اختبار كوريا الشمالية... رفع لسقف التحدي أم حيلة تفاوضية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.10.05
ديفيد سنجر - نيويورك تايمز
أعلنت كوريا الشمالية يوم الثلاثاء أنها تعتزم إجراء أول اختبار نووي لها، وهو ما أدى إلى إطلاق تحذيرات في عدة عواصم من طوكيو إلى واشنطن، من أن من شأن اختبار نووي أن يفضي إلى رد قوي من المجتمع الدولي وإضعاف التوازن الأمني في آسيا.
ولم توضح كوريا الشمالية تاريخ اعتزامها القيام باختبار سلاحها النووي، وهو ما دفع بعض الخبراء داخل إدارة بوش وخارجها إلى اعتبار أن الإعلان قد يشكل حيلة تفاوضية، الهدف منها حملُ البيت الأبيض على رفع العقوبات الاقتصادية التي يفرضها على كوريا الشمالية وعقد محادثات مباشرة معها؛ حيث أعلن مسؤولو الاستخبارات الأميركية أنهم لم يروا ما يؤشر على قرب إجراء اختبار. ولكنهم لفتوا في الوقت نفسه إلى أنه قبل نحو أسبوعين، أعلن المسؤولون الأميركيون الذين اطلعوا على التقارير الاستخبارية الأخيرة أن أقمار التجسس الاصطناعية الأميركية التقطت دليلاً على وجود نشاط غير معروف في المكان الذي يُعتقد أنه الموقع الرئيسي لإجراء الاختبارات في كوريا الشمالية. غير أنه لم يكن واضحاً بالنسبة لهم ما إن كان ذاك النشاط جزءاً من مخططات اختبار، أو ربما مجرد تمويه له علاقة بزيارة الرئيس الكوري الجنوبي "رو مو هيان" إلى واشنطن الشهر المنصرم، وهو الاجتماع الذي ناقش خلاله بوش و"رو" إمكانية إجراء اختبار، وقال "رو" إن من شأن هذا الحدث أن "يغير طبيعة" سياسة كوريا الجنوبية الاقتصادية تجاه جارتها الشمالية؛ غير أن الزعيمين يفتقران على ما يبدو إلى استراتيجية منسجمة. وفي هذا الإطار، قال دبلوماسي آسيوي رفيع في واشنطن الثلاثاء الماضي: "الواقع أنه لا أحد منهما يعرف كيف يتعين عليه أن يرد"، في حال أقدم "الشماليون" على إجراء تجربة نووية في المستقبل القريب.
علنياً، تميز رد إدارة بوش بالصمت وترك الرد الأميركي غير واضح على غرار التهديد الكوري الشمالي، على اعتبار أنه لطالما توفرت كوريا الشمالية على وقود البلوتونيوم لصنع أسلحة نووية. كما تقول وكالات الاستخبارات الأميركية إنها تعتقد أن البلاد ضاعفت مخزونها من الوقود في السنوات الأخيرة حتى تتمكن اليوم من صنع نحو ستة إلى ثمانية أسلحة، وربما أكثر. وحسب كوريا الشمالية، فإن ذاك الجَرد قد زاد بعد طرد المفتشين الدوليين في أوائل 2003، أي في الوقت الذي كان يركز فيه بوش على غزو العراق.
بل إن كوريا الشمالية زعمت قبل حوالى عام أنها تمتلك "رادعاً نووياً"، غير أن غياب اختبار خلق نوعاً من الغموض الدبلوماسي، الذي دفع الصين إلى زيادة شكوكها حول المدى الذي أحرزته "بيانغ يانغ"، وفسح المجال لواشنطن بعد إعلان الرئيس بوش في ولايته الأولى أنه لن "يتحمل" أبداً تحول كوريا الشمالية إلى قوة نووية.
والواقع أنه من غير الواضح ما إن كان الكوريون الشماليون قد قرروا أن الغموض لم يعد في مصلحتهم. حيث أفاد بيان صدر يوم الثلاثاء عن وزارة خارجية كوريا الشمالية أن "التهديد الأميركي الكبير بحرب نووية والعقوبات والضغوط كلها عوامل تدفع البلاد إلى إجراء تجربة نووية". غير أنه في وقت سابق من هذا الشهر، قال الجنرال الكوري الشمالي "ري تشان بوك" لخبير أميركي زائر هو "زيليغ هاريسون" إن الاختبار ليس ضرورياً. إذ نقل هاريسون عن الجنرال "ري" قوله الأسبوع الماضي "لو قمنا بتجربة تحت الأرض، فقد ينجم عنها تسربٌ إشعاعي. وهذه إشاعات هي في الواقع من صنع الوكالات الأميركية في إطار حملة تروم التشويه. والحقيقة أنني لم أسمع أبداً من حكومتنا أو قواتنا المسلحة ما يفيد بإجراء تجربة نووية". ومن جانبه، قال فريديريك جونز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، في بيان له إن اختباراً "من شأنه أن يضعف كثيراً ثقتنا في التزام كوريا الشمالية بالتخلص من برنامجها النووي" و"يشكل تهديداً للسلام والأمن في آسيا والعالم".
أما وراء الكواليس، فقد أثار الإعلان سلسلة من الاجتماعات، في وقت سعى فيه المسؤولون إلى التحقق من بعض المعلومات الاستخبارية غير الأكيدة، حول ما إن كانت الصين أو كوريا الجنوبية تستطيعان تفادي اختبار كهذا، وإمكانية إجرائه قبل انتخابات الكونغرس. ومع ذلك، فقد أعلن مسؤولون أميركيون طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم مؤخراً أن الإدارة تعتقد أنه عاجلاً أم آجلاً فإن كوريا الشمالية ستقوم بتجربة نووية. وفي هذا الإطار قال أحد الصقور "يمكن للمرء أن يجادل بأن الاختبار، في حال حدوثه، لن يكون أمراً سيئاً بكامله لأنه سيعمل في النهاية على توحيد الصينيين والروس والكوريين الجنوبيين"، وجميعهم كانوا مترددين في الضغط على كوريا الشمالية.
ومن جانبه، يقول مايكل غرين، الذي كان يتابع موضوع كوريا الشمالية في مجلس الأمن القومي إلى أن غادر البيت الأبيض العام الماضي: "أعتقد أن الدليل كبُر ونما، ولاسيما بعد إطلاق الصواريخ، على أن كوريا الشمالية تتوفر على سلم التصعيد الخاص بها. وأعتقد أنهم سيوافقون على تأجيل إجراء اختبار مقابل الثمن الصحيح".
أما في طوكيو، فقد شكل إعلانُ كوريا الشمالية المفاجئ أول اختبار دولي بالنسبة لرئيس وزراء اليابان الجديد شينزو آبي،السياسي القومي الذي تعهد بجعل الأمن أولوية الأولويات؛ حيث حذر "آبي" كوريا الشمالية من مغبة إجراء اختبار مستعملاً كلمات جافة قلما تُسمع في لغة الدبلوماسية اليابانية. إذ قال للصحافيين في بيان صيغ على نحو أكثر حزماً مما صدر عن إدارة بوش "إن اليابان والعالم لن يقبلا قطعاً باختبار نووي" و"المجتمع الدولي سيرد بحزم".