رباني : دعم خارجي لـ «طالبان» وسلوك الأميركيين يعزز قوتها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أكد أن الخلاف مع باكستان يجب أن يحل بالحوار واتهم الحكومة الافغانية بالفشل
كابول - جمال إسماعيل
برهان الدين رباني، أحد قادة الحركة الإسلامية الأفغانية ومن رعيلها الأول، قاد "الجمعية الإسلامية الأفغانية"، وبرز في سنوات الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفياتي، تولى مناصب عدة في حكومات المجاهدين الموقتة في بيشاور الباكستانية ليصبح في ما بعد رئيساً لدولة أفغانستان الإسلامية بعد سقوط نظام نجيب الله الشيوعي في 28 نيسان (إبريل) 1992.
أدى تمسكه بالسلطة بعد انتهاء اتفاقية بيشاور بين المجاهدين الأفغان إلى استعار الحرب بين قواته بقيادة أحمد شاه مسعود وبين قلب الدين حكمتيار الذي كان يحاصر العاصمة الأفغانية كابول.
في منزله في ضاحية وزير أكبر خان حيث السفارات الأجنبية والوزارات استقبل "الحياة" وتحدث عن همومه وهموم الشعب الأفغاني بعد خمس سنوات من الحرب الأميركية ضد "طالبان"، وعن رؤيته للأوضاع التي آلت إليها أفغانستان حالياً. وفي ما يأتي نص الحديث:
gt; بعد خمس سنوات من الحرب الأميركية على "طالبان" كيف تلخصون الأوضاع في أفغانستان وما آلت إليه بخاصة من الناحية الأمنية؟
- الأوضاع الأمنية الآن أصبحت أكثر سوءاً من ذي قبل. كل سنة تمر تكون أسوأ من التي قبلها. في هذه الأيام، كما تسمعون، الحرب ازدادت ضراوة في بعض المناطق مثل الجنوب والشرق. أما كيف يكون مستقبل أفغانستان فهذا متعلق بكيفية التعامل مع الأوضاع. أنا أعتقد أن الحرب لا تحل المشاكل ولا بد من ترتيبات أخرى لإيجاد مخرج من الأزمة.
gt; ما سبب الفشل الحكومي والاميركي في مسألة الأمن على رغم عدم وجود أي قوة خارجية يمكنها أن تجاهر بدعم "طالبان" كما كانت الحال إبان الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال الروسي؟
- أعتقد بأن هناك أخطاء حدثت في مقدمها إبعاد القيادات التي كان لها أثر في الشعب الأفغاني وفي المحافظة على الأمن والنظام في مختلف المناطق. كان هناك تفكير خاطئ منذ الأيام الأولى لسقوط "طالبان" بإبعاد القيادات الجهادية ما أدى الى ترك الساحة خالية لـ "طالبان"، أيضاً تصرفات القوات التي تقاتل كان لها أثر كبير في تأجيج الغضب لأن بعض أفراد هذه القوات لا يعرفون ثقافة الشعب وكانوا يدخلون البيوت من دون إذن ويقومون بحملات دهم بمجرد أن يصلهم خبر عن وجود عناصر من "القاعدة" أو "طالبان" من دون أن يتحققوا من صحة المعلومات، في حين لم تكن تلك المناطق تحوي أياً من عناصر "القاعدة" أو "طالبان". مثل هذه الحوادث كان لها أثر سيئ وعكسي وأيضاً حركة التغيير التي كان ينتظرها الشعب الأفغاني في حياته المعيشية والاقتصادية لم تحدث أي تغيير جذري، ولا شك في أن هناك مافيا المخدرات في جنوب أفغانستان والتي تساعد في زيادة توتير المناطق.
gt; ما هو سر قوة "طالبان" ونموها المضطرد؟ وإن كانت هناك قوى خارجية تدعمها فمن هي هذه القوى؟
- مما لا شك فيه أن جهات وأطرافاً مختلفين دوليين وغير دوليين لهم بعض التأثير وبعض التدخل، هذا أمر واقعي، وقد لا تصرح بعض الدول بأن لها يداً في هذه الحوادث. لكن هناك شيئاً واضحاً، أن القتال مع الروس أدى إلى انتشار السلاح في أفغانستان والأخطاء التي تقوم بها القوات الخارجية في التعامل مع الشعب لها أثر في تلك المناطق وفي طرفي الحدود في باكستان وأفغانستان. الآن الأسلحة منتشرة وهناك خبرة قتالية والدواعي موجودة. والذين كان المفروض أن يدافعوا عن مناطقهم ضد أي تدخل أجنبي بدأوا بترك الساحة فإما سافروا أو أبعدوا فأصبحت الساحة خالية واستفادت "طالبان" من هذا الفراغ.
gt; قلتم إن هناك قوى إقليمية ودولية لها مصلحة. هل هذا يعني أن "طالبان" تتلقى دعماً من قوى خارج أفغانستان؟
- علنا لا يعترف أي طرف بذلك ومما لا شك فيه أن القتال لا يستمر من دون أن يكون هناك دعم... فمهما كانت الأسلحة والذخيرة الموجودة لدى "طالبان" فإنها تنفد ويجب أن يكون هناك دعم "طالبان". قد لا يكون هناك اعتراف صريح لكن الأكيد أنه من دون دعم خارجي لا يستمر القتال طوال هذه السنوات.
gt; هناك اتهامات من حكومة كابول لباكستان بدعم "طالبان" غير أن الرئيس برويز مشرف وأثناء زيارته الأخيرة لكابول قال إنه يستشعر خطر "طالبان" أكثر من خطر "القاعدة" وأنه يضع يده بيد الرئيس حميد كارزاي للقضاء على "طالبان"... كيف تنظرون إلى موقف باكستان من "طالبان"؟
- إعلامياً، الطرفان يصرحان بأن هناك محاولات جادة بين الدولتين لحل المشاكل ونحن نرى أن أي مشكلة تحدث في أي طرف لها أثر سيئ في الطرف الآخر، ونحن نسعى من جانبنا لئلا يكون هناك أي مبررات للإساءة الى العلاقات بين البلدين الجارين. لا توجد ثقة بين البلدين وهناك اتهامات متبادلة وفي الزيارة الاخيرة التي قام بها مشرف كان هناك كلام صريح يهدف الى حل المشاكل، لكنني أعتقد بأن مثل هذا سيأخذ وقتاً.
gt; لو اقترح عليكم القيام بجهود للوساطة بين باكستان وأفغانستان هل يمكن أن تقوموا بهذا الدور؟
- في اللقاء الذي تم بين وفدي البلدين كان مما اقترحته أن الإخلاص والصدق لا بد من أن يكونا المحرك لتلك الزيارات ولا يُكتفى بالخطابات لأن هذا لا يحل المشكلة. لا من أن تكون هناك إرادة لإصلاح العلاقة ومصداقية في التعامل، ولا بد من إشراك الجهات الشعبية والأحزاب وأنا مستعد لأن أقوم بما أستطيع لحل المشكلة.
gt; بعد انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان بقي نظام نجيب ورفصتم المصالحة معه وأصرت أحزاب المجاهدين على مقاتلته. الآن هناك قوات أجنبية في أفغانستان فما هو موقفكم منها وهل هناك مطالبة بجدول زمني لانسحابها من أفغانستان؟
- فيما يخص القوات الأجنبية نرى أن يكون هناك جــدول زمني وضوابط لتواجدها في أفغانستان. لكن هناك فرقاً بين القوات السوفياتية والقوات الحــالية. الآن الأمم المتحدة والدول الإسلامية وغير الإسلامية اتفقت على أن تكون في أفغانستان قوات دولية للحفاظ على الأمن والنظام، ومما لا شك فيه أن هـــذا يتطلب بقاء هذه القوات لمدة ليست طويلة لمساعدة أفغانستان في الحفاظ على الأمن. وأعتقد بأن علــيــنا نحــن كأفغان التفكير في الحفاظ على أمن بلادنا. لا نـــنــتظر دائماً أن تأتي قوات خارجية لهذا الغرض. من أجل ذلك أنا طالبت المجتمع الدولي بالمساعدة على بناء الجيش والشرطة بدلاً من أن ينفقوا الأموال المخصصة لدعم أفغانستان على القوات الخارجية. يجب تقديم جزء من هذه الاموال للحكومة الأفغانية لبناء الجيش والشرطة الأفـغـانية ونحن نصبح قادرين على الحفاظ على الأمن بأيدينا. إلى جانب ذلك يجب الالتفات إلــى الوضع الاقتصادي وبنائه بدلا من المساعدات الــعاجلة التي لا اثر لها حتى الآن وعلى المجتمع الدولي الاهتمام بالبنية التحتية في أفغانستان.
gt; مرت خمس سنوات على بداية الحرب وكانت هناك مساعدات مالية ضخمة للحكومة الأفغانية لكن ما يظهر في كابول وغيرها من المدن هو استشراء الفساد والفشل الحكومي على الصعد كافة فما هي أسباب هذا الفشل وكيف تتم معالجته؟
- الفشل الحكومي والفساد الإداري تعترف بها الحكومة قبل غيرها. بعد سقوط نظام "طالبان" أبعدت القوات الأميركية والحكومة الجديدة كل من كان له صلة بأحزاب المجاهدين من الجيش والشرطة والدوائر الحكومية وأحضروا أشخاصاً من الأفغان كانوا يعيشون في الغرب وليس لهم أي صلة بالشعب ولا بمشاكله. هؤلاء الذين قدموا من الدول الغربية يتقاضون أجوراً عالية جداً ولا يهمهم إلا مصالحهم الخاصة ولو حدثت أي مشكلة فإن ما يفكرون به هو كيفية ترك البلد مباشرة والعودة من حيث أتوا.
كما أن بعض المؤسسات الخارجية منغمسة في الفساد وتتصرف وكأن لا توجد دولة أو حكومة، فهم يتقاضون مبالغ ضخمة على مشاريع يمكن أن تقوم بها الوزارات الأفغانية بمبالغ أقل بكثير وتدعمهم في هذا الدول المانحة التي ترفض منح العطاءات لشركات ومؤسسات أفغانية وتهدد بقطع المساعدات لو طلب منها ذلك. كما أن بناء الجيش والشرطة بهذا الأسلوب المتبع حالياً يجعل من أفراد الأمن أجراء بعقود وليسوا جنوداً لخدمة الوطن والدفاع عنه.
gt; هناك دعوة من "طالبان" لأحزاب المجاهدين بالانضمام الى المقاومة ضد القوات الأميركية والغربية في أفغانستان. هل جرى اي اتصال من أي نوع بين "طالبان" و "الجمعية الإسلامية" ورباني؟
- ليس هناك أي اتصال بيننا وبين "طالبان". تجربتنا مع "طالبان" أثبتت لنا أن تصرفاتها لم تكن في مصلحة البلد والشعب الأفغاني. بعضها كان بإيحاء أجنبي. نحن ننصحهم بألا يقوموا بالقتل والعمليات الانتحارية، نحن نقترح عليهم أن يكون هناك حوار بين الجميع وان يتقدموا بمطالبهم بالطرق الشرعية وإن كان هناك شيء في مصلحة البلاد نحن نؤيده ونرحب به.
gt; ذكر في بعض وسائل الإعلام أنكم دعوتم مجاهدي "الجمعية الإسلامية" للاستعداد للمرحلة المقبلة والتي قد يكون فيها عودة الى حمل السلاح والقتال؟
- نعم أنا تكلمت وقلت انه لا بد من أن نكون مستعدين لكل الأوضاع. إن كان هناك خطر على البلد لا بد من أن نكون مستعدين، لا نريد أن نزيد الطين بلة، ولكن لا نريد أن ننسى أهدافنا الجهادية ولن نقبل غير الإسلام حاكماً في هذا البلد. نريد الإصلاح ولا نريد استمرار القتال. نريد بناء البلد في كل الميادين الفكرية والتعليمية والاقتصادية.
gt; هناك حديث في كابول عن وجود تيار حكومي مدعوم من الغرب يتهم الأحزاب الجهادية السابقة بأنها السبب في ظاهرة الأفغان العرب وكل ما نتج منهما من تنظيمات إسلامية وينادي هذا التيار بتهميش الأحزاب الجهادية. كيف تنظرون إلى مثل هذا التوجه وما هي نظرتكم إلى الأفغان العرب ودورهم في أفغانستان سواء قبل سقوط نظام نجيب أو بعده وما بعد "طالبان"؟
- هذه الحملة الشرسة تقوم بها طوائف وأشخاص ليس لهم أي صدقية، فقط هم يريدون أن يشيعوا بمثل هذه الدعايات الكاذبة للتستر على فشلهم ولا يمكنهم القيام بأي عمل في البلد. أما الشعب والمجاهدون والذين أتوا للجهاد من الشباب العرب فنحن نقدر تضحياتهم. لقد قاوموا معنا ضد الزحف الروسي وقدموا تضحيات نقدرها ولا يستطيع أحد أن يقول إن مشاركتهم سبب من أسباب المشاكل التي تواجه بعض الدول. هذه دعايات فاسدة. وإذا كان هؤلاء خرجوا ضد الأمن العالمي فليس لأنهم شاركوا معنا. الأمم المتحدة والدول كلها شجعتهم على القدوم الى أفغانستان، ربما لغرض في نفس يعقوب، من جاء كان له دور إيجابي في الجهاد وأما ما حدث بعد ذلك فقد كانت هناك مؤامرات ضد المجاهدين والإسلام وأراد اعداء الإسلام أن يهدموا إنجازات الجهاد وبركاته فحدث ما حدث وكل من جاء كان عنده نية صادقة ونحن نقدرهم وهم جزء من تاريخنا ومكاسبنا في أفغانستان.