جريدة الجرائد

قصف أول جرم في الكون وروبوت يقاتل كالساموراي وبيئة الأرض مُهددة.

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

...انفلونزا الطيور تثير رعباً و مهرجان أول لأفلام الخليوي و"تشكيك" في العلم


أحمد مغربي:

ما الذي قالته سنة 2005 في العلم؟ الارجح ان خيالها يحضر في شريط من صور يميل معظمها الى الرعب والاضطراب: قصف المذنب "تامبل-1" (أول جسم كوني تضربه أسلحة بشرية)، ورعب انفلونزا الطيور الذي لفّ الكرة الارضية، واعصار كاترينا الذي اثبت ان ارتفاع حرارة الارض بات مصدراً لأخطار داهمة، والرحلة المضطربة للمكوك "ديسكوفري" التي ساهمت في قرار وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) بإحالة اسطول مكوكات الفضاء الى التقاعد، وضياع أول شراع شمسي أُعدّ من أجل تمكين المركبات الفضائية من انجاز رحلات بعيدة في غياهب الكون (صنعته روسيا)، وسحب دواء "فيوكس" Vioxx بسبب ارتباطه بأمراض القلب مما ألقى الشك على كفاءة عمل المؤسسات العلمية في بلد من وزن الولايات المتحدة، و...فضيحة استنساخ الكلب وتجارب خلايا المنشأ في كوريا الجنوبية!

ثمة اخيلة أخرى للعلم في العام 2005: أول مهرجان لافلام الخليوي ضمن فعاليات مهرجان افلام الانترنت "صان دانس"، ونجاح المسبار الفضائي "هويغنز" في الهبوط على قمر "تيتان" التابع لكوكب زحل مُسجّلاً وصول البشر لثالث ارض فضائية (بعد القمر والمريخ) ولأول قمر غير تابع لكوكبهم، والتطور المُذهل في الروبوتات التي دخلت عصر الرياضة وفنون القتال البدني العسكري Martial Arts عبر روبوت الساموراي، اضافة الى اكتسائه بجلد حساس مرن واعطاء وجهه شكلاً شبه انساني، و...نجاح ايران في استنساخ أول لتوائم من الخرفان وغيرها. وفي السنة التي كرّستها الامم المتحدة لعلم الفيزياء، عبر إحياء مرور مئة سنة على وضع نظرية النسبية على يد آلبرت اينشتاين، عُقد اكثر من لقاء علمي لنقد النسبية وكذلك استضافت سويسرا مؤتمراً علمياً، أولاً لنقد نظرية الفيزياء الكمومية Quatum Physics، التي تعتبر النظير المقابل لنظرية النسبية وغيرها. وأيضاً، فانها السنة التي استغرقت فيها اميركا ومدارسها بنقاش مذهل، امتد من التربية والتعليم الى السياسة والاجتماع، عن المفاضلة بين نظرية النشوء والارتقاء، التي وضعها تشارلز داروين، ونظرية "التصميم الذكي" Intelligent Design، التي يرى البعض انها اكثر انسجاماً مع الدين والمستجدات العلمية. والحال ان مُعظم المؤسسات العلمية البارزة في اميركا، مثل "الجمعية الاميركية لتقدم العلوم" ابدت رفضها لنظرية "التصميم الذكي"، مع ابقائها على انتقاداتها المتعددة لداروين. ولعل الحكم الذي صدر في ولاية ماساشوستس عن تدريس إحدى النظريتين في المدارس، انتصر لتدريس التطور الدارويني. وشدد الحكم على ان الدور الاساسي للتعليم هو تحفيز تفكير التلامذة على المعرفة والاكتشاف، وليس تفاصيل النظريات العلمية المُعرضة دوماً للنقد والهدم. ولذا، فان تدريس نظرية علمية، مثل تطورية داروين، مع تنبيه التلامذة الى انها لا تُمثل حقائق نهائية وقاطعة، يخدم هدف التحفيز على المعرفة والنقد والاكتشاف. وفي المقابل، فان نظرية "التصميم الذكي" تُقدّم نفسها باعتبارها نظرية نهائية، خصوصاً أنها تدعم نفسها بالاستناد الى الانجيل والتوراة، ولا يخدم هذا الأمر تطوير ملكة النقد عند الطالب، وكذلك فانه يتجاوز مبدأ الفصل بين الدين والدولة الذي يعتبر من أساسيات الدستور في الولايات المتحدة".

وثمة نقاش اميركي آخر لفت نظر العالم. فقد شهدت اروقة "المؤتمر الأول للامم المتحدة عن التغييرات في المناخ"، الذي استضافته مدينة مونتريال الكندية، نقاشاً حاداً عن ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض وعلاقتها مع التلوث في الغلاف الجوي للأرض. والحال ان المؤتمر عقد بعد أقل من شهرين من غرق مدينة نيواورليانز بفعل ضربة الاعصار "كاترينا". وتسببت تلك الضربة بمآس ما زالت فصولها تتوالى. ولأن جموعاً كثيرة ممن تحطمت حيواتهم بسبب النزوح عن تلك المدينة، كانوا من الافارقة الاميركيين، فقد اصبح النقاش عن الأمور المتصلة بالاعصار شأناً سياسياً حساساً. وواجهت ادارة الرئيس جورج بوش وضعاً صعباً في مؤتمر مونتريال، لأن كثيراً من المؤسسات العلمية الأميركية، وخصوصاً وكالة "ناسا" و "الجمعية الاميركية لتقدم العلوم"، باتت تتبنى الرأي القائل إن ارتفاع حرارة الارض يحدث بفعل تراكم غازات التلوث (التي تنفثها المصانع والمركبات ومولدات الكهرباء وغيرها) في الهواء، وانه السبب في ظواهر مثل زيادة قوة الأعاصير الاستوائية (من نوع كاترينا) وذوبان الثلوج وارتفاع مستوى البحار والمحيطات والموت المنتشر في الشعاب المُرجانية وانقراض بعض الانواع الحيوانية وغيرها. على رغم ذلك، لم تقبل الادارة الاميركية ان تغير موقفها الرافض للاجماع العالمي على ضرورة تنفيذ ميثاق "كيوتو"، الذي يفرض على الدول الصناعية خفض مستوى ما تنفثه آلاتها من عوادم ملوثة للجو. وازاء ذلك التصلب، ارتفع الصوت الجريء للرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون ليُشدد على خطأ نظرة ادارة بوش لتغييرات المناخ. وفي الليلة الاخيرة للمؤتمر، صعد كلينتون الى المنصة ليلقي خطاباً لم يكن مُدرجاً سلفاً على جدول الأعمال. وشدد بنبرة مسؤولة على خطورة الكوارث التي باتت تنجم من التغييرات في مناخ الارض: "ان ارتفاع حرارة الارض مرتبط بالنشاط الانساني وبالتلوث من آلات الصناعة، وهذه أمور مثبتة علمياً". هكذا تحدث كلينتون في مونتريال، حاملاً للعالم انذاراً ورسالة تنبيه، بأن بيئة الارض، لم تعد تحتمل المراوغة وصراع المصالح وتأجيل مبادرات الانقاذ.

amoghrabi@alhayat.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف