خرافات وأساطير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فنجان قهوة
أبو خلدون
الخير، عندنا، معقود بنواصي الخيل، أما في الدول الغربية فإنه معقود بحدوات حوافرها، وحتى الآن لا تزال حدوة الحصان تحتل مكانا بارزا فوق أبواب المنازل القديمة في المدن الغربية، لأن سكان هذه المنازل يعتقدون أنها تجلب لهم الحظ، وتمنع الشر، وتحميهم من الأرواح الشريرة والحسد.
وفي الجاهلية، كان العرب يتطيرون، وإذا عزم أحدهم على سفر أو قرر أمراً، يذهب إلى البرية للبحث عن طير يدرج على الأرض، ويرجمه بحجر، فإذا طار الطير نحو اليمين، يتفاءل الزاجر ويتصور أن سفره سيكون موفقا، أو الأمر الذي قرره سيحقق النجاح، وإذا طار نحو اليسار تشاءم وعدل عن مقصده. وكان العشاق يزجرون الطير لمعرفة مكانتهم في قلوب حبيباتهم، وها هو مهيار الديلمي الذي لم يخب له الزجر مقصدا يقول ldquo;وقد كنت أرجوها وأزجر طيرها/ بفال قضى ألا يخيب له زجرrdquo; ويقول ابن قلاقس: ldquo;زجرت في شأنها الأطيار ساجعة / ولم يخب قط عندي زجر أطيارrdquo;.
والايمان بالخرافات لا يقتصر على البسطاء من الناس، فقد كان الشاعر ابن الرومي يتشاءم إذا صادف في طريقه رجلاً تتضمن حروف اسمه كلمة توحي بالتشاؤم، ومن ذلك أنه رفض فتح باب منزله لرجل يدعى ldquo;حسنrdquo; وقال له: لو أعدنا ترتيب حروف اسمك لحصلنا على كلمة ldquo;نحسrdquo;، وظل ابن الرومي في ذلك اليوم أسير منزله ولم يخرج منه.
وواد باج، أفضل لاعب بيسبول في التاريخ، كان يتفاءل بالدجاج، ويعتقد أن أكله يجلب له الحظ، ويسهل عليه تسجيل الأهداف ضد الفريق المنافس، ولذلك ظل يتناول دجاجة يومياً، على مدى عشرين عاماً.
وقبل أيام صدر في الولايات المتحدة كتاب عن التطير بعنوان ldquo;الاعتقاد بالخرافاتrdquo; من تأليف ستيوارت فايس، استاذ علم النفس في جامعة كونكتيكوت قال فيه إن آلاف المشاهير في كل أرجاء العالم ممن عرفوا بالاتزان ورجاحة العقل يؤمنون بالخرافات، وعلل ذلك بالقول: ldquo;يواجه الإنسان في حياته الكثير من التحديات التي لا يستطيع التكهن بنتائجها، والخرافة توفر له وسيلة توهمه أن مجريات الأمور خاضعة لسيطرتهrdquo;، وكانت اليزابيث تايلور، كليوباترا السينما العالمية، تحمل في حقيبتها ايقونة فرعونية قديمة تعرف باسم ldquo;مفتاح الحياةrdquo; تعتقد أنها تجلب لها الحظ، وعندما يعرض أحد المخرجين عليها دورا في فيلم جديد، كانت اليزابيث تنتزع الأيقونة، وتفركها بين أصابعها، وتفعل ما يمليه عليها الجواب الذي يقع في قلبها في ذلك الحين، فإذا كان الجواب بقبول الدور قبلته، وإلا فإنها ترفضه.
ويقول ستيوارت فايس في كتابه إن الايمان بالخرافات يفيد من الناحية النفسية، إذ إنه يخفف التوتر ويمنح الإنسان إحساسا بالثقة، ولكنه قد يلحق أضرارا كبيرة بصاحبه، خصوصا إذا كان ممن يؤمنون بالسحر، واكتفى بتعليق تميمة في رقبته لعلاج مرض مستعص يفتك به، وأهمل العلاج الطبي، إذ إن مشكلته الصحية ستزداد سوءا، لأن التميمة لا تحتوي على المواد الطبية اللازمة لمكافحة المرض.
وربما نفسر ضرورة دخول المنزل بالرجل اليمنى بأن هذه الرجل لها روحانية أقوى من روحانية اليسرى، ولكن الجوهرة السوداء بيليه لم يكن يأبه بدخول الملعب بالقدم اليمنى أو اليسرى، وكل ما كان يحرص عليه هو عقد طرف قميصه من الجهة اليمنى على شكل عقدة، فقد كان يعتقد أن هذه العقدة تجلب له الحظ.
وبعض الناس يعقدون أطراف قمصانهم، ويأكلون دجاجاً من أفضل الأنواع، ويفعلون ما هو أكثر، ومع ذلك فإن الحظ لا يأتيهم.