نعوم تشومسكي: غباء الامبريالية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شن الحرب الزائفة على الإرهاب يأخذ وضعاً ثانوياً بالنسبة لهدف الرئيس بوش رقم 1 وهو السيطرة على مركز الموارد الكبرى للطاقة وهو العراق الذي يملك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم.
في خطابه في 28 يونيو الماضي أكد الرئيس بوش ان غزو العراق كان جزءاً من الحرب العالمية ضد الإرهاب التي تشنها الولايات المتحدة. وفي الواقع وكما كان متوقعاً فان الغزو قد زاد من التهديد الإرهابي ربما بدرجة كبيرة.
أنصاف الحقائق والتضليل والاجندات الخفية قد ميزت البيانات الرسمية حول دوافع الحرب على العراق منذ البداية.
المعلومات التي كشفت مؤخراً حول الاندفاع نحو الحرب تبدو الآن واضحة في خضم الفوضى التي تعصف بالبلاد وتهدد المنطقة بل العالم.
في عام 2002 أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ان لهما الحق في غزو العراق لانه كان يطور أسلحة الدمار الشامل كان هذا هو السؤال الوحيد الذي كان الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير ومساعدوهما يركزون عليه باستمرار وهو الأساس الوحيد الذي حصل بموجبه بوش على تفويض الكونجرس باللجوء إلى القوة، الاجابة على السؤال الوحيد جاءت بعد الغزو مباشرة وهي انه لم تكن توجد أي أسلحة دمار شامل بالعراق وبسرعة قامت الحكومة وآلتها الاعلامية بطبخ مبررات جديدة لشن الحرب.
الأمريكيون لا يحبون ان يظهروا بمظهر المعتدين ولكن ما حدث في العراق ليس سوى عدوان صارخ. هذا ما استنتجه جون برادوسن المحلل الأمني والاستخباري في كتابه بعنوان «الخدعة» ويصف برادوسن مشروع بوش لاقناع أمريكا والعالم بأن الحرب على العراق ضرورية وعاجلة بانه حالة من عدم الأمانة الذي يتطلب بيانات عامة كاذبة وتلاعب بالمعلومات الاستخبارية مذكرة داوننج ستريت التي نشرتها صحيفة صنداي تايمز اللندنية في أول مايو الماضي مع الوثائق السرية التي حصل عليها حديثا قد عمقت الخديعة.
المذكرة جاءت في اجتماع لمجلس وزراء الحرب عقد في 23 يوليو 2002 الذي أكد فيه سير رتشارد ديرلف رئيس الاستخبارات الخارجية بأن المعلومات الاستخبارية والحقائق تكرس لسياسة خوض الحرب ضد العراق. المذكرة أيضاً تشير إلى قول جوف هون وزير الدفاع البريطاني بأن الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل في تنفيذ أنشطة للضغط على النظام الحاكم في العراق.
الصحفي البريطاني مايكل سميث الذي كشف عن قصة المذكرة قد توسع في نص ومحتوى المذكرة في مقالات لاحقة والأنشطة المذكورة كانت تشمل حملة جوية في قوات التحالف تهدف إلى استفزاز العراق للقيام بعمل ما لإيجاد مبرر لشن الحرب.
الطائرات الحربية بدأت تقصف جنوب العراق في مايو 2002 وقد بدأ عمل عسكري خاص في أواخر اغسطس وبعبارة أخرى فان بوش وبلير بدآ حربهما ضد العراق ليس في مارس 2003 كما يعتقد الجميع ولكن في نهاية شهر اغسطس 2002 أي قبل ستة أسابيع من اعتماد الكونجرس للعمل العسكري ضد العراق. وقد برر القصف كعمل دفاعي لحماية طائرات التحالف التي تحرس منطقة حظر الطيران العراقي. العراق احتجت لدى الأمم المتحدة ولكنها لم تقع في شرك الرد على ذلك الاستفزاز.
وبالنسبة للمخططين الأمريكيين والبريطانيين فان غزو العراق كان يشكل أولوية تفوق الحرب على الإرهاب.. وعشية غزو العراق بواسطة قوات التحالف تنبأ تقرير سرى صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني بان ذلك الغزو بقيادة الولايات المتحدة سوف يزيد الدعم للإسلام السياسي وسوف ينتج عنه تقسيم عميق للمجتمع العراقي المعتاد على الصراعات الداخلية العنيفة.
وفي ديمسبر 2004 كتب دوجلاس جيهل ان العراق والصراعات الأخرى في المستقبل سوف توفر أراضي لتجنيد وتدريب نوع جديد من الإرهابيين المحترفين الذين يشكل العنف السياسي غاية لديهم.
زبجنيو برزنسكي أحد كبار المخططين والمحللين كتب في مجلة ناشيونال انترست ان سيطرة أمريكا على الشرق الأوسط تتيح لها تأثيراً سياسياً كبيراً غير مباشر على الاقتصادات الأوروبية والآسيوية التي تعتمد على الطاقة من هذه المنطقة وإذا استطاعت الولايات المتحدة المحافظة على سيطرتها في العراق الذي يملك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم والذي يقع في قلب موارد الطاقة الرئيسية فان هذا سوف يدعم كثيراً قوتها الاستراتيجية وتأثيرها على منافساتها الكبريات في العالم الذي أخذ يتشكل خلال السنوات الثلاثين الماضية.