أمريكا: طريقة سوفياتية في انتحار كنعان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دمشق مستعدة للتعاون أمنياً مع واشنطن:
ندعم العملية السياسية في العراق
واشنطن – من هشام ملحم:
استحوذ خبر "انتحار" وزير الداخلية السوري غازي كنعان على اهتمام كبير من المسؤولين الاميركيين المعنيين بالشرق الاوسط، الذين لم يخفوا، نظرا الى الظروف والملابسات الغريبة التي احاطت بغياب مثل هذه الشخصية السياسية المخابراتية وتوقيته لم يخفوا شكوكهم العميقة في صدقية الرواية السورية الرسمية عن نهاية كنعان، وتساءلوا، بمزيج من الترقب والتهكم والجدية، عن مصير شخصيات مخابراتية سورية اضطلعت بادوار مهمة في لبنان سنوات طويلة، منها رستم غزالي وحسن خليل. ولم يكن من المستغرب سماع تعليقات طريفة تعكس استغراب المسؤولين في واشنطن التطورات السورية مثل "هذا مسلسل تلفزيوني رديء" او من نوع "هذه مادة دسمة لافلام كفيلم العراب".
وجددت دمشق استعدادها للتعاون امنيا مع الولايات المتحدة في العراق، وقالت انها تدعم العملية السياسية في هذا البلد، ودعت واشنطن الى "اعادة تقويم الوضع في العراق". وكررت ما قاله الرئيس بشار الاسد لشبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون من انه اذا أظهر التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري تورط اي مواطن سوري، فانه سيحاكم كخائن في سوريا او خارجها.
وجاء في بيان صادر عن السفارة السورية في واشنطن، يهدف ربما الى تسويق بعض المسائل التي اثارها الرئيس السوري في مقابلته، ان سوريا تعتبر الولايات المتحدة "دولة عظمى تقف وراء الابداعات والتنمية، وان سوريا تتطلع الى دور اميركي بناء وموضوعي اكثر من الناحية السياسية، وايضا في مجال التنمية في العالم". ونفى نفيا "مطلقا" تورط سوريا في جريمة اغتيال الحريري لان ذلك "ضد مبادئنا ومصالحنا".
ولاحظت مصادر اميركية مطلعة ان نهاية كنعان بهذه الطريقة "السوفياتية"، في اشارة الى الاغتيالات التي كان ينظمها ستالين لبعض اركان نظامه، ثم توصف بانها انتحار، يبين شعور "النظام بان الخناق الدولي يضيق عليه، وبانه وصل الى مرحلة اليأس".
ويتساءل المسؤولون الاميركيون كما يتساءل غيرهم في العواصم المعنية، عن انعكاسات تقرير المحقق ديتليف ميليس على مستقبل القيادة السورية. ويقول الذين يربطون بين نهاية كنعان واحتمال تورط سوريا في جريمة اغتيال الحريري ان "انتحار" كنعان لن يخفف كثيرا المسؤولية الجماعية للقيادة السورية، اي انه اذا تطرق التقرير الى تورط افراد مثل كنعان او غيره، سوف يكون من الصعب، وفقاً للمصادر الاميركية، على القيادة السورية ان تقول انها لم تكن على علم مسبق بالاغتيال. ومع ذلك، اشار احد المصادر الى المعلومات والاسرار الموسوعية التي كان يملكها كنعان عن علاقات سوريا والمسؤولين فيها بالمسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب، قائلاً: "سيأخذ اسراره معه الى القبر".
واكدت المصادر الاميركية استمرار الضغوط الاميركية على النظام في سوريا، وابدت ارتياحها الى ما اعتبرته التسهيلات غير المقصودة التي تقدمها سوريا لهذه الضغوط الخارجية بسلوكها السلبي في لبنان والعراق وفلسطين.
وقالت ان واشنطن لا تزال مهتمة بتغيير السلوك السوري، ولا تعمل على تغيير النظام السوري، وان تكن تستدرك بان عدم وجود "بديل مقبول" يشكل جوهر مشكلة اي نقاش جدي في شأن مستقبل سوريا.
وخلال مناقشاتهم مع مسؤولين عرب زاروا واشنطن، تساءل بعض المسؤولين الاميركيين ببعض القلق عن حجم "الاسلاميين" ونفوذهم وعما اذا كانوا الطرف القادر على وراثة السلطة. لكن المسؤولين في واشنطن، وان كانوا يوافقون على ان الاسلاميين في سوريا هم الاكثر تنظيماً في اوساط قوى المعارضة، يقولون ان ذلك يعكس ضعف المعارضة الاخرى غير الاسلامية، اكثر مما يعكس بالضرورة الحجم او النفوذ الموضوعي للاسلاميين. ومع ذلك، يشدد المسؤولون في احاديثهم الخلفية، والتي تنسجم مع الموقف المتشدد العلني من دمشق كما عكسته تصريحات الرئيس بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اخيراً على ان الخريطة الراهنة لمواقع قوى المعارضة السورية لن تثني واشنطن عن مواصلة ضغوطها الدولية لعزل دمشق اكثر فأكثر، وهي ضغوط ستتكثف وتتضاعف، اذا وجه تقرير ميليس اللوم المباشر، او حتى الضمني، الى مسؤولين سوريين بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس الحريري.