جريدة الجرائد

غزة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

السبت: 2006.10.14

محطة اخيرة

ساطع نور الدين

الالة العسكرية الاسرائيلية لا تتعب ولا ترتوي. استراحتها لا تتعدى بضعة اسابيع، وجدول اعمالها حافل بالمهمات التي تمتد الى ابعد مما يمكن ان تبلغه طائراتها الحربية، ومتنوع بالاهداف التي تتراوح بين مهاجع النساء والاطفال، وبين منشآت التجارب النووية..
الصور التي عادت لتظهر في قطاع غزة ، توحي بان استراحة الحرب على لبنان انتهت، وبدأت حملة اسرائيلية جديدة، قد تصل الى حد الاجتياح الكامل، لكنها قد تقتصر على ارتكاب سلسلة من المذابح التي تعوض اخفاقات التجربة الاخيرة، وتؤسس لتحول جديد في المشهد الاقليمي العام، يترقبه العالم كله بدرجات متفاوتة من الحماس..
عنوان الحملة الجديدة هو الضغط العسكري والانساني على الداخل الفلسطيني من اجل اطلاق الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت الاسير منذ 25 حزيران الماضي، حتى ولو ادى ذلك الى مقتل ثلاثمئة فلسطيني وجرح مئات اخرين كما حصل في الاشهر الثلاثة الماضية.. طالما ان قطاع غزة وسكانه الذين يقترب عددهم من مليوني نسمة هدف مكشوف ومشروع اكثر من أي وقت مضى.
مبرر الحملة هو تصحيح الصورة التي ارتسمت في الاذهان في اعقاب حرب لبنان عن ان اسرائيل فقدت بعض عناصر قوتها الرادعة. وجوهرها هو استعادة دورها الاقليمي المؤثر في النقاش حول المستقبل بين تيارين متصارعين في العالم العربي والاسلامي، تيار الاعتدال الحاكم وتيار التطرف الاسلامي المعارض.. والحالة الملتبسة التي تمثلها التجربة الفلسطينية، والتي تحاول الخلط بين التيارين وتمهد لتعايش مستحيل بين التيارين.
وكما في حرب لبنان الاخيرة، تتحرك الالة العسكرية الاسرائيلية بتفويض عربي ودولي واسع النطاق لازالة هذا الالتباس الفلسطيني واعادة الامور الى سياقها القديم، بعدما قطعت حركة حماس الاسلامية الحاكمة، نظريا، في فلسطين او تحديدا في قطاع غزة، آخر خيوط تواصلها مع الخارج عندما اصطدمت من دون مبرر مفهوم بالمبادرة العربية للسلام، برغم معرفتها المسبقة ان هذه المبادرة ليس لها وجود ولم تعد لها أي قيمة.
التدخل الاسرائيلي الجديد في تحديد وجهة النظام الداخلي الفلسطيني، لا يمثل سابقة. فالتاريخ يشهد على ان واحدة من اهم وظائف انشاء دولة اسرائيل هي العمل على ""تصويب"" الاتجاهات العامة للنظام السياسي العربي ومنعه من التطرف في علاقته مع الغرب. والتجربة الناصرية التي ساهمت اسرائيل في اسقاطها هي اكبر مثال.
يمكن ان تكتسب الحرب الاسرائيلية المقبلة على قطاع غزة بعض صفات الحرب على لبنان، التي اتخذت طابع الحملة على ايران ونفوذها العربي المتزايد، وعلى سوريا وشغبها العربي المتفاقم. لكن هدف تغيير النظام السياسي الفلسطيني يستجيب لواحدة من اهم عناوين المرحلة.. خصوصا وان التجربة اللبنانية كانت هامشية بهذا المعنى، لان خطاب حزب الله وبرنامجه السياسي لا يشكل تحديا جديا لنظام الحكم اللبناني وتركيبته المعقدة.
اسرائيل تخرج الان الى حرب جديدة باسم غالبية عربية وعالمية ساحقة.. تهدر الدم الفلسطيني كما هدرت الدم اللبناني .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف