السفر إلى الأردن بات خيبة أمل للعراقيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جاكي سبنر
تقوم شرطة الحدود الاردنية برد مئات المركبات العراقية يومياً على أعقابها من نقطة حدود الكرمة ، ومن دون تقديم أية إيضاحات في أغلب الأحيان ، الامر الذي أوجد مواقف كبيرة عديدة للسيارات الغاصة بالمسافرين المحبطين نفسياً في الصحراء العراقية .
وفي مطار الملكة عالية الدولي ، جنوبي العاصمة الاردنية عمان ، يدخل المسافرون العراقيون إلى قاعة مخصصة حيث يتم استجوابهم قبل السماح لهم بدخول البلد . وبعض العراقيين صاروا يحصلون على موافقة بالبقاء لمدة لا تتعدى الأيام القليلة بعد أن كان المعتاد أن يحصلوا على تأشيرة دخول يمتد أمدها 30 يوماً .
هذه القيود الأمنية التي يجري تطبيقها على العراقيين أتت في أعقاب التفجيرات التي تعرضت لها فنادق عمان الثلاثة في التاسع من تشرين الثاني التي أدت الى قتل 59 شخص معظمهم من الاردنيين والتي قام بتنفيذها ثلاثة انتحاريين عراقيين ، ولكن محاولة انتحارية رابعة فشلت بعد أن تعطل الحزام الناسف عن العمل . ويذكر جنود الأمن الاردنيين أن الاجراءات الاضافية ضرورية لمنع دخول الارهابيين المحتملين .
يؤكد ناصر جودة الناطق الرسمي بإسم الحكومة الاردنية بأن البلد فرض قيوداً جديدة للتحرك عبر الحدود في الثاني من كانون الثاني الحالي لمنع المركبات التي تحمل لوحات تسجيل عراقية من دخول البلد . وكنتيجة لذلك صار السواق العراقيون يمنعون بالفعل من نقل المسافرين من الاردن وإليه . المركبات العراقية الخاصة ذات لوحات التسجيل السوداء توقف عند الحدود وتمنع من الدخول ، أما المركبات ذات لوحات التسجيل البيضاء فهي التي يسمح لها بالدخول الى الاردن ، ولكن ذلك لا يتم إلا بعد أن يدفع مالكها مبالغ تأمين معادلة لقيمة السيارة .
يقول جودة : " إنها مجرد إجراءات روتينية ، ولكن بسبب الظروف الحالية يجب علينا أن نكون حذرين ونتخذ جميع الاجراءات الضرورية ."
ويقول بعض المواطنين العراقيين أنهم يشعرون وكأنهم يتعرضون للرصد والتحري - وانهم مشتبه بهم بسبب جنسيتهم العراقية لا أكثر . وقد أعادت شكواهم هذه إلى الأذهان صدى الشكاوى التي أطلقها العرب في الولايات المتحدة الاميركية بعد حدوث الهجمات الارهابية على نيوريوك والبنتاغون في 11 أيلول 2001 .
على الطريق السريع رقع 35 بين عمان ومدينة أربد الشمالية ، أوقف ضابط الشرطة سيارة أجرة بيضاء لكي يتحرى عن راكباتها الثلاث : كن امرأة عراقية وامرأتين أميركيتين تنحدر إحداهما من أصل عربي . وبعد أن تفحص الضابط جوازت سفرهن اعادها اليهن وهو يعتذر موضحاً بأن الشرطة لديها أوامر مشددة بتدقيق وثائق سفر النساء العراقيات منذ أن أعلن ان الانتحارية التي نجت من الموت بعد الهجوم على احد فنادق عمان كانت إمرأة عراقية .
وفي احدى ساحات وقوف السيارات في مدينة عمان ، حيث يتجمع السواق العراقيون بسياراتهم ، احاطت مجموعة من رجال يلوح على وجوهم التعب بمراسلة صحفية ومترجمها مطالبين أياهما بالاستماع إلى شكواهم .
قال أبو خالد ، 48 عاماً : " إننا نعاني الامرين يااختي ." وقد امتنع أبو خالد هذا ، شأنه شأن بقية السواق ، عن إعطاء اسمه الكامل خوفاً من تعرضه لإجراءات انتقامية من قبل الحكومة الاردنية . وقد ذكر هولاء السواق أنهم يستهدفون عند نقاط الحدود دون غيرهم لا لسبب سوى أن جوازات سفرهم تملأها اختام الدخول والخروج المتكررة . ويتساءل أبو خالد : " فما هو خطأنا ؟ "
يقول السواق أن الرحلة البالغ طولها حوالي 500 ميل بين بغداد وعمان كانت تستغرق عادة بين 8 و 10 ساعات . أما الآن فإنهم يجدون أنفسهم عالقين عند الحدود لثلاثة أيام أو أربعة . ولا يقتصر أثر هذا على ما يسببه من أذى بالغ للركاب ولكنه يجعلهم أيضاً فريسة لعصابات السلب وغارات المتمردين المسلحين . ويمضي السواق قائلين إن هذه التأخيرات مكلفة لهم مالياً كذلك . يقول أبو مصطفى ، 37 عاماً : " نحن مع الأردنيين في تصديهم للإرهاب لأننا نشعر بالأسف لما أصابهم ."
أما أبو حسين ، 32 عاماً ، فيقول أنه جاء معه بوفد من أساتذة الجامعة العراقيين لكي يستقلوا من عمان طائرة الى المانيا لحضور مؤتمر. ولكن الوفد منع من الدخول مما اضطر أفراده لقضاء ليلتهم حيث هم رغم أنهم يحملون وثائق السفر الأصولية . يقول أبو حسين : " وقد أصيبت امرأة بدوار واحتاجت لدخول دورة المياه ، ولكنها أضطرت بدلاً من ذلك لأن تجد لها مكاناً في العراء. فلا في العراق لنا راحة ولا في الاردن . فأين نولي وجوهنا ؟ "
إقبال الشوك ، 35 عاماً ، كانت تنتظر سيارة تعود بها الى بغداد وهي تجلس مادة ساقيها خارج باب السيارة التي قدمت بها. تقول إقبال أنها تأتي الى عمان بصورة منتظمة من أجل معالجة عينيها لأن طبيبها العراقي كان قد فر من العنف الذي يعم بغداد فتوجب عليها هي أن تلحق به في الاردن .
وتسترسل إقبال في الحديث قائلة : " العراقيون أمض بهم الألم ، فالوضع في العراق غير آمن ولا يوجد هناك اطباء . ما وقع ليس غلطتنا نحن ، بل هم الارهابيون الذين يرتكبون هذه الاعمال ، فلماذا ينظر الى العراقيين كلهم وكأنهم هم المذنبين ؟ لماذا ؟ "
أما الاء عباس ، 39 سنة ، التي كانت تتلفع بشال اسود أتقاءاً لبرودة المساء فتقول أنها أستهدفت بالذات مؤخراً في المطار لدى قدومها من بلد بعيد قاصدة بغداد بالسيارة . تقول : " لقد أخذوا مائة صورة لجواز سفري .. إننا نحن اهل الحضارة .. فلماذا يعاملنا الجميع مثل هذه المعاملة ، أنني عراقية ! أنني عراقية ! ولكنني كنت الوحيدة التي تعرضت للتفتيش في المطارمن بين بقية المسافرين . "
في منطقة للإنتظار تقع في مكان منعزل بين الرمادي وهيت غربي العراق ، في ذلك المكان الذي يقضي فيه العراقيون المعادون من عند الحدود أياماً من الانتظار قبل أن ينال منهم اليأس فيعودوا من حيث أتوا ، قال حسن يعقوب ، وهو من سكان بغداد ويبلغ من العمر 45 عاماً ، أن السلطات الاردنية لم تسمح له بدخول البلد من دون أن تقدم له أي تفسير . وهو يستأنف قائلاً: يفعلون بي هذا رغم أني تاجر اعتدت على القيام بعدة رحلات الى الاردن في كل شهر وعندي من الأدلة ما يثبت صدق قولي . "
ويقول محمد صباح ، وهو من مدينة البصرة أن الحرس على الحدود الاردنية عرضوا عليه السماح لزوجته وأبنته فقط بالدخول من دونه . ويمضي في الحديث فيقول : " ولكن زوجتي وأبنتي رفضتا هذا العرض وقالتا لحرس الحدود : أما أن ندخل كلنا او نعود كلنا "، وهكذا عادت العائلة كلها ادراجها .
من جهته يقول حكمت صائب ، وهو عراقي يعمل وكيلاً للإخراج الكمركي : " السلطات الاردنية لا تسمح بدخول أكثر من أربعة أشخاص من بين كل مائة ، وأغلب الذين يدخلون يكونون من المقيمن أو ممن يحملون تصاريح من الحكومة العراقية . "
أما ضياء الكعبي ، وهو جراح عراقي معروف ، فقد أضطر للنوم على الجانب العراقي من الحدود داخل احدى سيارات المسافرين . يقول الدكتور ضياء : " قالوا لي أن بوسع أبنتي الدخول وحدها ، ولكني اخبرتهم ان زوجتي موجودة داخل الاردن ولا بد لي من الالتقاء بها ومعي ابنتي ، ولكنهم رفضوا فأخذت أبنتي قاصداً العودة ولكننا لم نتمكن من بلوغ بغداد إذ نفد الوقود منا ونحن الان بانتظار من يأتينا بشيء من البنزين.
ترجمة: الصباح