جريدة الجرائد

ملاحقة ... وأحياناً معاقبة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عيون وآذان
جهاد الخازن

بعض أرقام البلوغز، أو المدونات، يبدو مبالغاً فيه، فموقع "بلوغ هيرالد" مثلاً يقدر وجود مئة مليون بلوغ حول العالم، وبلايين الزيارات اليومية لها. مع ذلك عندما يراجع الخبير معلومات هذا الموقع يجد انها تخلو من أي اشارة الى المدونات بالعربية، ما يعني ان أرقامه ستزيد بدل ان تنقص اذا زدنا عليها ألوف المدونات العربية، ومعها مدونات لعرب باللغة الانكليزية وبعض الفرنسية.

"بلوغ هيرالد" يسجل وجود 700 ألف مدونة ايرانية، منها 520 ألف مدونة بالفرنسية، والمجموع يزيد أضعافاً على جميع المدونات لعرب بأي لغة. غير ان أرقام الشرق الأوسط تتضاءل بالمقارنة مع بقية العالم، ففي الولايات المتحدة بين 30 مليون بلوغ و50 مليوناً، وفي بريطانيا 2.5 مليون بلوغ، وفي الصين ستة ملايين، وفي اليابان 5.5 مليون بلوغ، وفي فرنسا 3.5 مليون بلوغ، مع رقم مذهل لكوريا الجنوبية هو 20 مليون بلوغ.

وسط هذه الملايين يظل الوجود العربي محدوداً، ومع ذلك فدول عربية عدة يقلقها انتشار المدونات، وتحاول تقييد نشاطها وملاحقة المدونين، وأحياناً معاقبتهم.

اليوم أعتمد على مصدرين أجنبيين، كل منهما يتمتع بصدقية عالية، لرصد تعامل الحكومات العربية مع الصحافة الجديدة، والمصدران هما جماعة "مراسلون بلا حدود" ومنظمة "مراقبة حقوق الانسان"، (أو هيومان رايتس واتش).

تسجل "مراقبون بلا حدود" أسماء 15 دولة حول العالم تقاوم المدونات، ومنها الصين وكوبا وكوريا الشمالية واوزبكستان وفيتنام، ولكن ايضاً تونس وسورية وليبيا والمملكة العربية السعودية وايران.

بعض هذه الدول يعترف بأنه يمنع مدونات معينة، والحكومة الايرانية تقول انها تراقب مئات ألوف البلوغز، وهي تمنع ما تعتبر انه يضم إباحة جنسية، وهذا مفهوم، الا انها أيضاً تراقب بلوغز سياسية، وقد حكم على بعض أصحابها بالسجن.

وبالنسبة الى المملكة العربية السعودية، فاهتمامها مفهوم أيضاً لأنها تركز على منع المدونات التي تسيء الى الاسلام، أو تناقض طبيعة المجتمع السعودي المحافظ. وتقول وحدة خدمة الانترنت في السعودية انها تتابع عمل 400 ألف موقع.

في سورية، تراقب الانترنت كلها بشدة والوصول اليها قصر على فئة قليلة من المواطنين النافذين أو القادرين. وتسجل "مراسلون بلا حدود" حالات توقيف او اعتقال في سورية سببها المدونات وما نشر أصحابها.

ويختلف الوضع في ليبيا فهناك مليون مواطن يستعمل الانترنت، غير ان البلاد من دون صحافة حرّة، والاعلام الالكتروني مراقب بشدة كغيره، والمخالفون يعاقبون. وكان عبدالرزاق المنصوري كتب مقالاً ساخراً على موقع مقره لندن في كانون الثاني (يناير) الماضي، وحُكم عليه في تشرين الأول (اكتوبر) بالسجن 18 شهراً بتهمة "حيازة سلاح غير مشروع".

وتعتبر تونس حالة فريدة، و"مراسلون بلا حدود" تقول ان أسرة الرئيس زين العابدين بن علي تحتكر الوصول الى الانترنت، والمدونات مراقبة بشدة، حتى ان موقع "مراسلون بلا حدود" نفسه لا يرى داخل تونس. وثمة أخبار عن اعتداءات على صحافيين ومحامين ونشطين آخرين، وسجن معارضين، ومع ذلك وافقت الاسرة الدولية على ان تستضيف تونس قمة المعلومات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مما سأكمل به بعد أسطر قليلة عن مصر والبحرين فهما على قائمة اضافية اصدرتها "مراسلون بلا حدود" عن "بلدان يجب مراقبتها"، والمعلومات أكثر عن مصر حيث تراقب المدونات، ويلاحق المخالفون. وأسجل موافقتي على مراقبة المدونات التي قد تثير مشاكل دينية لمعالجتها مثل هذه القضايا بجرأة تخلو أحياناً من تقدير الحساسيات لدى هذه الطائفة أو تلك، فاكثر المدونين "هواة" وقد يرتكبون أخطاء عن حسن نية وبسبب نقص الخبرة.

أكمل بقمة المعلومات في تونس، فقد كانت موضوع تقرير في 144 صفحة صدر عن منظمة "مراقبة حقوق الانسان" تحت العنوان "حرية زائفة: مراقبة الانترنت في الشرق الاوسط وشمال افريقيا"، وركز على عمل المدونات وأصحابها.

التقرير قدم عرضاً عاماً عن دول المنطقة، وفصولاً محددة عن أربع دول هي مصر وايران وسورية وتونس.

ويستطيع القارئ الوصول الى التقرير بنصه الكامل عبر موقع المنظمة، وهو يقول ان الآمال بالانفتاح مع تولي الدكتور بشار الأسد الرئاسة في سورية خابت، والرقابة هناك شديدة، والتقرير يورد أسماء سوريين اعتقلوا أو تعرّضوا لضغط السلطات. ولعلّ الايجابية الوحيدة المسجلة هي السماح سنة ألفين للسوريين بالدخول على الانترنت ومنظمة "مراقبة حقوق الانسان" تقدر ان هناك نصف مليون مشترك، وقد انتشرت مقاهي الانترنت في شكل ملحوظ. والأرقام هذه أوسع كثيراً من أرقام "مراسلون بلا حدود" عن سورية.

وبالنسبة الى مصر، فقد كان هناك انفتاح على الانترنت تبعه انغلاق، وفي سنة 2004 اعتُقل أصحاب 21 مقهى انترنت في القاهرة بتهمة عدم الحصول على تراخيص، وأغلقت المقاهي، ولكن أفرج عن أصحابها. وتسجل المنظمة ان زوار مقاهي الانترنت في القاهرة تعرضوا للتحقيق.

وكانت تونس تحت الأضواء خلال قمة المعلومات الثانية، وانتقدت جماعات عدة نشطة في مجال الحريات وحقوق الانسان موقف الحكومة التونسية من المدونات والمعارضة عموماً. وفي حين تقول الحكومة التونسية انها تمنع المواقع التي "تحرّض على العنف والكراهية والارهاب" فإن مواقع كثيرة ممنوعة لا ينطبق عليها هذا الوصف.

وسأعود الى ايران في الايام التالية لأهميتها، غير انني أسجل في النهاية انني صحافي أريد حرية عمل كاملة، ومع ذلك أقدر موقف دول ازاء مواقع تعالج قضايا اجتماعية أو دينية بالغة الحساسية، ولكن ارجو الا تستعمل هذه القضايا المبررة عذراً لمكافحة المعارضة المشروعة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف