عبد الرحمن الراشد: فضائية من الزكاة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في الأزهر ضجة وصلت الى البرلمان حول كيف يمكن ان تمد اليد الى مال الفقراء واليتامى لتأسيس محطة تلفزيون، ولماذا؟ من أجل الدفاع عن الاسلام في وجه الحملة الشرسة ضده في الغرب، او هكذا يقولون.
ولا بد ان نقول ان جامعة الأزهر لها الحق ان تملك محطة اذاعة او تلفزيون، ولعلها اجدر من غيرها بهذه الوسيلة كونها مؤسسة اشتهرت بالاعتدال اكثر من غيرها، رغم وجود جيوب فكرية متطرفة داخلها تحاول الحديث باسمها بين الفينة والفينة.
فان شاءت جامعة الأزهر ان تخاطب العالم وتزاحم في سوق الفضاء فهي اجدر من غيرها لكنها ترتكب خطأ كبيرا ان مدت يدها الى كيس الزكاة او الصدقات من اجل تنفيذ هذا المشروع ومثله. والحقيقة نحن لا نفهم ما الذي ابتلى المؤتمنين على اموال الناس، هبات وغيرها، لينفقوها خارج ما جمعت من اجله. وهذه بكل أسف افكار استنسختها بعض المؤسسات الدينية الاسلامية عن مثيلاتها المسيحية في الغرب، والتي نقلت عنها امورا عديدة أخرى ليس هذا مكان ذكرها. فالعديد من الكنائس الكبيرة التي تنادي وتجمع التبرعات باسم حاجة الفقراء والكوارث في انحاء العالم ثبت من التحقيقات انها تنفقه على مديريها واجهزتها التنفيذية مع تنفيع وسائط الشحن ومؤسسات الدعاية وفي النهاية لا يصل للمحتاج الا فتات الخبز. ولكم ان تتصورا ما يحدث اليوم في المجتمعات الاسلامية الشيء نفسه بعد أن طورت آلية استجداء التبرعات باسم الصدقات وغيرها مماثلة للمسيحية. فالمؤسسات الاسلامية صارت تسكن في مباني فخمة وتدفع مرتبات كبيرة لموظفيها وتنفق اموالا ضخمة على حملات دعائية الى جانب الخدمات الاخرى. لهذا لم يعد يحتمل الأمر عندما بدأ مد اليد الى اموال الزكاة من اجل تأسيس محطة تلفزيون أخرى او مواقع إلكترونية او مخيمات طلابية او اشرطة كاسيت او طباعة ملايين المطويات. يجري تبديد اموال الخبز في حين أن اصحاب الحاجة من المسلمين، وللعلم فاكثر فقراء العالم هم مسلمون، لا يصلهم الا نقطة من بحر التبرعات.
ولا أعتقد أن جامعة الأزهر تعجز عن تأمين محطة تلفزيونية من خلال ادارة مواردها بشكل أفضل خاصة ان موضوعاتها لا تتطلب امكانيات فنية هائلة. وسبق ان نقل عنها توضيح يقول انها تنوي «ان تجعل قناتها الفضائية الجديدة قناة غير تقليدية من خلال معالجتها لبعض القضايا الاسلامية التي اثارت العديد من الجدل في الوقت الراهن مثل: ختان الاناث ونقل الاعضاء وتولي المرأة للقضاء وفوائد البنوك والاستنساخ». وعلى أية حال لا يحق لأحد أن يحجر على رأي الأزهر والمحطات المشابهة تملأ الفضاء بأحاديثها عن واجب المرأة في طاعة زوجها وغيرها من القضايا، انما نفترض الا يأتي الثمن من اموال الزكاة والصدقات.