جريدة الجرائد

الوجود التركي في لبنان خطوة داخل مفاوضات الانضمام للإتحاد الاوروبي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


غولدنر سونوموت - نيو أناتوليان التركية


ما هو الرابط بين المفاوضات التي تجريها تركيا للانضمام إلى الاتّحاد الأوروبي ورغبة أنقرة في إرسال جنود إلى لبنان؟ للوهلة الأولى، ليس هناك رابط. لكن عند النظر عن كثب، يتبيّن أنّ هناك رابطاً واضحاً.
عندما تسأل أعضاء المجلس الأوروبي "لماذا يجب أن تنضمّ تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي؟" أو "لماذا يرغب الاتّحاد الأوروبي في رؤية تركيا تنضمّ إليه؟"، يجيبون أنّ من شأن هذا البلد أن يشكّل ورقة استراتيجية واضحة للاتّحاد الأوروبي. إذا أراد الاتّحاد الأوروبي أن يكون قوّة عالمية، وشريكاً استراتيجياً لبلدان العالم الثالث، ومجموعة من البلدان السيّدة التي تُسمع صوتها تماماً كالولايات المتّحدة وروسيا، وإذا أرادت أوروبا أن تكون قوّة رادعة، يجب أن تنضمّ تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي. يحتاج الأخير إلى الموقع الجغرافي لتركيا وجيشها الكبير ومكانتها الجيوسياسية.

من وجهة نظر المفوّضية الأوروبية، من شأن قيمة تركيا بالنسبة إلى الاتّحاد الأوروبي أن تكون كبيرة بقدر قيمة الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى تركيا، وإلى بلدان ثالثة في اتّحاد أوروبي يضمّ أنقره عضواً كاملاً فيه. علاوةً على ذلك، الصورة التي يُظهرها الاتّحاد الأوروبي هي لمجموعة من البلدان تتشاطر القيم نفسها، ويعتبره البعض نادياً مسيحياً. لذلك، ومن أجل التخلّص من تلك النظرة الخاطئة إلى الاتّحاد الأوروبي، من المهمّ أن يراه من يعتبرونه نادياً مسيحياً، من منظار مختلف.

بالتأكيد لا يعني هذا أنّه يجب أن تنضمّ تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي مهما كان الثمن. ينبغي عليها أن تلبّي كلّ الشروط والمعايير من أجل الانضمام إليه، لكنّ القيمة المضافة واضحة.
عند التحدّث مع بعض السياسيين لا سيّما أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يؤيّدون عضويّة تركيا في الاّتحاد الأوروبي، يعتبرون أنّ إرسال قوّات تركية إلى لبنان سيُظهر للرأي العالم الأوروبي قيمة تركيا بالنسبة إلى الاتّحاد الأوروبي. علاوةً على ذلك، ستُثبت البلدان الأوروبية التي ترسل جنوداً إلى لبنان للسكّان المحليين أن تركيا العلمانية أرسلت جنوداً وأنّ قوّات الأمم المتّحدة المنتشرة هناك لا تدعم إسرائيل ولا لبنان بل هي قوّة دولية وموضوعية لحفظ السلام.

ماذا يمكن أن يحصل إذا علّق الاتّحاد الأوروبي مفاوضات العضويّة مع تركيا؟

من المؤسف جداً أن يحصل هذا في حال أرسلت تركيا جنوداً إلى لبنان. فمن شأن ذلك أن يحدث في مرحلة تشهد انتخابات في تركيا. وفي ظروف مماثلة، قد يعلن بعض السياسيين الأتراك أنّ الاتّحاد الأوروبي هو مجرّد نادٍ مسيحي. وقد تعمّ هذه النظرة أيضاً الشرق الأوسط، الأمر الذي من شأنه أن يهدّد أمن الجنود الأوروبيين في لبنان.
النقطة الثانية هي أنّه بعد التقرير الذي أصدره النائب في البرلمان الأوروبي كامييل أورلينغز، سيكون من الصعب جداً تحفيز الديموقراطيين في تركيا ومطالبتهم بالاستمرار في تنفيذ الإصلاحات أو دفع الحكومة التركية نحو القيام بذلك.

وسيكون من الصعب جداً إيجاد الظروف التي تسمح باستئناف المحادثات، ولن يكون تعليق المفاوضات نهائياً إنّما من شأنه أن يستمرّ لوقت طويل.
لكنّ هذا الوضع لا يعني أنّه ينبغي على تركيا التوقّف عن تنفيذ الإصلاحات أو استغلال موقعها الجيوسياسي. إذا أرسلت تركيا جنوداً إلى لبنان إلى جانب شركاء أوروبيين، فستكون هذه فرصة لإظهار قيمة البلد بالنسبة إلى الاتّحاد الأوروبي. وإلا ستخسر تركيا فرصة كبيرة لإثبات أنّها ورقة استراتيجية رابحة.
لكن مهما كانت النتيجة، يجب إجراء إصلاحات من أجل التوصّل إلى تركيا أوروبية في غضون خمس سنوات إلى عشر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف