إيباك.. كيف تعمل أقوى منظمات اللوبي في واشنطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 13 . 08 . 2005
منظمة إيباك تقسم الولاء بين إسرائيل وأمريكا...
تعد اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة المعروفة باسم جماعة "إيباك" أشهر جماعات الضغط اليهودية، وواحدة من أقوى خمس جماعات ضغط في واشنطن، وتقول جماعة إيباك عن نفسها في موقعها الالكتروني أن دورها لا يتعدى تقديم المعلومات لصانعي القرار الأمريكيين، وتنفي ممارسة أي نوع من الضغوط على السياسيين الأمريكيين لحملهم على تأييد إسرائيل.
لكن الأسبوع الماضي شهد حادثة فريدة وهي اتهام هيئة محلفين فدراليين في مدينة ألكسندريا بولاية فيرجينيا (خارج واشنطن العاصمة) كلا من ستيفن روسن وكيث وايسمان باستغلال موقعهما الوظيفي في إيباك (لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأمريكية) لتطوير علاقة مع محلل في وزارة الدفاع الأمريكية للحصول على معلومات سرية وإطلاع جهات رسمية أجنبية (إسرائيلية).
وسارعت منظمة إيباك بفصل موظفيها الكبار بسبب تورطهما في التجسس لصالح إسرائيل، وقالت إيباك إنها اتخذت الخطوة بعد "الحصول على معلومات مؤخراً".
وكان عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI داهموا مكاتب إيباك مرتين خلال العام الماضي على خلفية هذه القضية.
من ناحيته ذكر السفير الإسرائيلي دانيال أيالون في واشنطن إن الإسرائيليين لا يحتاجون للتجسس هنا بسبب متانة وكثافة التعاون بين البلدين.
ويقول جي جي جولدنبرج، رئيس تحرير صحيفة فرورد Forward اليهودية "إن لجماعة إيباك تأثيرا قويا على السياسة الخارجية الأمريكية. وتحرص الجماعة على ضمان تبني الولايات المتحدة وجهة النظر الإسرائيلية نحو صراع الشرق الأوسط، والقضايا العالمية بصفة عامة".
تقرير واشنطن يلقي نظرة تفصيلية علي تاريخ وكيفية عمل أحد أكبر جماعات الضغط في واشنطن.
تعد لجنة العلاقات العامة الأمريكية-الإسرائيلية Committee Affairs American-Israeli Public (AIPAC) المعروفة بإيباك من أكبر مراكز النفوذ بالساحة السياسية الأمريكية. وهذا النفوذ ليست محدودة للعاصمة الأمريكية، فقوة المنظمة قائمة على نشاطاها الجاري بأنحاء الولايات المتحدة حيث تتمتع اللجنة بالعديد من المكاتب المحلية خارج مدينة واشنطن. ولا شك أن في إيباك تتمثل كل العناصر التي تجعل من أي منظمة رمزا لقمة التنظيم السياسي الناجح بالولايات المتحدة. وما هي نتيجة هذا التنظيم؟
كوندوليزا رايس، إريال شارون، هيلاري كلينتون، زعماء الأغلبية والأقلية بمجالس الشيوخ والنواب ، ورئيس مجلس النواب دينس هاستيرد، كل هذه الشخصيات كانت حاضرة للاجتماع السنوي لإيباك الصيف الماضي مما يدل على القوة الجبارة التي تحظى بها هذه المؤسسة.
تحديات كبيرة
في نفس الوقت تواجه المؤسسة تحديات كبيرة في ظل فضيحة التجسس المزعوم لاثنين من عناصر المنظمة البارزة، وهم ستيفين روسن مدير الشئون السياسية السابق وكييث وايسمان، باحث سابق بإيباك، وهو متخصص في شئون إيران. وقد تم فصل روسن ووايسمان بعد اتهامهما بتزويد مسئول إسرائيلي بمعلومات سرية عن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، ويزعم أنهم قد حصلا عليها عبر مسئول بمكتب مساعد وزير الدفاع دوغلاس فايث. وتلك ليست المرة الأولى التي يواجه فيها إيباك مثل هذه الضغوط.
فمن المعروف أن رئيس إيباك السابق ديفيد ستينر أضطر لتقديم استقالته في أوائل التسعينيات بعدما ثبت بواسطة شريط تسجيلي صرح فيه أنه يتفاوض مع هيئة الحملة الانتخابية لكلينتون لتعيين وزير خارجية مؤيد لإسرائيل.
أعتبرت الكثير من المنظمات المعادية هذه الفضيحة كعلامة خيانة، أما للكثير من المحللين تشير هذه الحادثة للعلاقات الوطيدة التي تجمع بين قيادة إيباك وصناع القرار الأمريكي، فهي حقا لجنة "إدارة" علاقات بمعنى الكلمة.
تاريخ إيباك
أسس إيباك سي كينين عام 1951 وكان أسم المنظمة في مرحلة التأسيس لجنة العلاقات الأمريكية- الصهيونية. ولم يجد مؤيدي إسرائيل في تلك الفترة تعاون من وزارة الخارجية الأمريكية لتقديم المعونات للدولة الجديدة فكان من اللازم أقناع أعضاء الكونغرس الأمريكي بدعم إسرائيل من خلال المساعدات الخارجية التي تقدم بموافقة أعضاء الهيئة التشريعية. وشهد عام 1967 ارتفاعا حادا في نشاط إيباك حيث استطاعت المؤسسة جذب انتباه المجتمع السياسي الأمريكي لنجاح الدولة الإسرائيلية في هزيمة الجيوش العربية، وبالفعل استجاب أعضاء الساحة السياسية ونضجت العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بشكل كبير خلال هذه الفترة. ونجحت إيباك والمنظمات المماثلة في إقناع السياسيين الأمريكيين بأن إسرائيل خير حليف للولايات المتحدة بالمنطقة نظرا لقوتها العسكرية ولممارستها سياسة ديمقراطية عكس معظم الأنظمة الأخرى بالمنطقة.
وكانت فترة رئاسة ريغان عهد التطور الذهبي لإيباك حيث ارتفع عدد أعضائها من 8,000 إلى 50,000 عضو بين 1981 و1993. وازدادت الميزانية السنوية للمنظمة من مليون دولار إلى 15 مليون دولار في نفس الفترة (حيث أن معظم التمويل يأتي من التجمعات اليهودية الأمريكية إما من خلال التبرعات أو من خلال رسوم الاشتراكات ومبيعات منشورات المنظمة. ولذلك دعم صعود الوجهة السياسية للمنظمة مواردها المالية). ويقال إن إيباك لعبت دورا كبيرا في الثمانينات في أقناع أعضاء الكونغرس بالموافقة على مساعدة سنوية لإسرائيل قيمتها 3 مليار دولار. ومع هذا التوسع دعمت إيباك إنشاء ثينك تانك (مركز أبحاث) مشهور وهو معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy عام 1985. وكان الهدف الأصلي من تأسيس هذا المعهد هو نشر الأبحاث المؤيدة للموقف الإسرائيلي والداعمة لأمن الدولة.
إيباك اليوم
لإيباك اليوم حوالي مائة ألف عضو بأنحاء الولايات المتحدة. وتصرح المنظمة من خلال موقعها الاليكتروني بأن مقابلات إيباك مع أعضاء الكونغرس الأمريكي تصل إلى 2000 مقابلة في السنة الواحدة وتنتج عنها عادة 100 تشريع محاب لإسرائيل على حد تعبير الموقع. وكما ذكرنا للمنظمة مكاتب إقليمية عديدة خارج نطاق العاصمة الأمريكية. وتقدر قيمة ميزانية إيباك السنوية بـ40 مليون دولار. وتقول إيباك إن أهدافها الحالية تتركز على النقاط التالية:
• منع إيران من الاستحواذ على الأسلحة النووية
• دعم إسرائيل وتأمينها
• الدفاع عن إسرائيل من أخطار الغد
• تحضير جيل جديد من القيادات الداعمة لإسرائيل
• توعين الكونغرس عن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية
وتحاول المنظمة تحقيق هذه الأهداف من خلال النشاطات السياسية المختلفة ومنها الاجتماع بأعضاء الكونغرس وإقامة علاقة جيدة معهم. كما تعرف المنظمة ببرامجها التعليمية وتضمن برنامج سنوي يسعى لتوعية الشباب الأمريكي عن العلاقات مع إسرائيل ويشمل المشروع دورة تدريبية عن كيفية إدارة نشاطات مؤثرة لجلب التأييد العام للقضايا المتعلقة بإسرائيل. كما تصدر إيباك "تقرير الشرق الأدنى" وهي مجلة تنشر كل أسبوعين وتناقش أهم المواضيع الجارية في مجال العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية. ورئيس تحرير المجلة هو رافاييل دانزيغر، وهو مؤلف كتاب "عبد القادر والجزائريون: من مقاومة الفرنسيين إلى التعزيز الداخلي".
وتقدم إيباك العديد من التقارير لتزويد صناع القرار بمعلومات عن التطورات بمنطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على مصالح الدولة الإسرائيلية وعلاقتها بالولايات المتحدة، وإن كانت حيادية مثل هذه الوثائق محل جدل.
ومن أهم النشاطات التي تقوم بها المؤسسة هي المؤتمر السنوي الذي ذكرناه في بداية التقرير. وهذا الحدث يعتبر من أكبر التجمعات لكبار شخصيات المجتمع الواشنطوني حيث ينضم إلى هذا الاحتشاد زعماء الكونغرس الأمريكي إلى جانب كبار صناع القرار الأمريكي. وألقى الخطابات الرئيسية هذا العام وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس وهيلاري كلينتون عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك وزوجة الرئيس الأمريكي السابق وأرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي. وكان عدد الحاضرين هذا العام حوالي 4,000 وهو رقم قياسي في تاريخ مثل هذه المؤتمرات.
منافسة منظمات يهودية لإيباك
قالت موسوعة "سبين واتش" SpinWatch أن إيباك تحظى بمنافسة من المنظمات اليهودية المعادية التي تتهمها بالانحياز للميول اليمينية المحافظة التي لا تمثل الآراء العامة في المجتمعات اليهودية. ومنهم "منتدى إسرائيل للسياسات" Israel Policy Forum الذي يرأس قسم أبحاثه أم جاي روزنبيرغ الذي عمل بإيباك كرئيس تحرير "تقرير الشرق الأدنى" خلال فترة الثمانينيات.
كما تواجه إيباك اتهامات من منظمة تدعي "مجلس المصلحة القومية" Council on National Interest التي تهدف لتغيير مسار السياسية الأمريكية إلى اتجاه جديد لا ينحاز إلى الجانب الإسرائيلي. وأسس المركز بول فيندلي علم 1989 وهو عضو سابق بمجلس النواب. و قد شن المجلس حملة شرسة ضد إيباك في ظل فضيحة اتهامات التجسس ضد عناصر المنظمة.