جريدة الجرائد

أفغانستان : استمرارنا بالعمل لإنجاز المهمة التي أمامنا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


كيم هاولز

منذ خمس سنوات تماما شن المجتمع الدولي، بدعم تام من الأمم المتحدة، عملية عسكرية للإطاحة بنظام طالبان من السلطة في أفغانستان. وبعد مرور خمسة أسابيع على شن العمل العسكري لم يعد لطالبان أي سلطة أو أوامر سارية في كابول. وخلال شهرين من بدء العملية فقد نظام طالبان سيطرته على قاعدته في قندهار. كانت السرعة التي تداعى بها نظام طالبان أمرا أذهل الجميع. واليوم، في الذكرى الخامسة للإطاحة بطالبان، هناك من يتساءل عن التقدم الذي أحرزناه فعلا هناك، وسبب استمرار وجودنا. فهناك القليلون ممن يتشككون بالاشمئزاز الذي شعر به الجميع تجاه نظام طالبان. كان ذلك النظام بمثابة كارثة عانى الشعب الأفغاني تحتها من البربرية والوحشية. كما كان ذلك النظام كارثة بالنسبة لسائر أنحاء العالم كذلك. لقد سمحنا لأفغانستان بأن تمتلئ بالتقرحات تحت ذلك النظام بحيث أصبحت ملاذا آمنا للإرهابيين الذين استطاعوا من هناك شن سلسلة قاتلة من الهجمات وبشكل مضطرد، كانت ذروتها الهجمات الفظيعة التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول)، لذا كان يتعين إزاحة ذلك النظام.

والآن يتعين علينا أن نستمر بجهودنا لإنجاز مهمتنا. ليس بمقدورنا أن نترك ذلك البلد يتدهور لينغمس في الفوضى مرة أخرى. إن مساعدة أفغانستان على التغيير وتأسيس دولة ديمقراطية تؤدي مهامها بكل فعالية لم يكن من المتوقع لها يوما أن تكون بالأمر السهل، لكن ليس أمامنا خيار آخر. إنه السبيل الوحيد لمنع أفغانستان من أن تصبح مرة أخرى قاعدة للإرهابيين، وأن نوفر لشعبها الحياة الآمنة التي يعمها الرخاء لتقليل البؤس والمعاناة اللذين تتسبب بهما تجارة المخدرات. تلك هي الأولوية بالنسبة للمجتمع الدولي بأسره. وبدعم تام من الأمم المتحدة تم تشكيل تحالف من الدول لم يسبق له مثيل (سبع وثلاثون دولة) ونحن نناشد المزيد من الدول للمشاركة فيه. لقد قطعت أفغانستان شوطا كبيرا حتى الآن.

فلم يعد للإرهابيين ملاذ آمن. وقد استطاع ما يربو على أربعة ملايين شخص اضطروا للنزوح عن بلدهم للعودة إليه الآن. واختار الرجال والنساء الأفغان حكومتهم ـ وأدلى سبعون بالمائة من المواطنين الأفغان بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية ـ وعملوا على بناء مؤسسات دولتهم انطلاقا من نقطة الصفر لأجل تعزيز تلك الحكومة. والاقتصاد المحلي، الذي انهار تماما إبان حكم نظام طالبان، انتعش كثيرا بعد عام 2001، ومازال مستمرا بالنمو بمعدل 10% سنويا تقريبا، وهو ما أدى لارتفاع مستويات المعيشة في جميع أرجاء البلاد. وبلغ عدد الأطفال في المدارس أكبر من أي وقت مضى ـ حيث وصل إجمالي عددهم إلى خمسة ملايين تلميذ. ثلث ذلك العدد هو من بين الفتيات اللاتي لم يتلقين أي تعليم إبان حكم طالبان. ولدى المواطنين الأفغان حاليا رعاية طبية أفضل يقدمها الأطباء والممرضات لأننا ساعدنا في زيادة فعالية العيادات الطبية بمعدل الثلثين. كما أن وسائل الإعلام تزدهر بشكل مضطرد، حيث توجد حاليا خمس قنوات تلفزيونية مستقلة وتصدر في أفغانستان حوالي ثلاثمائة صحيفة. لكن ما زال هناك الكثير مما يتوجب القيام به. فحتى الآن يتوفى واحد من بين كل أربعة أطفال قبل بلوغه الخامسة من العمر. وما زالت أفغانستان من أفقر دول العالم، وتواجه صعوبة بالإيفاء بالغايات التي جرى تحديدها بموجب الأهداف الإنمائية للألفية، لكن لأول مرة منذ عقود طويلة تحقق أفغانستان تطورا للأحسن.

انعدام الأمن هو أكبر تحدٍ في أفغانستان، فهو يهدد حياة المواطنين، ويهدد تقدم البلاد. لقد سلط حلف شمال الأطلسي بؤرة تركيزه على كابول في البداية، حيث كانت مساعدة المؤسسات الوطنية على العمل وتوفير الأمن بالعاصمة أمرا حيويا. والآن تمتد المناطق التي يغطيها حلف شمال الأطلسي لتشمل كافة أرجاء أفغانستان. والوضع الأمني في الكثير من أجزاء البلاد يعد كافيا للسماح لجهود التنمية بالمضي خطوات كبيرة نحو الأمام. والمناطق التي نشهد فيها تحسن الأوضاع في مجالات الحكم والأمن والتنمية، نشهد فيها كذلك انخفاضا في عمليات زراعة المخدرات. لكن ذلك لا ينطبق بعد على المناطق الجنوبية. فهناك تنخرط القوات الهولندية والكندية والبريطانية بقتال أكثر عنفا وشدة.

وكنا نعلم لدى توجهنا إلى جنوب البلاد بأننا نتولى مسؤولية أكثر مناطق أفغانستان صعوبة. كما كنا نعلم بأننا لو لم نفعل ذلك فإن المكاسب التي تم تحقيقها في مناطق أخرى ستكون عرضة للخطر. لقد قضى جنودنا وموظفونا المدنيون في هيلماند بضعة شهور عصيبة جدا. وكان أداؤهم هناك رائعا جدا، كما أن القيادات العسكرية بالميدان هناك يؤكدون أننا نحرز تقدما. في بعض الأحيان تسير الأمور على نحو أبطأ مما نطمح إليه، لكن كما يتبين من خبرتنا في باقي أنحاء البلاد فإن هذه الجهود على المدى الطويل يمكن لها أن تحقق النجاح. لقد عانى الشعب الأفغاني من قرون من الفقر، وعقود طويلة من الحروب، وسنوات طويلة تحت حكم واحد من أكثر الأنظمة قمعا في العالم. وتغيير ذلك الإرث الماضي ليصبح مستقبلا مستقرا وديمقراطيا هو مهمة كبيرة للغاية. لأجل شعب أفغانستان، ولضمان ازدهارنا وأمننا نحن، يتوجب علينا الاستمرار بتلك المهمة. وهذا هو ما سنفعله.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف