علي حماده: فاروق الشرع: مرآة عاكسة لازمة بقاء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 15. 10. 2005
السجال او التراشق مع اعلام الانظمة التوتاليتارية ، و خصوصا عندما تكون هذه الاخيرة في مرحلة هابطة لا هوادة فيها امر غير مفيد على الاطلاق. و لذلك نرى ان ما يصدر منذ فترة في اعلام النظام في سوريا لا يستأهل من اعلام حر وديموقراطي ومتميّز ادنى التفاتة.
اما حديث احد اركان النظام السوري في جنازة غازي كنعان فيستدعي وقفة من اجل الاضاءة على مستوى التفكير و وجهته لدى نظام يأبى ان يأخذ اجازة ولو للحظة من مهنة ارتكاب الاخطاء و مراكمتها.فأن يقول السيد فاروق الشرع ان الاعلام اللبناني هو بمعنى من المعاني قاتل اللواء غازي كنعان ، يتخطى و الله مستوى ادراك البشر العاديين مثلنا نحن معشر الصحافيين اللبنانيين!فلو ان مقالا او تقريرا صحافيا ، او شريطا تلفزيونيا كان ليتسبب في انتحار رجال مثل غازي كنعان لقضى كل النظام السوري انتحارا ، و لما بقي رجل واحد من رأس الهرم الى قاعدته .
لا نقول هذا الكلام دفاعا عن اعلام لبناني بعضه يدافع عن النظام في سوريا اكثر مما يدافع عن اولاده. وو بعضه الآخر – كما في قضية كنعان- يعكس بأمانة صراع مراكز القوى في النظام السوري نفسه . فيهاجم بعضه لحساب بعضه الآخر. والامر واضح وضوح الشمس . و لذلك نقول لفاروق الشرع: ابحث عن الجناة في دشمق نفسها، و لادع الاعلام اللبناني جانبا، لان الحرية و التنوع فيه امران بعيدان عن ادراك بقايا الستالينية العربية.
و الاعلام اللبناني على اختلاف مشاربه ( و بعضه المستميت في الدفاع عن اخطاء النظام السوري في لبنان) يبقى شمسا تشرق على عالم عربي ظل طويلا رهينة انظمة اعتاشت على الصراع العربي- الاسرائيلي. وبإسم المعركة و الدفاع عن العروبة قتلت الانسان العربي . ومن لم تقتله كسرته. و من لم تكسره رمت به خارجا ودفعته الى الهجرة.انظمة كانت تنهزم فتدعي الانتصار.انظمة كانت تصنع الشعارات:حرية وحدة اشتراكية، امة عربية اوحدة ذات رسالة خالدة ... تنفذ سياسات مغايرة فتنحر الحريات، وتخلق الصدوع الاجتماعية في الداخل والانقسامات القطرية في الخارج، و تذبح ابناءها وابناء القضية المركزية:الفلسطينيين.انظمة بددت ثروات بلادها في الفساد و السلاح الفاسد و الادارات الفاسدة ، والمعارف المتخلفة ، والثقافة الموجهة ، والاعلام المعلب. انظمة ثورية تحولت الى جمهوريات وراثية في الوقت الذي كانت الملكيات و المشيخات تنتهج الدستورية.انظمة لم يعرف بعضها ان زمن القتل و الاغتيالات ولى. انظمة بلغ فيها الانطواء على الذات مبلغا جعلها عمياء لا تقشع التحولات من حولها. فلا هي رأت سقوط جدار برلين، ولاهي ايقنت معنى انهيار الاتحاد السوفيياتي، ولا هي استوعبت دروس الحادي عشر من ايلول 2001، و بالقطع لم ترى و لم تفهم و لم تستوعب ما جرى في بغداد في نيسان 2003 . وهي بالتأكيد ترفض مجرد التفكير في انه كان للبنان ايضا ربيع سنة 2005 .
قصارى القول ان ملاحظة الوزير فاروق الشرع الركن الكبيرفي النظام السوري عن ان الاعلام اللبناني مسؤول عن اغتيال عفوا انتحار الوزير غازي كنعان تشي بالمآل الذي وصل اليه احوال النظام برمته. انها مرآة عاكسة لأزمة بقاء.