جريدة الجرائد

هل الحرب اللبنانية آتية؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد


بحسب تحذير دمشق فان اللبنانيين اوشكوا على نفض الغبار عن بنادقهم، بعد ان اغمدت منذ مطلع التسعينات. وهناك اقاويل كثيرة عن عمليات تهريب كبيرة للسلاح من قبل كل الخصوم، اضافة الى ترسانة حزب الله، التي تفوق ما في مستودعات الجيش نفسه. لا شك في ان في لبنان من البارود ما يكفي لتدميره، لكن في ظني ان في لبنان من التعقل ما سيحول دون استخدامه، بعد ان شاهد اللبنانيون انهم في المرة الماضية تحولوا الى معسكر للصراعات الاقليمية والدولية، وانتهوا بلا غالب. الحرب الماضية كشفت حقائق لا تزال ثابتة، وهي ان لبنان لن يحكمه فريق واحد، ولا ان يستقل فريق بدولته، وان العالم من حولهم يسير حيث هم متوقفون. في تلك المرحلة كان لبنان يحترق، في وقت كانت المنطقة تزدهر من وراء المداخيل النفطية الهائلة، وان دولا كثيرة تبدلت في حين الكثير من اللبنانيين اضطروا الى الهروب في انحاء العالم.

هل يعقل بعد تلك التجربة الأليمة ان تعود الحرب اللبنانية؟ استبعد ذلك، ليس اعتمادا على عدم وجود مبررات النزاع، بل بسبب ان كل من هو في الساحة اليوم هو من مواليد تلك الحرب، ويعرف جيدا كيف كانت وماذا خلفت. لا أظن ابدا ان وليد جنبلاط او السيد حسن نصر الله او حتى الجنرال عون، المتلهف بوضوح على الحكم، يريدون بلوغ غاياتهم عبر المقامرة بالحرب. انما التفكير في الحرب والتبرير لها والتخويف من حدوثها في كل نزاع، يمكن ان يدفع الامور الى ما هو خارج سلطة امراء الحرب انفسهم في لبنان. هناك من يريد للحرب ان تندلع لاسبابه، سواء كانت سورية التي على خلاف حاد مع اطراف في لبنان، او ردعا لمحاولة جرها للمحكمة الدولية، وهناك اسرائيل التي قد تجد في الحرب اللبنانية إشغال حزب الله في محيطه، ومن ثم اللعب على التوازنات كما فعلت في حرب لبنان الماضية واستفادت من حرب العراق ايران. وهناك القوى الأصولية الطائفية المتناقضة التي تزداد حضورا. أما القيادات الاساسية في الخريطة اللبنانية، فلا اتصور ابدا انها ستدفع بالامور نحو التقاتل لانها جميعا ستخسر حتما، وعلى رأسها الاحزاب القوية اليوم.

وهنا يصبح دور دول الاقليم اساسيا في افشال نزعات الحرب وعدم الانقياد وراء النظريات القائلة إن الحرب آتية لا ريب فيها، وبالتالي على كل طرف ان يسلح فريقه، فهذا التوجه في حد ذاته سيدفع الى حتمية واحدة، التقاتل، على اعتبار ان مبدأ تعزيز التوازن العسكري بين الاطراف اللبنانية لا يمكن التحكم فيه ان اراد اي طرف داخلي او خارجي اشعال القتال.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف