جريدة الجرائد

خيرالله خيرالله: لماذا ظُلم سمير جعجع؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اذا اخذنا روح الكلمة التي القاها الدكتور سمير جعجع لدى خروجه من السجن، يمكن القول ان الرجل تعلم الكثير من التجربة التي مر بها. ولعل اهم ما تعلمه ان لابد من طي صفحة الماضي وان لابد من التعلم من الاخطاء التي ارتكبت. الفارق بكل بساطة هو بين الذين تعلموا والذين يرفضون ان يتعلموا. الفارق هو بين الساعين الى خدمة بلدهم وبين الساعين الى استكمال دور الادارة في يد الذين عملوا على تدمير البلد والقضاء على الحياة السياسية فيه عبر المشاركة في تغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما ثم اغتيال الزميل سمير قصير والمناضل جورج حاوي.

ظلم سمير جعجع. وهذا الكلام لا يعني في اي شكل انه لم يرتكب اخطاء. على العكس من ذلك انه يتحمل مسؤولية جرائم وارتكابات كثيرة بما في ذلك السقوط في فخ الدخول في مواجهة مع ألوية الجيش اللبناني التي كانت بامرة العماد ميشال عون بعدما صار الاخير رئيسا للحكومة ثم الفشل في انتخاب خلف للرئيس امين الجميل في العام 8891. لم يدرك سمير جعجع انه دخل بتلك المواجهة حربا ادت في النهاية الى دخول القوات السورية معقلين كانا يرمزان الى حد ادنى من الاستقلالية اللبنانية هما قصر بعبدا (مقر رئيس الجمهورية) ووزارة الدفاع اللبنانية. ولم يكن جعجع الوحيد المسؤول عن تلك المواجهة بل كان المسؤول الاول عنها العماد عون الذي اخطأ في حساباته العسكرية مثلما اخطأ ولا يزال يخطئ في حساباته السياسية، عندما اعتقد ان في الامكان التخلص من ميليشيا gt;القوات اللبنانيةlt; في غضون ساعات...
ارتكب الدكتور جعجع اخطاء لا تحصى اكان في حرب الجبل او طوال عهد امين الجميل عندما شارك في اضعاف رئيس الجمهورية الى ابعد حدود كي تحل في موقع القرار ميليشيا مسيحية اسمها gt;القواتlt; همها الاول ضرب صيغة العيش المشترك. ومع ذلك يمكن القول ان سمير جعجع ظلم لا لشيء سوى لانه كان الوحيد الذي ادخل السجن بين زعماء الميليشيات اللبنانية الذين تنافسوا في ارتكاب الجرائم في حق لبنان واللبنانيين.
من خلال ما قاله سمير جعجع بعد خروجه من السجن مباشرة، يبدو ان الرجل تعلم الكثير. وتعلم اولا ان لبنان صيغة عيش مشترك اولا ومن دون هذه الصيغة لا مستقبل للبلد، وصيغة العيش هذه تفرض على كل رجل سياسي ان يكون على علاقة عضوية بالطوائف الاخرى بدل ان يحبس نفسه في طائفته. ان التحدي الاكبر بالنسبة الى اي سياسي لبناني يتمثل في تمكنه من ان يصير زعيما وطنيا وليس مجرد زعيم لطائفة. فزعيم الطائفة يجد نفسه مضطرا للدخول في مزايدات لا فائدة منها للبنان كلما وجد نفسه مهددا. انها المزايدات التي ميزت الخطاب السياسي ذا المضمون الفارغ الذي لجأ اليه ميشال عون منذ استحضاره من باريس قبل اسابيع من الانتخابات النيابية.

هل صدفة ان عون استحضر من باريس قبيل الانتخابات للوقوف في وجه الاطراف التي قاومت فعلا الوصاية السورية على البلد بدل العمل على دعمها ومساعدتها؟ وهل صدفة ان يكون سمير جعجع انتظر في السجن الى ما بعد الانتخابات كي يستعيد حريته؟ او ليس ذلك دليلا على انه لم يعقد صفقة من اجل استرجاع حريته وانه صمد الى النهاية في مقاومته حكم الاجهزة الذي ادخله السجن وعمل في الوقت نفسه على استيعاب المعادلة السياسية اللبنانية والمعادلات الاقليمية في شكل افضل؟
مرة اخرى، لقد ظلم سمير جعجع. وظلم قبل كل شيء لانه رفض ان يتحول اداة في يد الاجهزة كما فعل غيره. وقد رفض في الاشهر الاخيرة ارتكاب احدى افظع الجرائم، وهي جريمة تغطية اغتيال رفيق الحريري صاحب مشروع الانماء والاعمار الذي اعاد بيروت مدينة يفتخر بها كل لبناني وعربي واعاد لبنان الى الخريطة السياسية للعالم وللمنطقة... ولذلك دفع الرجل ثمنا غاليا، ولذلك من المرجح ان ينصفه التاريخ الذي سيفرق بينه وبين الذين يرفضون ان يتعلموا شيئا من الاخطاء التي ارتكبوها في حق لبنان واللبنانيين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف