جريدة الجرائد

عمارة يعقوبيان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


عابد خزندار

وهو عنوان رواية للكاتب المصري علاء الأسواني وهو من الجنوب المصري الذي قدم لنا يحيى الطاهر عبد الله وأمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي وهو جيل نفخ روحا جديدة في الابداع المصري الذي أدركه العقم بعد نجيب محفوظ ويوسف إدريس، والرواية تستخدم شكلا سرديا حديثا ابتدعه الروائي الروسي العظيم الكسندر بييلي في روايته سانت بترسبورج التي ظهرت قبل الثورة الروسية وأرهصت بها، وهذا السرد أشبه ما يكون بالسرد السينمائي، أي أن السارد هو من خارج العالم الروائي أي ليس بطلا من أبطال الرواية كما أنه ليس من نوع العليم بكل شيء Omniscient أي لا يتسلل إلى نفوس أبطاله ويكشف عن مكنونها، ذلك لأنه يحمل كاميرا ويسلطها على كل جانب من جوانب المجتمع المصري وشخوصه التي أفرزها عصر الانفتاح فهناك الهوامير وجماعات الجهاد والمسحوقون وضحايا البطالة والانتهازيون وجهاز السلطة الذي يبيع الدوائر الانتخابية ويزور الانتخابات ويتقاضى عمولات تصل إلى الربع من هوامير الانفتاح، والمنحرفون جنسيا وبالطبع الاستبداد والقمع والتعذيب في السجون، كما أننا نشاهد انحسار طبقة إقطاعية وحلول طبقة فقيرة محلها وهم سكان سطح العمارة وفي النهاية انتصار القبح كما يحدث في رواية مارسيل بروست " بحثا عن الزمن المفقود " ويتزوج الأسيوطي ابن الطبقة التي كانت تحكم مصر قبل الثورة من شبه مومس فقيرة من سكان السطوح والكاميرا تنتقل من لقطة إلى أخرى بسرعة وايجاز تماما كما يحدث في التصوير السينمائي أي أن الزمن ليس طوليا فالأحداث تحدث كلها في وقت واحد تقريبا ولهذا أمكن بسهولة تحويل الرواية إلى فيلم وفي الحقيقة فإنها لا تحتاج إلى كتابة سيناريو ومع ذلك فإن الذي كتب السيناريو وحيد حامد وهو من أعظم كتاب السيناريو في مصر أدخل قليلا من التعديلات على الرواية مما جعل الفيلم يستغرق ثلاث ساعات وهو أكثر من الزمن الذي يستغرقه قراءة الرواية وأخرج الفيلم أبنه مروان حامد الواعد ولهذا جاء الفيلم أحسن من الرواية نفسها وهو نادرفي تحويل الأعمال الروائية إلى عمل أدبي وقد شاهدت الفيلم في صالة في باريس كانت مليئة بالفرنسيين الذين لم يتثاءب منهم أحد رغم طول الفيلم وهذا دليل على نجاحه، وفي الحقيقة أننا كسبنا في نفس الوقت كاتبا عظيما ومخرجا عظيما وقد اشترك الفيلم في مهرجان للأفلام العربية في معهد العالم العربي وفاز بالجائزة الأولى .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف