جريدة الجرائد

الواجهة الفولاذية: كتاب ـ إسرائيلي ـ يكشف خطة شارون لتقسيم العالم العربي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

(1 - 2)

فكرة تهجير الفلسطينيين موجودة في صلب المشروع الصهيوني


في ما وصف بأنه زلزال سياسي يهز تل أبيب أصدر المعهد الاستراتيجي “الإسرائيلي” كتابا بعنوان “الواجهة الفولاذية” وهو الكتاب الذي وضعه البروفيسور “أني سلي” أستاذ العلوم السياسية في جامعة بن جوريون بالنقب والمحاضر في جامعة أكسفورد البريطانية والذي يكشف عن العديد من الأسرار السياسية والعسكرية التي تنشر لأول مرة منذ الإعلان عن قيام “إسرائيل” عام 1948 حتى الآن، وهي الأسرار التي تتعلق برغبة شارون في تقسيم الدول العربية، ورفض “إسرائيل” من الأساس التعايش مع الدول العربية، موضحاً أن أي توجه كانت تقوم به تل أبيب من أجل التواصل مع العرب كان نتيجة لثقتها في أن هذا هو السبيل الوحيد لكي تظل موجودة وفاعلة بالمنطقة وأنها لا تستطيع الدخول في مواجهات طويلة أو حرب مع هذا الطرف.

بداية يذكر سلي وباعتزاز أنه من طائفة المؤرخين الجدد في “إسرائيل”، وهي الطائفة التي تثير ومنذ ظهورها قبل قرابة عشر سنوات على الساحة الكثير من القضايا الخطيرة سياسيا وفكريا التي تؤثر سلباً في الفكر الصهيوني المتطرف، حيث تطرح ومن جديد المسلمات التي أعلنها القادة ومؤسسو “إسرائيل” حول الصراع مع العرب، حيث تزعم الوثائق “الإسرائيلية” الرسمية وعلى سبيل المثال، أن فلسطين لم تكن إلا أرضا خربة ليس بها أي عمار قبل أن يحضر إليها اليهود من شتى أنحاء العالم ويقومون بإعادة تعميرها وتزويدها بأفضل الإمكانات والتقنيات العلمية الحديثة لتصبح “إسرائيل” وكما يتردد في الوثائق اليهودية “سويسرا الشرق”.

غير أن المؤرخين الجدد ينكرون هذه الجملة بصورة قاطعة، حيث يزعمون أن الفلسطينيين عاشوا آمنين مثلهم مثل العشرات من العرب في مختلف الدول بالمنطقة، وأتى عليهم اليهود فروعوهم وأصابوهم بالفزع حتى هجروهم من أراضيهم وقاموا بعدها بإنشاء “إسرائيل”، وهي الدولة التي يعترف هؤلاء المؤرخون بأنها قامت على دماء العرب الأبرياء بدون أي ذنب اقترفوه.

ويعترف سلي في بداية كتابه بأن فكرة تهجير الفلسطينيين كانت موجودة في صلب المشروع الصهيوني منذ ثلاثينات القرن العشرين، وأن اليهود لم يقبلوا على الإطلاق وجود الآخر بينهم وهي الفكرة التي ظلت طاغية عليهم حتى الآن، حيث يقتنع كافة “الإسرائيليين” بأن الآخر يجب أن يكون فقط أقل منهم منزلة أو كخادم لهم رافضين تماماً أن يتمتع بنفس المنزلة التي يتمتعون بها سواء من حيث المكانة السياسية أو الوضع الاقتصادي الأمر الذي يفسر العداء المتواصل الذي يكنه اليهود بصورة عامة و”الإسرائيليون” بصورة خاصة للعرب.

ويضرب في ذلك المثال بالتجمعات الاستيطانية التي أقامها اليهود عند قدومهم الى فلسطين في أوائل القرن الماضي، وهي التجمعات التي عرفت في الأدبيات “الإسرائيلية” باسم “يشووف” والتي كانت نظرتها عدائية ومتنافرة ومليئة بالأحقاد تجاه العرب.

ويوضح الكتاب أن شارون وهو ابن اليشووف اليهودي حيث ولد وتربى في يشووف “كفر ملال” تربى على الحقد وكراهية العرب، وهي الكراهية التي تجعله ومن الأساس غير مقتنع بالسلام مع العرب.

ويزعم أن الطريق الوحيد الذي يؤمن به شارون هو طريق الإرهاب والتطرف، موضحاً أن التجمعات اليهودية التي أقيمت في فلسطين منذ بداية الهجرة إليها بلورت واقعا جديدا من الإرهاب الذي لا يقارن بأي حال من الأحوال بالعمليات الإرهابية التي تنسب الى أشد المتطرفين في العالم الآن وعلى رأسهم أسامة بن لادن أو أبو مصعب الزرقاوي.

غير أن النقطة الأبرز والأهم في هذه القضية هي اعتراف الكتاب بأن كافة القادة الذين حكموا “إسرائيل” سواء من الساسة أو العسكريين مثل دافيد بن جوريون أو مناحيم بيجن أو موشيه شاريت أو حتى رئيس الوزراء الحالي أرييل شارون جميعهم غير مقتنعين بالسلام مع العرب ويعلنون صراحة فيما بينهم أنهم غير مقتنعين بطريق السلام مفضلين سياسة القوة أو العنف أو الحروب على طريق السلام والتعايش مع العرب خاصة أنهم يعتقدون أن هذا الطريق هو الأهم والأوحد لضمان البقاء ل”إسرائيل” التي ارتكبت ومنذ زرعها في المنطقة العشرات من المجازر ضد الأبرياء العرب أو الفلسطينيين الأبرياء.

ويعتبر أن تواجد اليهود في أرض فلسطين منذ بدأ الاستيطان بها أدخل المنطقة في جو من الإرهاب والتطرف، وهو الجو الذي تصاعد وبقوة مع إقامة “إسرائيل” عام ،1948 موضحاً أن “إسرائيل” كانت الركيزة الأساسية والمغذي الأساسي للتوتر والخلافات في المنطقة وليس كما تحاول الدعاية الصهيونية الترويج بأن “إسرائيل” واحة للديمقراطية أو سويسرا الشرق الأوسط وأن العرب من حولها يعاملونها بوحشية وعنف ويحاولون دائما القيام بالعمليات الإرهابية فيها.

ويعترف الكتاب بأنه نجح وبفضل من سماهم ب”الإسرائيليين” الشرفاء من الحصول على الوثائق الدبلوماسية أو العسكرية السرية الخاصة بكافة الزعماء ورؤساء الوزراء وكبار القادة العسكريين منذ إقامة “إسرائيل”، وهي الوثائق التي تثبت أن هؤلاء الزعماء كذبوا سواء على شعبهم أو على كافة اليهود في العالم حيث سعوا إلى الدخول في صراعات غير مبررة ضد العرب من أجل ترسيخ مكانتهم والزعم كذباً بأن العرب هم الرافضون للسلام ولا يفهمون إلا لغة القوة، الأمر الذي أدخل “إسرائيل” في جو من الحروب منذ اعلان قيامها وحتى الآن.

ويضيف أن هذا الكذب لم يتوقف عند العرب أو اليهود فقط بل امتد للعالم كله حيث نجح هؤلاء الزعماء في إقناع القوى الدولية الكبرى بأكاذيبهم، بداية من إنجلترا التي اسهمت في إقامة دولة “إسرائيل” بمنحها وعد بلفور لليهود عام 1917 أو فرنسا التي اعتمدت عليها “إسرائيل” منذ إقامتها حتى عام ،1967 وخاصة في بناء قوة عسكرية كبيرة، وهي القوة التي لم تتوقف فقط عند الأسلحة التقليدية بل تعدتها لتصل إلى الأسلحة غير التقليدية حيث قامت باريس بمساعدة “إسرائيل” في بناء مفاعل ديمونا النووي وبعد ذلك يأتي دور الولايات المتحدة التي تنال منها “إسرائيل” الدعم الأهم والأقوى منذ عام 1967 حتى الآن.

ويؤكد الكتاب أن “إسرائيل” تمارس أكبر عملية لترويج الأكاذيب في التاريخ، وهي العملية المستمرة والمتواصلة التي تمتد لتشمل كافة دول العالم من أجل الحصول على المساعدات سواء المادية أو السياسية من أجل دعمها في مواجهة الاضطهاد والإبادة.

ويساعد “إسرائيل” في نشر هذه الأكاذيب عدد من القوى الأساسية أولاها المؤسسات أو الشخصيات اليهودية المنتشرة في العالم وخاصة في أوروبا أو الولايات المتحدة والتي تمتلك القوة لمساعدة “إسرائيل” والضغط على الدول العربية أو الإسلامية، وهي القوى التي تتنوع مراكز تأثيرها بالنسبة للمناصب التي تشغلها بداية من الإعلام أو السياسية.

ومن هنا يلقي الكتاب الضوء على نقطة هامة للغاية وهي ان أغلب الدول العربية أو الإسلامية التي تقوم باتصالات سواء سرية أو علنية مع “إسرائيل” تعتمد وفي الأساس على أن تكون هذه الاتصالات وسيلة لكسب ود الولايات المتحدة وليس “إسرائيل”، موضحة أن أغلب هذه الدول ترفض التعايش مع “إسرائيل” غير أنها تعلم أن طريق التطبيع مع تل أبيب سيؤدي إلى فتح العديد من الأبواب والفرص المهمة في الولايات المتحدة، الأمر الذي سينعكس إيجابياً على هذه الدول.

أما ثاني الركائز التي تسهم في نشر أكاذيب “إسرائيل” عبر العالم فيشير الكتاب الى وكالات الأنباء العالمية، التي تستمد معلوماتها في الأساس من تل أبيب صاحبة الإمكانات الضخمة ووسائل الخدمات المعلوماتية المتطورة، وهي المعلومات التي تصاغ لكي يصبح الفلسطينيون بصورة خاصة أو العرب بصورة عامة هم المتهمين الأساسيين في أي أزمة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، الأمر الذي ينعكس بصورة إيجابية على “إسرائيل” لدى المتلقي الأوروبي أو الأمريكي.

ويكشف الكتاب عن عدة نقاط أساسية تفند مزاعم “إسرائيل” السلبية بصورة عامة ضد العرب، وهي النقاط التي يصفها بالحقائق المركزية التي تثبت زيف الأساس الذي بنيت وأقيمت عليه “إسرائيل” وتعكس نظرتها العدوانية ضد العرب، ويعرض الكتاب لهذه النقاط كاشفاً وبواسطتها الوجه المتطرف والقبيح الذي تتسم به “إسرائيل” ويمنعها من إقامة أي علاقات طبيعية مع كافة الدول العربية.

أول هذه النقاط اعترافه بأن القوى الصهيونية الأولى التي احتلت فلسطين قامت بأكبر عملية تطهير عرقي في التاريخ ضد العرب الفلسطينيين، حيث منعت هذه القوى أي تواجد للعرب في فلسطين، وهي السياسة التي روجت هذه القوى التي تحولت الى احزاب وجماعات منتشرة بين اليهود بصورة عامة، ونقلته للأجيال المتعاقبة وغرسته فيها وهو ما زرع جوا من الحقد الدفين بين تل أبيب والعرب خاصة مع العنصرية التي بات “الإسرائيليون” ينتهجونها في تعاملاتهم مع الفلسطينيين بصورة خاصة والعرب بصورة عامة.

ويوضح أن الحل الامثل لدى “الإسرائيليين” بات قتل العرب، وهو الحل الذي يظهر في سلوك جنود جيش الاحتلال ضد أي عربي حتى ولو كان هذا العربي طفلاً صغيراً أو شيخاً قعيداً أو امرأة لا خطر منهم، موضحاً أن القوى الدولية الكبرى شريكة بسلاحها ودعمها وبصمتها ايضا في القيام بهذه السياسات التي وصلت إلى مرحلة خطيرة للغاية.

أما النقطة الثانية فتتعلق بفضح عشرات المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون أو العرب المتضامنون معهم على يد العصابات اليهودية سواء قبل إقامة “إسرائيل” أو بعدها، وهو ما يؤكد أن الفلسطينيين طردوا وبوحشية من أرضهم وليس كما تزعم الروايات “الإسرائيلية” والتي اعتمدت عليها الأبحاث والدراسات الدولية بأنهم هربوا خلال حرب فلسطين.

ويضيف الكتاب أن “الإسرائيلي” استخدم قوة الاحتلال ضد الفلسطينيين بلا رحمة، وهو ما أصاب الفلسطينيين بالرعب خاصة مع الوحشية التي بات “الإسرائيليون” يستخدمونها ضد العرب.

والنقطة الثالثة تتعلق بالكشف عن زيف المزاعم “الإسرائيلية” المتعلقة بأن العرب يريدون القضاء على “إسرائيل”، كاشفاً وبالوثائق أن “إسرائيل” هي التي تتسم في سلوكها بالطابع العدواني والرغبة في القضاء على كل العرب، وقاموا من أجل هذا بانتهاج العديد من السياسات العدوانية والدخول في حروب مع الدول المجاورة لها مفضلين الحل العسكري بدلاً من الحل السلمي، ومثال ذلك حربها ضد مصر عام ،1956 وهي الحرب التي اشتركت مع إنجلترا وفرنسا فيها دون أن يكون لها أي علاقة مباشرة بالاحداث وبعد ذلك اندلعت حرب عام 1967 التي كانت “إسرائيل” سباقة في الهجوم على مصر بعد أن أعدت وخططت وأخذت زمام المبادرة بالعدوان، وهو ما كان له مردود سلبي عليها بعد ذلك عام 1973 حيث تعرضت لهزيمة مدوية من مصر التي أحكمت تنفيذ خطة الخداع الاستراتيجي وكانت ضربات قواتها للصهاينة موجعة وخسائرهم فادحة.

بالإضافة إلى حربها ضد لبنان عام 1982 وهي الحرب التي أفقدت “إسرائيل” العشرات من أبنائها حتى الانسحاب منها عام ،2000 بجانب العديد من العمليات العسكرية التي قامت بها “إسرائيل” ضد العرب ومثال ذلك ضرب مفاعل تموز العراقي والمشاركة مع فرنسا في محاولة القضاء على المقاومة الجزائرية واستخدام سياسة تكسير العظام الفلسطينية مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1988 والثانية عام 2000 وغيرها من السياسات التي جعلت صورة “إسرائيل” في المنطقة وكما يصفها الكتاب صورة قبيحة غير مرغوب في التعايش أو السلام معها.

والنقطة الرابعة تتعلق بميزان القوى حيث تزعم “إسرائيل” دائماً أن ميزان القوى في الشرق الأوسط يميل لصالح الدول العربية غير أن الحقيقة أن “إسرائيل” هي الأقوى، ويعرض التقرير عددا من الوثائق التي تثبت قوة “إسرائيل”، حيث تنفق “إسرائيل” مبالغ مالية ضخمة تصل إلى ملايين الدولارات سنوياً من أجل تسليحها، وهي المبالغ التي لا تعلن “إسرائيل” صراحة عن حقيقتها خاصة مع رغبتها في بناء ترسانة تسلح من الأسلحة التقليدية وغير التقليدية لها.

والنقطة الخامسة تتطرق إلى تفنيد المزاعم “الإسرائيلية” بأن العصبية العربية الزائدة في التعامل مع “إسرائيل” هي التي منعت فرص التوصل إلى سلام شامل في المنطقة، حيث يوضح الكتاب أن “العنصرية الإسرائيلية” هي السبب الرئيسي في امتناع قبول “الإسرائيليين” للسلام، وهو الامتناع الذي تظهر “إسرائيل” دائماً عكسه حيث تزعم أن العرب هم الرافضون للسلام معها وأنها تجتهد وبقوة من أجل الوصول لسلام معهم بدون جدوى.

ويشير إلى أن هذه العنصرية “الإسرائيلية” طغت على المناهج الدراسية بمختلف مراحلها، حتى بات “الإسرائيليون” رافضين تماما لفكرة التعايش مع الآخر، وهو ما دفعهم للتعامل مع العرب في مواقع شتى بدونية ولا مبالاة وعدم اكتراث.

ويسوق الكتاب عدداً من المزاعم بشأن رغبة مصر في عهد الملك فاروق وعدد من القادة العرب الآخرين في إبرام السلام مع “إسرائيل”، وهي الرغبة التي جاءت في إطار رسائل سرية كشف عنها الكتاب إلا أن “إسرائيل” تجاهلت هذه الرسائل وفضلت الارتباط بعلاقات عدائية مع العرب عن الارتباط بسلام معهم، الأمر الذي دفع الكتاب إلى الزعم بأن أي اتفاق للسلام بين “إسرائيل” وأي دولة عربية سواء الآن أو في المستقبل هو اتفاق منقوص خاصة مع فقدان الرغبة “الإسرائيلية” الحقيقية في إبرام هذا السلام.

ويلقي الكتاب النظر من خلال النقطة السادسة والأخيرة إلى أن “إسرائيل” مازالت تنظر وبسلبية كبيرة لكافة الدول العربية المرتبطة بعلاقات معها على أي مستوى سواء التي ترتبط بعلاقات سياسية أو اقتصادية معها، ومثال ذلك مصر أو الأردن أو موريتانيا التي تمتلىء وسائل الإعلام “الإسرائيلية” بالعديد من الآراء السلبية تجاهها، وهي الآراء التي تعكس الكراهية “الإسرائيلية” للعربي حتى وان كان هذا العربي صديقا وقبل بوجود “إسرائيل” والاعتراف بها كدولة طبيعية في المنطقة.

ويوضح الكتاب أن “إسرائيل” لن تتنازل عن طموحها في الاستيلاء على اكبر قدر ممكن من الأراضي العربية، واصفاً إياها بالدولة الشرهة للأراضي وهو ما يظهر بالتحديد في الضفة الغربية التي سعت إلى زرع المستوطنات المختلفة سواء الزراعية أو الصناعية فيها من أجل ضمان سيطرتها الكاملة على كافة المناطق الحيوية المحيطة، وهي السيطرة التي تدل على عدم رغبتها في التعايش وبسلام مع العرب الرافضين لهذه المستوطنات التي تنهب الخيرات والثروات الطبيعية التي تذخر بها، وهو ما سيضع العديد من العقبات أمام أي اتفاق للسلام مع العرب خاصة مع استحالة تنازل “إسرائيل” وانسحابها من هذه الأراضي وذلك على عكس غزة التي كانت تمثل عبئا عسكريا واقتصاديا على “إسرائيل”.

وينبه إلى أن “إسرائيل” وفي عهد رئيس الوزراء الحالي إرييل شارون ستدخل في مرحلة خطيرة للغاية حتى ومع الأجواء التي باتت تسيطر على المنطقة وتقول بضرورة التعايش مع “إسرائيل” والتعامل معها ككيان طبيعي في المنطقة.

ويقول إن شارون كزعيم عسكري في الأساس غير مقتنع بالسلام مع العرب خاصة أن لديه مشاريع سياسية خطيرة أبرزها ما كان يريد القيام به في أوائل الستينات عندما كان رئيسا لقسم الإرشاد في الجيش حيث كان يريد تطبيق “خطة شارون”، وهو مشروع يعتمد على القيام بعملية عسكرية “إسرائيلية” واسعة ضد العرب، حيث تحتل “إسرائيل” شبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية وتقضي على المملكة الأردنية الهاشمية، وتصل القوات “الإسرائيلية” إلى نهر الليطاني في لبنان وتقيم دولة مسيحية مارونية في الشمال اللبناني، الأمر الذي دفع الكتاب للتأكيد على أن رجلا يحمل هذه الأفكار من المستحيل التوصل معه إلى سلام والقبول بالتعايش معه.

ويرى الكتاب أن شارون وحتى الآن يرغب في تنفيذ هذا المشروع ويسعى إلى إضعاف الأطراف العربية من أجل تنفيذه خاصة مع اقتناعه بأن هذا المشروع سيضمن البقاء ل”إسرائيل” وسط دول المنطقة.

لا تريد السلام

ينتقل الكتاب بعد ذلك إلى عرض تاريخ المفاوضات السرية بين العرب و”إسرائيل”، وهو العرض الذي يتناول العديد من الأطراف العربية التي يزعم أنها دخلت في مفاوضات مع “إسرائيل”، غير أن الكتاب يعترف أن هذه المفاوضات لم تسفر عن أي شيء وأثبتت أن “إسرائيل” ترفض السلام مع العرب وأن امتلاكها للأراضي يتغلب في النهاية على أي رغبة أخرى في إبرام السلام واتفاقياته مع العرب، زاعماً أن قادة تل أبيب يرفضون تماماً التعامل مع العرب كشعوب لها تاريخها ومكانتها الكبيرة في المنطقة ولكنهم يصرون وحتى في التوقيع على اتفاقيات السلام معهم على وضع العرب في مكانة اقل وأضعف منهم.

ويعتمد الكتاب في ترويجه لهذه الاقوال على ما ورد من أرشيف وزارة الدفاع “الإسرائيلية”، وهو الأرشيف الذي اعتمد على كثير من الوثائق التي بني جزء كبير منها على المصادر والإصدارات الموثقة المختلفة والتي كان أبرزها ما أورده وزير الخارجية الروسي الأسبق “ي.م. بريماكموف” الذي عمل في القاهرة لسنوات كمراسل لصحيفة “البرافدا” الروسية الشهيرة والذي كان يعرف العديد من الأسرار المرتبطة بكواليس الصراع العربي “الإسرائيلي” وذلك بحكم متابعته الصحفية وصداقته لعشرات من رجال السياسة والصحافة المؤثرين في مصر والعالم العربي.

ويزعم بريماكموف أن تاريخ الاتصالات السرية بين مصر و”إسرائيل” أثبت أن الثانية ترفض تماماً التعاون وبصدق مع العرب، زاعماً أن هذه الاتصالات التي تعود إلى ما قبل عام 1952 أثبتت ذلك.

ويؤرخ بريماكموف لهذه الاتصالات ويوضح أنها بدأت عام 1950 حيث أعلن بن جوريون عن استعداده للسفر الى القاهرة للتفاوض معها من أجل السلام، ولكن هذه المبادرة ظلت بلا جواب حيث لم يكن بوسع أي زعيم عربي مجرد التفكير آنذاك بقبولها أو التفاوض مع “إسرائيل” بدون التزام منها بحل القضية الفلسطينية، وكان بن جوريون ومعه كافة القيادات الصيهونية يرغبون في إقامة سلام منفرد مع مصر، على أن يكون فقط بين القاهرة وتل أبيب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف