طريق الرئيس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ذاكرة المستقبل
جمعة اللامي
ldquo;ليس شيء ألذّ ولا أسرّ من عزّ الأمر والنهي،
ومن الظفر بالأعداء، ومن تقليد المنن أعناق الرجال،
لأن هذه الأمور نصيب الروح، وحظ الذهن، وقسمة الذهنrdquo;
(الجاحظ)
عتب عليّ مواطن عربي، قال: ldquo;أراك تتحدث حول السياسة والرياسة بلغة القرن الثالث الهجري، بينما نحن في ذيل عالم وبداية قرن يقفز عالياً، وعالياً جداً، ليبني ثقافة جديدة في الرياسة والسياسة والحكمrdquo;.
ثم قال: ldquo;ثم، مالنا والساسانيين؟ انهم في زمان ونحن في زمان آخر، ومن الخير أن نتكلم في البرلمان، والتمثيل النسبي، والرأي والرأي الآخر، وتحرير المرأة، وتأمين حقوق الطفل، ومجانية التعليم والصحة.، وهكذا.. وهكذا، وغير هذا أيضاrdquo;.
الحق مع هذا المواطن العربي، فهو يرى الأمور من زاويته، وأراها من زاويته، ومن زاوية محمد، ومن زاوية الوليد وعمر وجريس ونيقولا وصالح وبن جلول وفاطمة وهند ومليكة.
ثم إن الكتابة رسالة، وأخذ وردّ، وها أنت ترى يا صديقي يا صديقي - أننا، أنت وأنا، نطير بجناحين، لا بجناح واحد فأنت تنشئ العناوين، وأنا أعود الى حكم الأمم والشعوب، وإلى عاداتها وتقاليدها، وحُكّامها، فأنقل من أمهات الكتب العِظة، مثلما أنقل الكفر أيضا، وناقل الكفر ليس بكافر، والمقصود هنا العبرة ولو قادتنا الى العَبْرة، أو ذكر ldquo;اردشيرrdquo; ملك الفرس، او ldquo;نيرونrdquo; الروماني.
ولقد مللنا الحديث عن التفرد العربي والاستقواء العربي، بالأجنبي، لأنه حديث مشاع ومباشر، ولكن تعالَ نجرب خطاباً آخر فنقول: ldquo;من أخلاق الملوك حب التفرد، وكان ldquo;أردشيرrdquo; اذا وضع التاج على رأسه لم يضع أحد على رأسه قضيب ريحان، وإذا لبس حلة لم يُرَ على أحد مثلها، وإذا تختّم بخاتم كان حراماً على أهل المملكة أن يتختموا بمثلهrdquo;.
هذه ldquo;فضيحة عربية بجلاجلrdquo;، كما يقول اخوتنا المصريون، لأن بيننا من بزّ ldquo;أردشيرrdquo; في تبذيره وهو يظن انه مُسْرف، ويوجد بيننا من الوعاظ من لا يعلّم الناس الفرق بين التبذير والإسراف.
والمبذرون اخوان الشيطان.
وفي قطب آخر من المعادلة نجد النقيض: كتب عمر بن الخطاب الى معاوية: ldquo;أنْ إلْزَم الحق، يُنْزِلْكَ الحق في منازل أهل الحقّ، يوم لا يقضى إلا بالحقrdquo;.
وجاء في أخبار الرياسة العربية - الإسلامية، إن أول كتاب كتبه علي بن أبي طالب في خلافته، جاء فيه: ldquo;أما بعد، فإنما هلكَ من كان قبلكم، أنهم منعوا الحق حتى اُشْتُرِيَ، وبسطوا الباطل حتى اُقْتُدِيَrdquo;.
وهذا هو الفرق الجلي بين الرئيس الذي يأتي إليه الكرسي ليكون بعض تجليات أخلاقه ورياسته، والرئيس الذي يكون أصغر من الكرسي، فيكبر الكرسي، ويتضخم، حتى ليغدو الرئيس بعضاً من الكرسي.
الأول، يقصد الحق، والثاني يقصد الكرسي فقط. وقالت العرب: ldquo;مَنْ قَصَدَ الى الحق اتسعت له المذاهب حُجة، ومَنْ تعداه ضاق به أمره، وما هلك امرؤ عرف قدرهrdquo;.
وأكْرمْ برئيس يقصده رجل في حاجة، فيقول للقاصد قبل أن ينطق هذا القاصد بكلمة واحدة: ldquo;أنت عندي، لقد قُضي الأمرrdquo;.