جريدة الجرائد

حوار مع مسلمي تايلند.. حول الجهاد!!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 23. 11. 2005

وليد الطبطبائي

سألني أحد المسلمين في تايلند عن حركة الانفصال التي يطالب بها مجموعات من المسلمين في جنوب تايلند والتي «تجاهد» من اجل استقلال اقليم «فطاني» في جنوب تايلند على حدودها مع ماليزيا، وقال ما رأيك في الجهاد هناك؟، فقلت لا يمكن ان احكم قبل ان اتعرف على واقع المسلمين وظروفهم، فسألتهم عن اوضاع المسلمين، فقال: يبلغ سكان تايلند نحو 70 مليون نسمة 10% منهم المسلمون والبقية 90% من الديانة البوذية ويحكمها نظام ملكي دستوري، والمسلمون غالبيتهم في الجنوب لكنهم يتوزعون في مناطق عديدة حيث يوجد في العاصمة بانكوك مليون مسلم من اصل عشرة ملايين هم سكان بانكوك.
وسألته عن الحرية الدينية للمسلمين وهل يمارسون شعائرهم بحرية؟ فقال لي: نعم بكل حرية، وسألته: وهل يسمح للمسلمين بالدعوة في اوساط غير المسلمين؟! فقال: نعم يسمح بالدعوة ونشر الاسلام، فقلت هذه الاخيرة هي المهمة، وهل تجد المجموعات الانفصالية دعما من المسلمين؟، فقال هم قلة وأسلحتهم اسلحة صناعة محلية، فقلت يا أخي الكريم، هذا التقسيم الذي قسمه الاستعمار الانجليزي وفصل اقليم «فطاني» عن ماليزيا وضمه الى تايلند رب ضارة نافعة، فسألني: كيف؟ فقلت له: اذا كانت السلطات لا تفتن المسلمين عن دينهم وتسمح لهم بحرية العبادة وتعتبر هذا جزءا من حقوق المواطنين لديها بل وتسمح بالدعوة والعمل الاسلامي فهذا هو الغاية وليس الجهاد هو الغاية، وانما الجهاد وسيلة لنشر دين الله وليس هدفا في ذاته، فهو مجرد وسيلة لرفع راية الدين واعلاء كلمة الله في الارض ورفع راية التوحيد، قال تعالى: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله»، فالقتال انما فرض لمنع الفتنة ولنشر دين الله عز وجل، فاذا فتن المسلمون عن دينهم ومنع نشر كلمة الله وتبليغ دين الله فيجب عندها الجهاد، مع مراعاة المصلحة في ذلك ودرء المفسدة، فالفرض يسقط على المكلف إذا لم تتحقق المصلحة وتحققت المفسدة، وهذا مثل الحج فقد فرض على المستطيع، لكن الحاج اذا لم يأمن على نفسه وماله من قطاع الطريق فان الحج غير لازم في هذه الحالة وكذلك الصوم في حالة المرض فانه يؤجل لان المفسدة هنا اعظم من مصلحة الصوم.
وقلت لأخي المسلم التايلندي: قد يكون في وجودكم داخل الدولة التايلندية مصلحة وهي الدعوة لنشر الاسلام، فكما تعلمون ان التجار العرب نشروا الاسلام في مناطق آسيا وإندونيسيا وماليزيا وجنوب تايلند وجنوب الفلبين بدون قتال وانما بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والقدوة الحسنة التي كان عليها المسلمون الأوائل، والبيئة هناك بيئة خصبة تتقبل الاسلام بسهولة ويدخلون بالاسلام بسرعة عن طريق الكلمة الطيبة والمعاشرة الكريمة، فبقاؤكم بينهم فرصة لنشر الاسلام قد لا تتهيأ لو كنتم منفصلين تماما عن مملكة تايلند.
وقلت لصاحبي: أنا اعلم ان هناك شبابا مسلما متحمسا للجهاد ومتشوقا للجنة ويعلمون ان الجهاد في سبيل الله هو اعظم الاعمال وأزكاها، وهو أيسر الطرق الى رضوان الله تعالى والجنة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا ان أشق على امتي ما قعدت خلاف سرية.. والذي نفس محمد بيده لوددت ان اغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل، ثم اغزو فأقتل».
فأجر الجهاد عظيم لما فيه من بذل اعظم شيء وهو نفس المسلم وبذل الأموال وترك الزوجات والأولاد وهجر الاوطان والمسكن، ولأن اجر الجهاد عظيم عند الله فان حماس الشباب المسلم للجهاد والبحث عن الجهاد مندفعين بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وطلبا للجنة، ولكن هذا الجهاد كما ذكرنا هو وسيلة وليس غاية، وايضا بما ان فيها اراقة لدماء المسلمين وغير المسلمين فقد وضع الاسلام له ضوابط وأحكاما حتى لا تراق الدماء في كل واد وطريق، وحتى لا يختلط الحابل بالنابل ولا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول لماذا قتل؟! ان دماء المسلمين وأرواحهم عظيمة عند الله فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم».
وختمت كلامي لأخي التايلندي وقلت له: طالما ان باب الدعوة مفتوح في تايلند فلينشط الشباب في دعوة غير المسلمين الى الاسلام ولتنشأ معاهد لتخريج الدعاة حتى لا ندعو الى الاسلام عن جهل، فهذا هو المطلوب اليوم وهذا هو الغاية، اما الجهاد فيكون لحماية اعراض المسلمين ودمائهم وأموالهم أو لنشر دين الله اذا حيل بين ذلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف