جريدة الجرائد

الآلة العسكرية.. الوسيلة الوحيدة لحماية أميركا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فيكتور ريفز هانسون


في الوقت الذي يتواصل فيه التهديد النووي الإيراني، يتبين أنه لا الولايات المتحدة الأميركية ولا إسرائيل لديهما الاستعداد لتلقي أي إدانة من قبل المجتمع الدولي في حال إرسالهما طائرات لقصف المنشآت النووية الإيرانية الموجودة في أماكن مختلفة تحت سطح الأرض وبشكل يصعب معه العثور عليها.

وفي الوقت ذاته سيفشل الأوروبيون في جهودهم المرتبكة والتي تنقصها الجدية في إقناع الإيرانيين بالتخلي عن برنامجهم النووي. ويبقى افتراض قيام ثورة سلمية تقود إلى دولة إيرانية ديمقراطية جديدة تتخلى عن مثل تلك الأسلحة ـ يبقى حلما طوباوياً يستحيل تحقيقه.

ومن ثم، فإن أفضل الحلول من الناحية العملية والواقعية التي يمكن من خلالها إجهاض الطموح النووي الإيراني هو أن يتوقف الروس عن بيع التكنولوجيا النووية للإيرانيين. فهم بوسعهم أن يطالبوا، وليس فقط أن يقترحوا، بأن تتم عمليات تخصيب اليورانيوم للأغراض "السلمية" داخل الأراضي الروسية.

ولكن على الرغم من كل ما يقولونه، فإن الروس لن يقوموا بذلك. فإلى جانب الفوائد التي سيجنونها من التعامل التجاري مع الدولة الإيرانية الثرية بالنفط، فإن الروس يجدون متعة في إثارة حفيظة الولايات المتحدة الأميركية.

فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي وفقدانهم للنفوذ الدولي، يكتسب الروس على الأقل رضاءً معنويا ونفسيا عندما يعلمون أن الإيرانيين يمثلون شوكة في خاصرة الولايات المتحدة الأميركية.

وتستمتع موسكو كذلك عندما تلاحظ أن واشنطن لا تحصل دائما على ما تريد وأنها قد تجد نفسها، بشكل كارثي، أمام عدو يمتلك قوة نووية يقف على أعتاب الدولة الديمقراطية الجديدة في العراق.

وتلعب الصين الدور نفسه فيما يتعلق بكوريا الشمالية. ففي الظاهر يبدو الصينيون وكأنهم ليس لديهم رغبة في أن يروا كيم يونغ إل يمتلك ترسانة نووية على جانب حدودها المضطربة في الأساس. غير أن الصينيين يرون فائدة واضحة في السماح لنظام مارق بإثارة جنون خصومها لاسيما اليابان وتايوان والولايات المتحدة الأميركية.

ولذا فإن القيادة الصينية، على غرار الرئيس الروسي بوتين، ستعد بلعب "دور إيجابي". وفي الوقت ذاته يُترك الأميركيون وهم يتجرعون ويلات القلق من أن تصبح لوس أنجلوس في مرمى الصواريخ النووية.

فيما يتعلق بالنواحي الأمنية على المدى البعيد، قد يتمنى الروس والصينيون بشكل سري فيما بين أنفسهم أن تنجح الولايات المتحدة الأميركية في تقليم أظافر إيران وكوريا الشمالية وبث الاستقرار في العراق.

فعلى الرغم من كل شيء، من هي الدولة التي تريد أن ترى أمامها نظاما مارقا يمتلك أسلحة نووية وترى الإرهابيين وقد أصبحوا خارج إطار السيطرة ويتسببون في الإضرار بتجارتها؟

ولكن وجود مشكلات من قبيل تلك التي تكلف الأميركيين إهدار الوقت والمال وتكبد الخسائر البشرية وفقدان الشعبية العالمية يشغل الولايات المتحدة بشكل يجعلها تترك الآخرين مستمرين في سياساتهم. فاحتمالية أن تستهدف إيران وكوريا الشمالية والمتشددون الإسلاميون الولايات المتحدة الأميركية تزيد بكثير عن احتمالية استهداف الروس أو الصينيين لها.

وحتى من يطلق عليهم حلفاؤنا مثل الأوروبيين فإنهم بشكل أو بآخر يمارسون لعبة غض الطرف. فتلك الأطراف هي الأخرى يملؤها الفخار والكبرياء ولكنها لا تملك أي قوة عسكرية تقليدية حقيقية.

ومن ثم فإن الأوروبيين يأملون في أن يتمكن الأميركيون من تطويق إيران وكوريا الشمالية ويتمكنون أيضا من النجاح في العراق ولكن ليس بالسهولة التي تعضد من المكانة الكبيرة التي تضطلع بها الولايات المتحدة بالفعل في العالم الآن.

ما الذي يمكن أن نستفيده من كل هذا ؟ كل تلك المكائد لا تترك أي أثر يذكر في جورج بوش، الذي من المفترض أنه لا يعبأ بأقوال الآخرين، ولا يمكن أن تجعله فجأة "يفقد" ما نتمتع به من نوايا حسنة في التعامل مع الآخرين

ولكن في المقابل فإن الحسد الطويل الأمد والإحساس بالجرح الكبير بسبب فقدان النفوذ العالمي والسعي وراء الربح المادي هي الأمور التي ستسيطر على سياسات الصينيين والروس وإلى حد ما الأوروبيين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الأميركية.

ينبغي لنا أن نتوقع من الحلفاء والذين يتخذون مواقف حيادية أن يعيقوننا بدلا من أن يساعدوننا. وفي الوقت ذاته يتعين على الولايات المتحدة الأميركية أن تكثف جهودها الرامية إلى منع الأنظمة المارقة من الحصول على أسلحة نووية وإلى مطاردة الإرهابيين.

إن صواريخ الدفاع الاستراتيجي ستُثبت جدوى كبيرة للغاية في العقود المقبلة وذلك في إطار سعينا ضد الأنظمة التي لا تمتلك سوى عدد قليل من الرؤوس الحربية. ومن شأن البقاء في العراق ريثما تتحقق الديمقراطية الجديدة هناك بشكل قوي وريثما نتمكن من هزيمة المتمردين- من شأنه أن يصيب الإيرانيين بالخوف من أن تصل الديمقراطية إلى أراضيهم.

كما أن هناك أيضا شركاء لنا لهم قيمة أكبر مثل اليابانيين والبريطانيين والهنود والأستراليين الذين يمكن أن يكونوا في طليعة محاربة انتشار الأسلحة النووية والإرهاب.

وأخيراً فإنه بوسعنا أن نكون أكثر هدوءاً في الخارج فيما يتعلق بنوايانا وفي الوقت ذاته نستمر في حمل عصا تكون حتى أكثر غلظة. بعبارة أخرى نقطب جبيننا ونقضم شفاهنا .

ونشيد بالأمم المتحدة وبالجهود المتعددة الأطراف بأكبر شكل ممكن وفي الوقت ذاته نعترف بأن القوة العسكرية الأميركية هي في النهاية الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تُبقي على أميركا آمنة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف