جريدة الجرائد

لمصلحة من تلعب قطر؟!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك



جميل الذيابي


لا يزال السؤال مطروحاً على امتداد أرصفة الشوارع العربية خلال هذه الأيام، عن الموقف القطري الذي بات عبثياً مكشوفاً، بعيداً عن شعور الجسد العربي المثخن بالجراح. حيث لا تزال قطر تمارس رحلة الاصطياد في الماء الآسن، متخذة في البدء من مأساة لبنان خلفية لإثارة حساسيات عربية - عربية، مثلما حاولت دول أخرى تجيير صمود الشعب اللبناني لمصالحها، عبر إلقاء خطابات النصر "الشوفينية".

المتتبع لسياسات قطر الخارجية خلال السنوات الأخيرة، يمكنه وصفها سيكولوجياً بـ "الإنسان المقهور" العاشق لقاعدة "خالف تذكر"، إذ أنها مثلاً حاولت الإعلان في مصر عن فشل مبادرة السلام العربية، التي تعمل الدول العربية جاهدة لإحيائها وإنفاذ موادها وبنودها، والتي دعت وزيرة الخارجية الأميركية في تل أبيب الاربعاء الماضي إسرائيل إلى القبول بها، كما أن بعض الإسرائيليين تحدثوا عن هذه المبادرة قبل وصول رايس إلى تل أبيب، كما أفاد الوزير الإسرائيلي شتريت بأنه "يجب على إسرائيل أن تقول للدول العربية المعتدلة: فلنتحدث عن مبادرتكم".

طبعاً لم تفعل قطر ذلك عبر علاقاتها المميزة بإسرائيل، التي أعلنت عبر وزير خارجيتها في لقاء على قناة "الجزيرة" في 1 آب (أغسطس)، أنها علاقة "طبيعية"، وان إسرائيل حليف لقطر. وعندما هبطت طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية في مطار بيروت بتاريخ 12 آب، آتية من الدوحة، كأول طائرة تجارية تصل إلى لبنان مباشرة منذ فرضت إسرائيل عليه حصاراً جوياً وبحرياً، أطلق القطريون علامات النصر وخطابات التحدي، معلنين أنهم الوحيدون عالمياً وعربياً الذين تحدوا الحصار الإسرائيلي، وأنهم يأملون في أن تتحرك دول عربية أخرى وتحذو حذوهم، لتخرج مصادر ديبلوماسية إسرائيلية عن صمتها، معلنة أن الرحلة القطرية "ليست إلا رحلة إنسانية، تم تنسيقها قبل أكثر من أسبوع مع إسرائيل، ولم تهبط إلا بإذن من تل أبيب"، مستغربة الضجة القطرية "غير الواضحة".

تعلم قطر ان الوضع العربي الراهن لا يحتمل المزايدات والحساسيات، ولا بناء أبطال من ورق، يدغدغون مشاعر الشارع العربي عبر النفاق والفتنة. فهل نحن بحاجة إلى تفريخ جيل عربي معبأ بالإحباط أكثر مما هو الآن يتبنى مواقف خاوية، ما يزيد الأطماع ويزيد المشكلات لبلداننا؟!

الأسبوع الماضي، فعلت قطر فعلاً ضد التوافق العربي، حينما صوّتت - وهي العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن - ضد المرشح العربي لخلافة كوفي انان، معلنة الخروج على قرار اتخذه وزراء الخارجية العرب بدعم المرشح الأردني الأمير زيد بن رعد، ما دعا الأردن إلى الطلب من قطر ان تبرهن عن نياتها تجاهه، معتبراً أن ذلك "قد تجاوز المألوف"، خصوصاً ان الدوحة لم تكتف بعدم التصويت لمصلحة المرشح الاردني، بل عملت على حشد الاصوات لدعم المرشح الكوري الجنوبي.

بعد استدعاء الاردن سفيره في الدوحة، عزا السفير السبب إلى جملة تراكمات، من بينها عدم تصويت قطر لصالح مرشح بلاده، فيما أكد مسؤول اردني آخر ان "الاردنيين باتوا يعانون من مضايقات في قطر، وبطء في الاجراءات الإدارية، عندما يتعلق الامر بالحصول على بطاقات الاقامة".

وقبل فترة وصلتني رسالة من مقيم اردني، يدعوني فيها إلى الكف عن نقد قطر حتى لا تطرد حوالي 15 ألف أردني يقيمون على أراضيها، مثلما فعلت بـ6 آلاف من مواطنيها. لكن، أليست الكرامة العربية والأردنية فوق الحسابات والمصالح القطرية يا أخ ...!

صدقني، لو لم يقم الاردن بذلك الإجراء لنادينا به علناً، لتعرف قطر أخطاءها. فما تفعله قطر لا يصب في مصلحة الشعوب العربية، بقدر ما يصب في مصالح الغير، خصوصاً انها مفتونة بـ "البروباغاندا"، وتقول أقوالاً وتفعل عكسها.

إن مواجهة التكالب العالمي والإقليمي على العالم العربي الحافل بالموارد المختلفة، يحتاج إلى المزيد من التماسك، وإيجاد الرؤى الصائبة، والأجندة المشتركة، التي تفعّل الدور العربي وتزيد تماسكه ووحدته، بعيداً عن القيام ببعض الأعمال عبر نفاق سياسي، يتدثر بعباءة الحرص على الشعوب والمصالح العربية!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف