كيف باع العالم الباكستانيخان أسرار القنبلة لكوريا الشمالية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
آن بنكيث - الاندبندنت
لم يكن هناك شيء يكشف عن النشاط المحموم الذي يعمل به علماء الاسلحة النووية في كوريا الشمالية بينما كانت طائرتنا القديمة من الحقبة السوفياتية من طراز اليوشن -62 تقعقع فوق حقول الارز الزمردية الخضراء في قلب هذه الدولة المنعزلة.
شاهدنا سيدات ينحنين تحت ثقل حطب الوقود الذي كن يحملنه على طول الطريق غير المنارة خارج العاصمة بيونغ يانغ في مشاهد تنم عن فقر لا يصدق.
وما يزال مواطنو كوريا الشمالية الذين يبلغ عددهم الآن 23 مليون نسمة يعيشون في قبضة دكتاتورية شيوعية تحكمهم منذ عام 1946. وبدلا من اختيار طريق التنمية الاقتصادية، مثل كوريا الجنوبية، اختارت قيادة كوريا الشمالية في ظل مؤسس الدولة كيم ايل سونغ ومن بعده نجله كيم يونغ ايل نهج القمع والعزلة. وهكذا، قررت القيادة الكورية منذ امد طويل تطوير اسلحة نووية لتكون بمثابة بوليصة تأمين ضد الدول المعادية المتربصة على تخوم دولتها.
لقد فعل القادة ذلك بشكل سري، ودفنوا مرافق الابحاث داخل جبال لا يمكن النفاذ اليها، واشتروا المعدات اللازمة لبناء قنبلة قبالة الجرف من السوق السوداء الدولية. وقد انجزوا هذا وسط مجاعة افضت الى مقتل عدد غير معروف، وذلك من خلال قبول مساعدات دولية وتحويلها الى الغايات العسكرية.
لم يجد الكوريون الشماليون اي صعوبة في ايجاد الراغبين في تقديم المساعدة من أوساط المجموعة الدولية. ففي عام 1975 كان العالم الباكستاني الشاب عبد القدير خان قد عاد الى الوطن بعد ان عمل في احد مرافق تخصيب اليورانيوم في هولندا، وكان يبحث عن زبائن. وفتح خان، الذي طور اول قنبلة نووية اسلامية لباكستان في اطار برنامج سري للغاية في اواسط الثمانينيات من القرن الماضي "السوبرماركت" الخاص به لتحويلات التكنولوجيا النووية، والذي باع من خلاله لاي جهة كانت تنوي شراءها.
وكان احد الفروع التابعة لخان يوجد في مختبراته في الباكستان، حيث ربما كان ما بين اربعة الى ستة علماء متورطين عن غير علم. لكن محور العمليات كان في دبي، حيث كان يعتني بالتعيينات والتوزيع بمساعدة رجال اعمال اوروبيين.
كانت الحكومة الباكستانية قد اعترضت احدى الرحلات من الباكستان الى كوريا الشمالية، فوجدت أن الشحنة تحمل اسلحة تقليدية بعد ان تلقت معلومات بأن مواد أكثر حساسية كانت على متن الطائرة. ولكن، لم يتم العثور على اي شيء، ربما لان جماعة خان كانوا قد أعلموا مقدما بمسألة التعرض للطائرة.
كما سيرت رحلات مماثلة لايران التي اكدت انها تلقت مخططا علمياً لعملية الطرد المركزي من خان في الثمانينات من القرن الماضي، وقد شكل ذلك جزءاً من مخطط انطلاق لبرنامجها النووي.
من خلال شبكته، حول خان الى كوريا الشمالية حوالي دزينتين من وحدات الطرد المركزي الاكثر تعقيدا من طراز (P11)، وفق ما أفاد به الرئيس مشرف الذي استجوب خان بعد سقوطه. وقد اصبح جليا ان كوريا الشمالية كانت جزءا من شبكة عنكبوتية كونية للانتشار النووي، وانها كانت تبيع التقنية والمعدات النووية لايران.
مع حلول العام 1994، اصبح الاميركون منزعجين إلى درجة كبيرة من برنامج كوريا الشمالية السري لدرجة ان ادارة كلينتون وقعت على اتفاقية تمثل نقطة تحول، والتي وافقت بموجبها بيونغ يانغ على تجميد برنامجها المشتبه به للاسلحة النووية مقابل منحها مفاعلين "آمنين" يعملان بالماء الخفيف للاغراض المدنية وشحنات وقود. وقد أعدت تلك الاتفاقية التي تفككت وانهارت بعد انتهاء فترة كلينتون المسرح امام كوريا الشمالية للعب الورقة النووية من أجل ابتزاز المجتمع الدولي لحماية نظامها.
استذكر الرئيس مشرف في مذكراته "على خط النار" أن الشكوك راودته بمجرد أن تولى المسؤولية عن البحث في نشاطات خان في عام 1999. وينفي مشرف انه كانت هناك صفقة بين حكومته وحكومة كوريا الشمالية لشراء صورايخ بالستية تقليدية، بما في ذلك تحويل تكنولوجيا مقابل سيولة بالعملة الصعبة. لكنه يقول "لقد تلقيت تقريرا يقول ان الخبراء النوويين الكوريين الشماليين المتخفين في صورة مهندسي صواريخ وصلوا الى مختبرات ابحاث خان، وقدموا ايجازات وتقارير سرية عن اجهزة الطرد المركزي". وهذه هي ماكينات التدوير السريع التي ترفع تخصيب اليورانيوم الى مستويات مناسبة لانتاج سلاح نووي. وعندما واجه مشرف ومسؤول المخابرات الباكستانية خان، نفى الأخير صحة التقرير "لكننا بقينا متشككين".
عند مواجهة خان بالحقيقة غاص برنامجه في مزيد من السرية. وقال مشرف "واصبح يتضح بشكل اكثر مع هذا الوقت ان عبد القادر خان لم يكن جزءا من المشكلة، لكنه كان هو المشكلة بذاتها".
وفي تشرين الاول -اكتوبر من عام 2002، علمت الولايات المتحدة انه كان لدى بيونغ يانغ برنامج لتخصيب اليورانيوم عندها انتهت امدادات الوقود. وفي كانون الاول -ديسمبر2002، تم طرد مفتشي الامم المتحدة، وفي الشهر التالي انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية. وفي شباط -فبراير عام 2005، اعلنت كوريا الشمالية انها انتجت اسلحة نووية، لكنها لم تقم بإجراء أي تجربة نووية الا مؤخراً.
جمهورية كوريا الديمقراطية
العاصمة: بيونغ يانغ
عدد السكان: 22.9 مليون مع معدل عمر متوقع (60 سنة) للرجال و(66 سنة) للنساء.
مستوى الدخل: معدل الراتب الشهري 36 جنيها استرلينيا.
الديانية: ملحدون في معظمهم
السياسة: واحدة من آخر الدكتاتوريات الشيوعية
- بعد الحرب العالمية الثانية اصبح كيم ايل سينغ الزعيم الاكبر. ومنذ وفاته في عام 1994 حكم البلاد نجله كيم يونغ ايل.
- حقوق الانسان: يقدر بوجود 200.000 سجين سياسي في البلاد. وخرجت من معسكرات السجون تقارير عن استخدام التعذيب واستعباد العمال وعمليات اجهاض بالاكراه وقتل اطفال.
- الحياة: قضى ما يصل الى حوالي مليوني شخص بسبب المجاعات في السنوات الاثنتي عشرة الماضية. ويعول البلد على المساعدات الخارجية، ويبلغ معدل الامية اكثر من 90%، وتشتمل الصناعات الرئيسية على المنتجات العسكرية وبناء الآليات.
الاعلام: الإذاعة والتلفاز يخضعان لاشراف الحكومة، ما ادى الى ان توصف كوريا الشمالية من قبل منظمة مراسلون بلا حدود بانها اسوأ منتهكي حرية الصحافة في العالم.
الحروب: لا زالت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية في حالة حرب. وقد تزايد التهديد باندلاع حرب دولية عند اعلان كوريا الشمالية عن برنامجها النووي.