جريدة الجرائد

المالُ‮ ‬لن‮ ‬يكون أهم من سيادة البلد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أضــــــــواء
كمال سر الختم

السودانيون خاضوا تجارب صعبة ومرّة وصلت إلى حد الاقتتال الداخلي،‮ ‬وهي‮ ‬إفرازات لها أوضاعها التاريخية ودوافعها الخارجية أيضاً‮.‬
ما حدث من اتفاق بين الحكومة وحركة الراحل جون قرنق هو حدث تاريخي‮ ‬على المستوى العربي‮ ‬بكل المقاييس،‮ ‬حيث تمَّ‮ ‬الاتفاق بين خصمين شديدي‮ ‬التنافر على استكمال خطوات التصالح بخطوة خطيرة في‮ ‬المقاييس العربية المتداولة وهي‮ ‬تقاسم الثروة‮.‬
والسياسيون في‮ ‬السودان توصلوا الى قناعة ذاتية بسيطة بأنَّ‮ ‬المال لن‮ ‬يكون أهم من سيادة البلد‮.. ‬ومن الغباء أن‮ ‬يكون حجر عثرة بين أبناء البلد الواحد‮.‬
التجربة السودانية من التجارب السياسية النادرة في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬بتنوعها وثرائها ومرونتها‮.. ‬فضلاً‮ ‬عن وجوه أحاديتها حيناً‮ ‬وشراستها حيناً‮ ‬آخر‮. ‬لكنها تبقى متميزة ولها قيمة اعتبارية نوعية‮.‬
كثيرون اعتبروا ذلك حدثا نادر التكرار،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن استنساخه مرة أخرى،‮ ‬وفي‮ ‬ذلك كل الحق،‮ ‬لأن ذات السلطة التي‮ ‬فاجأت الجميع وحتى أنصارها باتفاق تقاسم السلطة والثروة،‮ ‬عاجزة أن تستلهم التجربة في‮ ‬حل خلافها مع الغرب والشرق،‮ ‬ورغم أن المطلوب في‮ ‬مفاوضات أبوجا وطرابلس ليس بالطبع مولودا مستنسخا من‮ (‬مشاكوس‮). ‬
وبما أن الوسطاء والمراقبون لا‮ ‬يعولون كثيراًعلى مفاوضات أبوجا وخصوصا الغربيين منهم في‮ ‬الوصول إلى سلام دائم في‮ ‬دارفور على الأقل في‮ ‬الوقت الراهن،‮ ‬نظراَ‮ ‬لتباعد رؤى الطرفين في‮ ‬حسم القضايا المحورية والأساسية في‮ ‬بنود التفاوض،‮ ‬ولتشبث كل طرف بأجندته الخاصة،‮ ‬وكثرة الخطوط الحمراء التي‮ ‬تفصل خط تماس الطرفين المفاوضين‮.‬
فلماذا لا‮ ‬يكون اتفاق السلام الموقع بداية لتحصين السودان ضد تآمر الماضي،‮ ‬ولن‮ ‬يكون ذلك بالطبع باقتسام الثروة والسلطة فقط،‮ ‬مثلما لن‮ ‬يكون بالتهوين القاتل لقضايا التمايز العرقي‮ ‬والديني‮ ‬والثقافي،‮ ‬بعد أن اكتسبت هذه القضايا منبراً‮ ‬وآذاناً‮ ‬في‮ ‬عصر العولمة وحقوق الإنسان‮.‬
لماذا لا‮ ‬يدرس الجميع تجارب الماضي‮ ‬بداية من الانقلاب الأول وسقوط آخر تجربة ديمقراطية وما بينهما من عثرات،‮ ‬تداخلت ما بينهما عوامل الذاتي‮ ‬والخارجي‮ ‬حتى لا نستنسخ الفشل‮.‬

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف