جريدة الجرائد

د.عبدالواحد الحميد: إيران.. والفخ العراقي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ستكون إيران في منتهى الغباء إذا ما حاولت استثمار الوضع المضطرب في العراق لفرض واقع تعتقد أنه يخدم مصالحها.. فمصالح إيران الحقيقية والمستديمة هي أن ينهض العراق من كبوته وأن يكون وطناً آمناً مستقراً تتوفر فيه العدالة والطمأنينة لجميع مواطنيه.. لا أن تدس أنفها في شؤونه وتصب الزيت على النار.
ان المغريات السياسية في المدى القصير قد تربك صانع القرار الإيراني فتصور له الأوضاع الحالية في العراق على انها تمثل فرصة مواتية لمد النفوذ الايراني والإخلال بالتوازنات المحلية داخل العراق.. الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة ما كانت عليه الأوضاع غداة قيام الثورة الايرانية عندما تصور البعض في إيران ان بالإمكان تصدير الأفكار الايرانية، أو ما سمي ب«تصدير الثورة الايرانية».. لكن ما حدث هو أن إيران وجدت نفسها تغوص في مستنقع الحرب مع العراق.. وفي النهاية لم تستفد إيران ولا العراق، فقد خسرتا ملايين القتلى والجرحى ومئات المليارات من الدولارات!!

قد تبدو الأوضاع الحالية في العراق مغرية لإيران كي تفرض ما تريده. لكن إيران ستكتشف انها ارتكبت أفدح خطأ.. وهي إذا كانت تود ان تلعب بالورقة الطائفية فسوف تجد نفسها - بعد حين - أمام الحسابات القومية للعراقيين.. فالشيعي العراقي هو عربي مثلما السني العراقي عربي.. وعراق ما بعد سقوط صدام ليس هي نفس العراق التي كان يحكمها صدام.. فالذين عارضوا صدام وعملوا على إسقاطه ليسوا شيعة العراق فقط بل سنّة العراق أيضاً.. بغض النظر عن عشيرة هنا أو بلدة هناك تتعاطف مع صدام لسبب أو لآخر..

إن أول ما سينجم عن هيمنة إيران على العراق هو تأجج الفتنة والحروب الأهلية في العراق.. وإذا ما اشتعلت النيران في العراق فسوف يمتد اللهب إلى إيران.. وستجد إيران نفسها في دوامة العنف مجدداً.. وسوف تنصرف عن البناء والتنمية إلى الحروب والإنفاق العسكري الضخم.. وهذا ليس في صالح إيران قبل أن يكون في غير صالح العراق أو المنطقة برمتها..

أما الأمر الآخر فهو ان إيران قطعت شوطاً جيداً للتصالح مع الأقطار الخليجية، وبدأت الصورة الذهنية السلبية عن إيران تتبدد بالتدريج لتحل محلها صورة جديدة لإيران هي صورة الشقيقة المسلمة والجارة القريبة التي تجمعنا بها هموم مشتركة.. وسوف يكون من الخسارة أن يذهب الجهد الكبير الذي بُذل لتغيير الصورة السلبية سدى بسبب الوضع العراقي الحالي الذي لا يمكن لطرف وحيد ان يكسبه مهما كانت طموحاته وأوهامه!

إن جرس الإنذار الذي أطلقه الأمير سعود الفيصل حري بأن يُسمع في طهران قبل أي عاصمة أخرى.. فإيران تجرعت الكثير من المرارات والغصص ولا أظن ايرانياً واحداً يتمنى العودة إلى الظروف الصعبة التي عاشتها إيران خلال الثمانينيات.. وقد كانت العراق هي الفخ الذي سقطت فيه إيران في ذلك الوقت.. فحذارِ من السقوط مرة ثانية!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف