توقيف منذر الأسد: هل يكشف أسراراً ماضية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سجلت قضية ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد، منذر جميل الأسد، تطوراً لافتاً يوم الاثنين الماضي، بعدما أعلن عن إصدار مذكرة توقيف في حقه من قبل القضاء اللبناني المختص. فيما كان الملف في عهدة النائب العام التمييزي سعيد ميرزا، لدرس الطلب الذي تقدمت به السلطات السورية لاسترداد منذر، الذي كان أوقف في مطار بيروت في آخر أيام العام المنصرم. غير ان اللافت أكثر كان في إشارة خبر إصدار مذكرة التوقيف، الى ان التهمة التي استندت اليها، هي محاولة القتل، من دون تحديد مكان الجريمة ولا زمانها. علماً ان المسؤولين اللبنانيين المعارضين لسورية ربطوا بين طلب التوقيف وتوقيته، وبين التطورات السورية الداخلية منذ انتحار اللواء غازي كنعان وحتى انشقاق نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام. كما ان بعضهم حذر من تسليم منذر الأسد الى دمشق، خوفاً على حياته.
في حين أكدت مصادر مواكبة للقضية ان صهر الرئيس السوري، اللواء آصف شوكت، ولدى زيارته باريس في أيلول الماضي، اتصل بأبناء عم زوجته ومنهم منذر إبن شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، جميل الأسد الذي كان طيلة حياته غائباً عن المسرح السياسي السوري الأول. فهو رغم دخوله مجلس الشعب السوري عضواً عن حزب البعث منذ العام 1971، ورغم ترؤسه لجنة الأمن الوطني النيابية في المجلس نفسه، ظل هامشياً مقارنة بحضور شقيقه الآخر رفعت. إلا ان تنحية الأخير في العام 1984، جرّت في طريقها بعض امتيازات جميل الأسد، فحلّت جمعية "المرتضى" التي أسسها في اللاذقية، وقيل ان بعضاً من ممتلكاتها شملتها مصادرات السلطات السورية التي طاولت ممتلكات النائب الثاني للرئيس، الدكتور رفعت الأسد في حينه، غير ان جميل ظل حاضراً في المناسبات السورية الرسمية، خصوصاً العائلية منها، كما مع وفاة باسل الأسد في كانون الثاني 1994 وغياب حافظ الأسد في حزيران 2000. الى ان أعلن عن وفاته في مستشفى فرنسي في كانون الأول 2004.
انكفاء جميل الأسد طيلة العقدين الماضيين، عوّض عنه على الساحة اللبنانية حضور عدد من أولاده في بيروت، وخصوصاً ابنه البكر فواز، الذي اشتهر منتصف التسعينات بموكبه الحاشد، والمؤلف من عدد كبير من السيارات الفاخرة، والذي اعتاد اللبنانيون مشاهدته يتنقل بين مطاعم الكسليك وبيروت. وفي تلك الفترة نسجت أخبار كثيرة عن علاقة هذا الحضور بقضايا مافيات السيارات المستوردة الى لبنان أو تلك المسروقة منه. إلا ان ما عزز تلك الأقاويل كان الحادث الدموي الذي شهده حاجز الجيش اللبناني في منطقة المدفون، عند مدخل محافظة شمال لبنان، في 11 نيسان 1999. إذ ذكرت معلومات رسمية وصحافية ان عصابة لسرقة السيارات اشتبكت يومها مع عناصر الجيش على الحاجز المذكور، ما أدى الى مقتل ستة أشخاص وجرح سبعة بينهم عسكريان. الحادث تمت لفلفته بسرعة، من دون تفاصيل كثيرة، وطاوله لاحقاً تعتيم إعلامي وقضائي كامل، لكن ما تسرب من وقائع كشف ان المسلحين الذين قاموا بالاشتباك مع الجيش سوريون، وانهم كانوا قبل أسبوعين من الحادث قد دخلوا بقوة السلاح الى سراي طرابلس واسترجعوا سيارة مسروقة كانت بحوزتهم وصادرتها منهم قوى الأمن الداخلي. وانه حين بلغوا حاجز المدفون أبرزوا بطاقات أمنية، ليحصل بعدها تفاوض بينهم وبين مسؤولي الحاجز، استمر أكثر من ساعتين، رفضوا بعدها تسليم سياراتهم، فوقع الاشتباك، وعلم في حينه ان إحدى السيارات المسروقة التي كانت تقل هؤلاء المسلحين، تعود الى مواطن لبناني من آل الحداد في بلدة الحدث، وكانت قد سرقت قبل أشهر طويلة، وشوهدت مراراً في مناطق لبنانية عدة كما في بيروت، من دون أي قدرة لأي جهة رسمية لبنانية على استرجاعها.
غير ان الأبرز في حادث المدفون ذلك، ما تردد عن ان أحد الذين أوقفوا خلاله هو ابن جميل الأسد نفسه، وان الأمر حصل بتنسيق مباشر مع دمشق، بعد أسابيع قليلة على نشر خبر مفاده ان أبناء أخ الرئيس حافظ الأسد ملاحقون في قضايا فساد. ورغم وقوع الحادث وسقوط قتلى وجرحى فيه، لم تعلن أي جهة رسمية لبنانية عن إحالته الى أي جهة قضائية، ولا عن توقيف أي متورط فيه أو محاكمة أي متهم. غير ان الأقاويل ظلت تشير الى ان منذر جميل الأسد كان أحد هؤلاء. ولذلك تشير أوساط قانونية مطلعة الى انه من المستغرب بعد الإعلان عن توقيف الأخير في مطار بيروت، ألا تكون السلطات القضائية قد بادرت الى إعادة فتح هذا الملف الواقع في تاريخ لم يمر عليه الزمن بعد، بدل الدخول في اجتهادات استرداد السلطات السورية للموقوف أو عدمه الى ان جاء خبر مذكرة التوقيف يوم الاثنين الماضي ليعيد فتح الباب على احتمالين: اما احتمال إخضاع الملف للمقتضيات القضائية، واما "ضمه الى الأساس" السياسي العالق بين بيروت ودمشق عبر عواصم الرياض والقاهرة وباريس وواشنطن وغيرها. علماً ان قانون أصول المحاكمات الجزائية يفرض مهلاً واضحة للتوقيف الاحتياطي، تجعل التطورات المرتقبة لهذا الملف ضرورية خلال الساعات القليلة المقبلة.