جريدة الجرائد

من ينقذ الشرق الأوسط ؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الإثنين:16. 01. 2006


دrlm;.rlm; محمد السيد سعيد

من السهل تتبع ما يحدث في منطقتناrlm;,rlm; وعلاقاتها المضطربة في الداخل ومع الفاعلين الكبار في المستوي العالمي علي مختلف الأصعدةrlm;.rlm; أما الصعب فعلا فهو أن نجد إجابة عن سؤالrlm;:rlm; من ينقذ هذه المنطقة من الأوحال التي تغوص فيهاrlm;,rlm; ومن عواصف العنف التي تصفر في أرجائها وقد تجرها إلي ويلات أشدrlm;.rlm;

بداية نحن مضطرون لاستخدام مصطلح الشرق الأوسط الذي لا نحبه لأن ليس ثمة بديل متفق عليه لهذا المصطلحrlm;,rlm; عندما يتعلق الأمر بمنطقة أوسع من العالم العربيrlm;,rlm; تشمل إسرائيل وإيران وتركياrlm;,rlm; علي الأقلrlm;.rlm; وتشتبك هذه الدول مع أزمات المنطقة ومشكلاتها مع النظام العالميrlm;.rlm; ففي الوقت الحاليrlm;,rlm; تتأرجح النيران المشتعلة بصورة لا تنقطع في فلسطين التاريخيةrlm;,rlm; حيث تصعد إسرائيل والحركة الصهيونية إرهاب الدولة الاستعماري ضد الشعب الفلسطينيrlm;,rlm; ويعاني هذا الشعب نفسه تمزقات خطيرة وسط عزل شديد لثورته الوطنيةrlm;.rlm; وتتصاعد أيضا الحرب الباردة بين إيران والتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدةrlm;,rlm; حول قضايا كثيرةrlm;,rlm; خاصة البرنامج النوويrlm;,rlm; وقد يتم تسخين هذه الحرب بشن عدوان عسكري إسرائيلي أو أمريكي أو من الطرفين معا لضرب المنشآت النووية الإيرانيةrlm;.rlm; وتعيش تركيا حالة تأهب مستمرة خوفا من حرب أهلية عراقية تنتهي بإنشاء دولة منفصلة في كردستانrlm;.rlm; وفي العراق نفسهrlm;,rlm; يتصاعد الصراع حول إنهاء الاحتلالrlm;,

rlm; ولكن منظومة المقاومة العراقية فشلت في تجاوز التناقضات الطائفية والقوميةrlm;,rlm; بل وجدت نفسها منغمسة في مستنقع هذه التناقضاتrlm;,rlm; بما يهدد بحرب أهليةrlm;,rlm; ومن ثم ت قسيم فعلي للبلادrlm;.rlm; ومنذ الغزو والاحتلال الأمريكي لم تنقطع أعمال القهر الاستعماري والعنفrlm;,rlm; ولم نشهد تحولا ديمقراطيا ولا سلاما ولا حتي كلاما طيبا بين فرقاء الصراعrlm;,rlm; وغابت الرؤي الخلاقة وراء طوفان الطائفية والنزعات القومية والدينية المتطرفةrlm;.rlm; ولا يمكن بالطبع مقارنة الالتهاب المفاجئ في العلاقات السورية اللبنانية بما يحدث في العراقrlm;,rlm; ولكن سوريا مرشحة هذا العام لاضطراب كبير بسبب استهدافها أمريكيا وإسرائيلياrlm;,rlm; ولا يمكن استبعاد سيناريوهات تتجاوز بكثير القرارات التعسفية الصادرة عن مجلس الأمنrlm;,rlm; التي حشرت أنف المجلس في الشئون الداخلية لسوريا ولبنانrlm;,rlm; وأفسدت العلاقات بينهماrlm;,rlm; فوق ما هي عليه من فساد بسبب أخطاء كبيرة متبادلةrlm;.rlm; وهناك كذلك موقف قلق ومقلق في اليمن التي يجتاحها التطرف القبلي والدينيrlm;.rlm;

فإذا تركنا بؤر الصراع العنيف في الشرقrlm;,rlm; ونظرنا إلي بقية أرجاء المنطقةrlm;,rlm; فقد نري النيران أقل اشتعالاrlm;,rlm; بل وربما نشهد نزعة عامة نحو التهدئة في مواقع الالتهاب المستدامة في السودانrlm;,rlm; والصومالrlm;.rlm; وتراجعت كثيرا حدة العنف في الجزائر بعد قانون الوئام الوطنيrlm;.rlm; وليس من المرجح أن تشتعل الحرب التي ظهر شبحها فجأة بين السودان وتشادrlm;,rlm; وبين إريتريا وإثيوبياrlm;.rlm; كما أن ملف الصحراء الغربية الذي يسبب اضطرابا دائما في العلاقة بين المغرب والجزائر لا يزال بعيدا عن الاشتعال في الوقت الحاضرrlm;.rlm; ولكن فيما غير ذلكrlm;,rlm; فأحوال المنطقة لا تطمئن أحدا في الداخل أو الخارجrlm;.rlm; إذ تعاني المنطقة كلها ركودا واضطرابا اقتصاديا ممتداrlm;,rlm; وحالة استنفار واستقطاب كبري بين الحكومات التسلطية والحركات الإسلامية المتشددةrlm;,rlm; وسط بيئة سياسية مجدبة بسبب الاستلاب السياسي العام وشيوع الانتهاكات الجسيمة والمستديمة للحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطنrlm;.rlm;

هذه اللوحة ليست جديدةrlm;..rlm; أما الجديد فهو أنه لم يعد يوجد بطل حقيقي أو زائف يمكن أن تعلق عليه آمال إنقاذ المنطقة من تركيبة القتل الثلاثيةrlm;:rlm; الاستبدادrlm;,rlm; والاستهداف الخارجيrlm;,rlm; والبؤس الاقتصادي والثقافيrlm;.rlm; تبدو المنطقة من الداخل وكأنها قد استسلمت كلية تقريبا لقدرها العجيبrlm;.rlm; لقد اختفي فجأة الأبطالrlm;,rlm; ولم يعد من الممكن تبديل طوق النجاة الذي تعلق عليه شعوب جعلت نفسها خارج التاريخ امالها في الإنقاذ من الغرقrlm;.rlm; ففي الداخل العربيrlm;,rlm; لم يعد هناك ناصر ولا حتي الأوهام التي اصطنعتها بعض الشعوب العربية حول من حاولوا تقليده تقليدا ممسوخا وممجوجاrlm;,rlm; أملا في استعادة كرامة مهدرة وعدالة مسلوبةrlm;.rlm; ويشكو القوميون من أنه لم تعد هناك دولة قاعدة أو حتي نائمة تتأهب لمشروع قومي يوحد الأمة ويصد العدوان الخارجي الواقع عليهاrlm;.rlm;

وفي ساحة النظام العالميrlm;,rlm; انتهي الاتحاد السوفيتي وانتهت أسطورة الإنقاذ الآتي من الشرق البعيدrlm;,rlm; حيث العملاق الصيني لا يزال غائبا عن الوعي سياسيا وبصورة قصديةrlm;,rlm; لأن مصالحه الكبيرة فعلا تكمن هناك مع الغربrlm;,rlm; ومع أمريكا تحديدا التي لم يعد لها شغلة أو مشغلة غير العالم العربي والإسلاميrlm;.rlm; وانتهي كذلك التعلق بأمل أو وهم أوروبا الموحدةrlm;,rlm; الذي تلقي صدمة كبيرة بسبب رفض كثير من الشعوب الأوروبية مشروع الدستورrlm;.rlm; كما وقعت تبدلات كبري في السياسة الخارجية لعدد من الدول القائدة علي حساب العربrlm;,rlm; وتحديدا فرنسا التي أسعدتنا كثيرا بمعارضة صاخبة للعولمةrlm;,rlm; ومعارضة قوية لغزو العراقrlm;,rlm; وألمانيا التي بدت للحظة وكأنها بدأت تفيق علي مسئولياتها السياسية الدوليةrlm;,rlm; خاصة فيما يتعلق بالدفاع عن السلام العالميrlm;.rlm; ففرنسا تحولت فجأة إلي التحالف مع أمريكا ـ بوش الابن ـ في استهداف سورياrlm;,rlm; بصياغة قرارات مشكوك تماما في شرعيتها صدرت

