استراتيجية أميركية جديدة لكسب ولاء الأفغان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.10.05
سكوت بيترسون - كريستيان ساينس مونيتور
لا يبدو "نور محمد" قائد الشرطة المحلية ذو اللحية البيضاء سعيداً بقوته المكونة من 15 شرطيًا يرتدون ملابس رثة، ولا يمتلكون أجهزة لاسلكي، وليس لديهم سوى بندقيتين هجوميتين من طراز "أيه كي-47"، ومسدس واحد كثيراً ما يتعطل.
علاوة على ذلك، فإن رجال الشرطة في مقاطعة "نوريستان" النائية التي تقع في شرق البلاد بالقرب من الحدود مع باكستان، والتي تقع هذه القرية ضمن نطاقها لم يتقاضوا رواتبهم منذ شهور، مما يعطل خطط الولايات المتحدة للبدء في تدريب قوات الشرطة بالمقاطعة، والتي كان مقرراً أن تبدأ هذا الأسبوع. وفي الحقيقة أن نجاح قوات الولايات المتحدة في هذه المنطقة وغيرها يعتمد على قدرتها على الوفاء بالوعود الخاصة بالمساعدات وإعادة الإعمار. وهذا تحديداً هو المنطق الذي تنبني عليه الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي يطلق عليها "حارب وابنِ في نفس الوقت"، والتي تعتمد بدورها على تخصيص ملايين الدولارات للقوات المسلحة الأميركية في أفغانستان كي تقوم بإنفاقها على المشروعات المختلفة لإقناع الأفغان -قرية بعد قرية- بالمنافع التي ستعود عليهم عندما يمتنعون عن دعم قوات "طالبان".
ولكن وعورة التضاريس في شرق أفغانستان، وبالتالي صعوبة شق طرق جديدة، أدت إلى سهولة نصب الكمائن، وتعرض القوات الأميركية لهجمات مستمرة في كل مرة تنطلق فيها على طريق من الطرق الموجودة في هذه المقاطعة، مما يعوق وصول الإمدادات والأموال اللازمة لدفع رواتب قوة شرطية مثل التي يقودها "نور محمد".
وحتى الآن، قام الجيش الأميركي بالتوقيع على ما يزيد على 12 عقداً من العقود الجديدة، تشمل إقامة مشروعات في قرى المقاطعة مثل شق الطرق ومد أنابيب المياه وإقامة محطات مصغرة لتوليد الطاقة.
ولذلك، فإن هذه القوات كثيراً ما تقابل بالترحاب، عندما تقوم بزيارة قرية من القرى التي تتم فيها تلك المشروعات بصحبة قائد الشرطة ورجال الدين بها، بل وتحصل على المزيد من المعلومات عن الحركات المسلحة مقابل وعود بتقديم المزيد من المشروعات في تلك القرى.
وعلى الرغم من أن الضباط يعتبرون ذلك من البوادر المشجعة فإن الاستراتيجية الأميركية تهدف إلى تحقيق أكثر من ذلك على المدى الطويل. فهي تسعى إلى جعل المقاتلين في حالة فرار دائم خلال فصل الشتاء القارص البرودة في هذه المناطق، بهدف حرمانهم من الحصول على مأوى في تلك القرى، مع الاستمرار في الوقت ذاته في تنفيذ مشروعات تجعل السكان على استعداد للوقوف في صف الحكومة الأفغانية، على أن ذلك لم يمنع "طالبان" من اغتيال قائد شرطة حدودية وأحد كبار السن في القرى من المتعاونين مع الأميركيين. وقد أدى هذان الحادثان إلى ترويع السكان ومعهم قوى الشرطة الناشئة التي لم يشتد عودها بعد. وهنالك من يرى أن "المليشيات الإسلامية" المسلحة، لم يكن لها سوى وجود ضئيل في مقاطعة "نوريستان"، لكنها كانت تستخدم المقاطعة كمجرد نقطة استراحة على الطريق من باكستان إلى كابول وكأرض للتدريب بعيدة عن الأنظار.
وتواجه القوات الأميركية في هذه المقاطعة عدوين هما التمرد والتشكك. فالسكان المحليون يتشككون في أن القوات الأميركية ستلتزم بالوعود التي تقطعها على نفسها والتي ستؤدي إلى تحسين مستوى معيشتهم. وعلى الرغم من المبالغ التي تم تخصيصها لبناء مشروعات في تلك المقاطعة تشمل بناء طريق ومدرسة والتفكير في تخصيص مبالغ إضافية لبناء المشروعات الأخرى التي يطالب بها السكان، فإن هؤلاء السكان، وحسبما تقول مترجمة أميركية من أصل أفغاني، تقوم بزيارة تلك القرى بصحبة القوات وفرق العمل الأميركية "لايثقون بأي أحد".
على الرغم من أن المشروع الأميركي لا يزال في بداياته، فإنه استتبع رد فعل عنيفاً حيث تتعرض قواعده الأمامية في تلك المناطق إلى هجمات يومية، كما يقوم المتمردون بمهاجمة القوافل الأميركية التي تتحرك على الطريق الترابي أحادي الاتجاه الذي يتلوى على امتداد أحد الأنهار في المنطقة، ويقومون بنصب الكمائن لها.
ويبدي العقيد جون ميك نيكلسون تشاؤمه من الوضع ويقول: من الناحية الواقعية سنحتاج إلى فترة تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات حتى تصبح الشرطة المحلية هنا على النحو الذي نريده، لأن ما نواجهه الآن في هذه المنطقة هو تمرد قد يستغرق 15 عاماً كاملة".
ويقول المقدم أنتوني فيجين قائد ما يعرف بـ"فرق إعادة التعمير المناطقية": "إنني أرى مؤشرات على أننا نحقق نجاحاً ولكن يجب علينا أن نتأكد في المقام الأول من عدم ارتكاب أية أخطاء تكتيكية".