف أمني أكثر رسمية. ورغم أنها ليست معاهدة كاملة، وهو ما سعت إليه الرياض سابقًا، إلا أنها ستمثل أهم تطوير للعلاقة منذ عقود. وقال إن لهذا التحول مبررًا سياسيًا داخليًا في واشنطن، مجادلًا بأن إدراجها ضمن فئة "التحالف" "يساعد في جعل السعودية قضية تحظى بإجماع الحزبين، وليس بالضرورة مجرد إرث ترامب".
وأضاف الغشيان أن السعودية ترغب في إتمام أكبر قدر ممكن من الاتفاق الآن. وقال: "يشعر السعوديون... بإلحاح للحصول على أكبر قدر ممكن من إدارة ترامب قبل أن تتعقد هذه الصفقات في الإدارة القادمة".
التعاون النووي
ويمتد هذا الإلحاح ليشمل التعاون النووي، حيث أوضحت السعودية أنه على الرغم من وجود الصين وكوريا الجنوبية كبدائل، إلا أنها تفضل البرنامج الأميركي.
وقال إن "المملكة العربية السعودية تريد حقا التعاون النووي الأميركي لأنه يضيف المزيد من الأمن"، مضيفا أن الرياض لن "تنتظر إلى الأبد" إذا أصبحت الظروف مقيدة للغاية لكنها ترى الموقف الأميركي الحالي بمثابة انفتاح.
حزم سعودي: شرق أوسط متغير
وقال أوليدورت إن السعودية كانت "حازمة للغاية" فيما تتوقعه في شرق أوسط متغير: اتفاقية دفاعية وتحرك نحو إقامة دولة فلسطينية.
واستذكر سماعه مسؤولًا سعوديًا رفيع المستوى يقول مؤخرًا: "لن يكون هناك تكامل إقليمي بدون دولة فلسطينية"، وهو موقف يعكس الموقف العلني الراسخ للمملكة بأن الاعتراف بإسرائيل لن يتحقق إلا بعد إيجاد مسار موثوق به نحو إقامة دولة فلسطينية.
مع ذلك، قال أوليدورت إن التطبيع الكامل بين السعودية وإسرائيل قد لا يكون ضروريًا في الوقت الحالي لتحقيق أولويات الولايات المتحدة. وأضاف أن التطبيع "ليس بالضرورة أن يكون الأولوية العاجلة"، وأشار إلى أن "تعميق التعاون، ولكن دون التطبيع الكامل"، قد يكون ممكنًا إذا رأى الجانبان قيمة في تكامل أمني أوثق.
اعمار غزة ورحيل حماس
ويكتسب هذا المنظور أهمية خاصة بالنظر إلى الحرب في غزة وموقف الرياض من إعادة الإعمار. كما أشار الغشيان، فقد صرّحت السعودية بأنها "لن تُعيد الإعمار إلا بعد رحيل حماس وانسحاب إسرائيل"، وهو موقفٌ يضع المملكة في موقفٍ مُخالفٍ لأي خطةٍ مُتسرّعةٍ لما بعد الحرب، ويرى أنه يترك المنطقة "في منطقةٍ حرام".
وإذ ذاك، يُضيف قرار ترامب بالموافقة على بيع طائرات إف-35 للسعودية بُعدًا آخر. فقد طلبت السعودية رسميًا ما يصل إلى 48 طائرة من الجيل الخامس، مما يجعلها أكبر مُشترٍ مُحتملٍ لطائرات إف-35 خارج حلف الناتو، وأول دولةٍ عربيةٍ بعد الإمارات العربية المتحدة تتسلمها.
الذكاء الاصطناعي
وإلى جانب الدفاع، تُركّز الزيارة أيضًا على التكنولوجيا. تسعى المملكة العربية السعودية جاهدةً للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي الأميركية المتقدمة، وترسيخ مكانتها كمركز عالمي للبيانات والطاقة.
وقد صاغ أوليدورت المسألة بصراحة، قائلاً إن التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي مع المملكة العربية السعودية أولوية استراتيجية لواشنطن، لأن "الولايات المتحدة في سباق مع الصين"، وحذّر من أنه "إذا لم نحقق ذلك، فسنكون في مجال تهيمن عليه الصين".
يعكس هذا الرأي التقييم الأميركي الأوسع بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي - من سعة مراكز البيانات إلى الوصول إلى أشباه الموصلات - لا ينفصل عن منافسة القوى العظمى.