وقد تصدر تباعا من مجلس الأمنrlm;.rlm; كما أن شغب فقراء الضواحي في فرنسا فضح ما حاولت أن تخفيه من تمييز ضد المهاجرين العرب وغير العربrlm;,rlm; ودفعها أكثر لاكتشاف أهمية انتمائها الغربي علي حساب محاولاتها الدفاع عن القانون الد ولي ومصالحها في المنطقة العربية وإفريقياrlm;.rlm; أما ألمانيا فقد شهدت انقلابا في التوجه من إعلان موقف مستقل عن أمريكا وجزئيا عن إسرائيل إلي استعادة التحالف معهما بعد أن اكتشفت بدورها خطر الإسلام علي يد السيدة ميركل التي تزور واشنطن لطلب الغفران عن أخطاء سلفها السيد شرودرrlm;.rlm; وبوجه عام تتدهور يوما بعد يوم النظرة الثقافية للعرب والمسلمين في أوروباrlm;,rlm; حيث يعلن مزيد من الشخصيات العامة والمفكرين بل والساسة خشيتهم علي الحضارة من مخاطر التطرف الإسلاميrlm;,rlm; ويعلن مزيد من الشخصيات الإسلامية في أوروبا بدورهم يأسهم من الحضارة الغربيةrlm;,rlm; وغربتهم أو رفضهم الاندماج في المجتمعات الأوروبية بشروط هذه الحضارةrlm;.rlm; وقد صدم الألمان عندما عبر أكثر منrlm;20%rlm; من المسلمين الذين يعيشون فيها عن استحالة التوفيق بين القرآن والدستور الألمانيrlm;!rlm;

تبدو تلك الصورة العامة وكأنها تحمل أزمة ثنائيةrlm;:rlm; خارجية وداخليةrlm;.rlm; ولكن الحقيقة أن مصدري الأزمة العامة للشرق الأوسط ليسا منفصلينrlm;..rlm; فالسياسة الأمريكية والدولية صارت تميز بوضوح كامل ودون أدني مواراة بين المسلمين وغيرهمrlm;.rlm; والأزمة النووية الإيرانية مع الغرب تقدم دليلا إضافيا كاسحا علي ازدواجية المعاملةrlm;,rlm; حيث تعفي السلاح النووي الإسرائيلي تماما من الضغوط مقابل تكثيف الضغوط علي إيران لمجرد أنها بلد مسلمrlm;.rlm; ويسبب هذا الشعور بالتمييز والاستهداف الذي وصل إلي قمته في الغزو الأمريكي للعراق وجرائم الاحتلال هناك ثورة هائلة في المشاعر تقود المنطقة إلي مزيد من التطرف والعنف ضد الذات والآخرrlm;.rlm; وفي المقابل فإن الأزمة الداخلية ـ التي تتمثل في شيوع الاستبداد والفساد

وتردي الأداء وعنف الدولة ـ تقود إلي تحقير عام للمنطقة بسبب الميل الخاطئ إلي عزو هذه الأمراض للثقافة العربية ـ الإسلاميةrlm;.rlm; وبهذا المعني تكتمل دوائر الأزمة الخارجية والداخليةrlm;,rlm; أولا بانقلاب الرأي العام في العالم الغربيrlm;,rlm; بل وفي مختلف النظم الثقافية الكبري الأخري ضد الثقافة العربية الإسلاميةrlm;,rlm; الأمر الذي يجفف التعاطف مع العرب والمسلمين في مواجهة الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي لهمrlm;,rlm; وثانياrlm;:rlm; بمقاومة النظم الحاكمة لكل دعوات الإصلاح وعجز هذه النظم عن العمل معا لإنقاذ المنطقة من قوة القتل الثلاثيةrlm;,rlm; الأمر الذي يحرم المنطقة من قدرات المقاومة الخلاقةrlm;.rlm;

كيف نجيب عن السؤال إذنrlm;..rlm; بوسعنا أن نلجأ إلي نجيب محفوظ لنعيد قراءة ومقارنة إجاباته بين روايتي أولاد حارتنا والحرافيشrlm;..rlm; في الأولي وضع أمله في بطل نهائي ما ينهي الفساد والاستبدادrlm;,rlm; وفي الأخيرة اضطر للاعتراف بأن المنقذ الوحيد هو الشعب نفسهrlm;.rlm; فإذا كانت الإجابة الأخيرة هي الصحيحةrlm;,rlm; فعلينا أن ننتظر يقظة الشعوب حتي لو انتظرنا طويلا ؟rlm;!rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف