جريدة الجرائد

وداع بلير الطويل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك



أندرو غرايس - الاندبندنت

حظي توني بلير برد فعل جذل من حزب العمل، وبدا بعد خطاب وداع ملهم آملاً أن يمكنه ذلك من البقاء في داوننغ ستريت لتسعة أشهر أخرى. وقد بدأ رئيس الوزراء، ما كان ينبغي له، "خطبة وداعية طويلة" بتحذير حزب العمال من احتمال فقدانه السلطة إلا إذا حافظ على المضي قدماً بأجندة بلير الإصلاحية.

في خطبته الثالثة عشرة والأخيرة في مؤتمر حزب العمال السنوي كزعيم للحزب، أطلق رئيس الوزراء طلقة وداع قوية، حاثاً حزبه على عدم الركون إلى "منطقة الاسترخاء" التي أبقته حبيساً لثمانية عشر عاماً في المعارضة وبعيداً عن الحكم قبل عام 1977.

وقد أمل السيد بلير في أن الاستجابة الحماسية التي لقيها من أقطاب حزب العمال العاطفيين سوف تمنحه فسحة التنفس للبقاء في السلطة حتى تموز المقبل. ويُعتقد بأنه ينوي تأخير المنافسة التي تستمر لستة أسابيع على زعامة حزب العمال إلى ما بعد انتخابات أيار الخاصة بالبرلمان الاسكتلندي والجمعية الويلزية والمجلس الإنجليزي، بينما يتم تنصيب خلفه في تموز. وللإجابة على التهم القائلة بأن الحكومة سوف تكون مشلولة حتى أوان مغادرته، قدم داوننغ ستريت قائمة تضم 39 قضية موضوعة على مكتب السيد بلير، والتي ينبغي أن يتسلم تقارير منتظمة عنها. وسوف يتعامل السيد بلير مع مسألة "الأمن"، وهو الجزء المركزي من خطاب الملكة في نوفمبر، إضافة إلى قوانين الهجرة الجديدة والجريمة المنظمة والسلوك اللااجتماعي. كما سيجعل من عملية السلام في الشرق الأوسط مسؤولية شخصية.

لكن رغبة السيد بلير الواضحة بالصمود لتسعة أشهر أخرى سوف تسبب القلق لبعض أعضاء البرلمان، بمن فيهم مؤيدو السيد براون، والذين يريدون زعيماً جديداً ليحتل مكانه قبل انتخابات أيار. ولا يريد السيد براون أن يتولى زمام الأمور مباشرة قبيل العطلة الصيفية لأعضاء البرلمان ولناخبين آخرين، مما قد يحد من إمكانية تحقيق "ضربة" في الاستفتاء.

إن الجدول الزمني الذي يفضله رئيس الوزراء سوف يكون من شأنه أيضاً أن يشعل جذوة الشكوك في أوساط مؤيدي براون بأن السيد بلير ينوي لعب لعبة طويلة حتى يسمح لمتحد من مستوى وزاري بالظهور ليحتل منصب المستشار وسط شكوك متصاعدة بين أعضاء البرلمان بأن السيد براون يمكن أن يلحق الهزيمة بديفيد كاميرون في الانتخابات العامة.

في كلمته التي ألقاها في السادس والعشرين من أيلول المنصرم في مؤتمر مانشستر، كال السيد بلير المديح للسيد براون، لكنه لم يسمه خليفة له ولم يكرر تلك المصافحة العلنية بعد خطابه للمجلس الاستشاري في يوم الاثنين السابق.

لقد سعى رئيس الوزراء إلى الخروج من دائرة الانقلاب المزعوم من قبل مؤيدي براون قبل ثلاثة أسابيع، فقال: "إنني أعرف أن حزب العمال الجديد لم يسبق له أبداً أن حقق ثلاثة انتصارات انتخابية ولم يكن ليضمن النجاح لولا غوردون براون. إنه رجل لا يصدق. وخادم لا يصدق لمصالح بلاده".

لقد كان ذلك خطاباً ألمعياً وذا صفة تصالحية، والذي كتب بلير معظمه بنفسه أكثر مما فعل فريقه المعتاد من كتبة الخطب. وقد استطاع بروح المرح أن ينزع فتيل ذلك الصخب حول حالة الجيشان العاطفي التي زعم أنها صدرت عن زوجته شيري يوم الاثنين، حيث قالت أن براون قد كذب عندما قال إن العمل مع رئيس الوزراء كان ميزة. "على الأقل، ليس علي أن أقلق إزاء هروبها خارجة مع الرجل من الباب التالي"، كما قال. وقد أثار السيد بلير دفاعاً عاطفياً عن سجل حكومته منذ عام 1997، لكنه لم يعرض أي تنازلات لمنتقديه إزاء تعامل حكومته مع قضيتي العراق ولبنان.

كان رسالة بلير الرئيسية إلى حزبه هي أن برنامجه الإصلاحي ينبغي أن يستمر بعد أن يتنحى من أجل مواجهة التحديات الجديدة التي تواجهها بريطانيا. وقال "إننا إذا ما فشلنا، وسوف نفشل بدون التغيير، فصدقوني حينئذ أن التغيير سوف يتم مع ذلك، ولكن بطريقة ارتدادية على يد حزب المحافظين".

لكنه قبل القول بأن تنحيه أمر صحيح، وقال لحزبه إن مستقبل الحزب سوف يكون بين يدي الحزب نفسه رغم أن الرجل سيظل يراقب من الخطوط الجانبية. وقال "إن الحقيقة هي انك لا تستطيع المضي إل الأبد. وهذا هو السبب في أن من الصواب أن يكون هذا هو مؤتمري الأخير كزعيم للحزب. ولا شك في أن المغادرة صعبة، ولكن من الصواب أيضاً أن يغادر المرء. من أجل البلاد، ومن أجلكم أنتم، أعضاء الحزب".

ورغم أن بلير قد وعد بتنفيذ التغييرات المخطط لها، إلا أنه أحجم عن البوح بجدوله للتنحي كما أمل منتقدوه. وقال إن هدفه كان بناء "حزب موحد ذي قاعدة عريضة ليكون الإرث الوحيد الذي كان يعني لي الكثير على الدوام، وهو تحقيق نصر انتخابي رابع يسمح لنا بالاستمرار في تغيير بريطانيا إلى الأفضل".

وأعلن السيد بلير "إنني أحب هذا الحزب. وثمة تقليد واحد أكرهه، وهو الخسارة"، وأضاف "إنني لا أريد أن أكون زعيم حزب العمال الذي فاز بثلاث دورات انتخابية متوالية. ولكنني أريد أن أكون أول زعيم لحزب العمال يفوز بثلاثة انتخابات. وهكذا: خذوا نصيحتي أو لا تأخذوا بها. وليكن لكم خياركم في أي أمر تفعلون، فسأكون دائماً معكم، قلباً وعقلاً. إنكم تجسدون المستقبل الآن، فخذوا منه أفضل ما فيه".

على الرغم من ردود الفعل الجذلة والترحيب الحماسي الذي تضمن الوقوف لمدة سبع دقائق،فإن السيد بلير ربما سيظل تحت ضغوط متجددة للتنحي عاجلاً وليس آجلاً عندما يعود مجلس النواب إلى الانعقاد بعد عطلته الصيفية هذا الشهر. وكان السيد جون ماكدونيل، العضو اليساري في مجلس النواب الذي سينافس السيد براون على الزعامة قد قال: "عند نقطة ما، فإنه سوف يضطر إلى أن يزودنا بإيضاحات أكثر إزاء جدوله الزمني لموعد ذهابه. ولكن، لنأمل أن يحصل ذلك في غصون الأسابيع القليلة المقبلة".

ومع ذلك، فإنه حتى بعض النقاد المتشددين اعترفوا بأنه قد قدم أداء رفيعاً في خطبته الوداعية أمام المؤتمر. وقال ديريك سيمبسون، الأمين العام لاتحاد أميكوس: "لقد أحب الحضور خطبته، ولو كانت هناك أي شكوك لدى أي شخص إزاء التصويت لحزب العمال، فقد ذهبت تلك الشكوك بفعل الخطاب. لقد كان أداء عبقرياً. وقد ألقى الرجل خطبة خروجه".

أما توني وودلي، الأمين العام لنقابة النقل والعمال العامين فقال: "لكم أن تحبوه أو أن تزدروه، ولكن تلك كانت خطبة زعيم".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف