جريدة الجرائد

المدونات العربية على الإنترنت .. صوت المعارضة الجديدة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 2006.10.18


اتخذها الكثير من المبدعين الشباب بديلا لحل أزمة النشر

القاهرة - محمد أبو زيد

حين لا يصبح بإمكان الكاتب الشاب في مصر نشر عمله الإبداعي الأول إلا على حسابه الخاص، أو أن ينتظر في صف طويل عله يغنم بالنشر بعد خمس سنوات، يكون في الغالب قد توقف فيها عن الكتابة، أو تغير مشروعه الإبداعي، وحين تتحول الصفحات الأدبية في الصحف إلى ملك لأصحابها فقط ، وتنشر لأسماء معروفة، ومحددة فقط، وحين تطالع العين الراصدة المجلات الثقافية الموجودة في مصر فلا تجد إلا مجلتين حكوميتين، في هذه الحالة يصبح على المبدعين الشباب البحث عن مرفأ آخر، وسيلة بديلة للإبداع.

المدونات، أو البلوغ، تلك الخدمة الجدية والمجانية التي أتاحتها شبكة الانترنت لمستخدميها، والتي تسمح لأي شخص بصناعة صفحته الخاصة في خمس دقائق وتتنوع ما بين السياسة والثقافة والموضوعات الشخصية، وأحيانا الفضفضة ليس أكثر، أصبحت هي السلاح الجديد الذي لجأ إليه عدد كبير من المبدعين الشباب المصريين، كما أنها أصبحت جزءا مهما من المعارضة السياسية في مصر وسلاحا للمعارضة الثقافية، ومساحة للقفز على التابوهات. لكنها تطرح في الوقت نفسه أسئلة حول مستقبل الكتاب الورقي.

العشري: تجربة كتابة رواية

محمد العشري روائي مصري ويعمل جيولوجياً في مجال البحث والتنقيب وصاحب إحدى المدونات المصرية، التي يقدمها بقوله: "الحياة نعيشها دهشة بدهشة، نكتشف صحراء الروح ونعمرها بالروايات، نحلق في سماء الواقع ونتنزه في الخيال، هنا يمكنك أن تلمس روحي، لحظة بلحظة".

ورغم أن العشري يملك موقعا على الانترنت خاصا به إلا أنه يبرر إنشاءه مدونته التي ينشر فيها أعمالا إبداعية ومقالات نقدية، ولوحات تشكيلية بقوله: "بدأت كتابة مدونتي حتى أستقل بذاتي وأكتب بحرية دون قيد أو شرط، فبعد تجربة طويلة مع المنتديات المختلفة على شبكة الانترنت، وجدت أنك لن تستطيع أن تكون حراً بما يكفي، فدائماً أنت مقيد بسياسة المنتدى أو الموقع، وتقع على عاتقك رقابات مختلفة الأنواع والتوجهات، حتى وإن لم تكن رقابة قمعية فهي على الأقل حدود وأطر تحد من خيالك وتحجمه وتجعلك غير قادر على التجاوز".

ويضيف العشري: "أقرأ في المدونات الكثيرة المختلفة محلياً وعالمياً من أجل تطوير مدونتي، لأنني أسعى من خلالها للتواصل مع القارئ بتوجهاته المتباينة، وآمل أن أصل لمرحلة الكتابة المباشرة للروايات مع الجمهور لحظة بلحظة. ولكن ذلك في ظني يحتاج إلى بعض الوقت، حين يصبح للمدونة جمهورها وقراؤها، لذلك بدأت في بنائها بما لدى من كتابات قصصية ونثرية ومقالات نقدية كُتبت عن رواياتي الأربع المنشورة، ومن آن لآخر أكتب موضوعاً جديداً بشكل مباشر، لأمهد للقارئ وأجعله يشعر بإلفة ودفء تجاه المدونة. وتأتي بعد ذلك مرحلة الكتابة الفعلية وتنفيذ مشاريعي الروائية الجديدة، التي أخطط لها منذ فترة وأحتاج إلى إنجازها".

الطوخي: الكتابة الوسط

نائل الطوخي، الروائي والمترجم المصري، والذي صدرت له رواية ومجموعة قصصية أنشأ أيضاً مدونة باسمه. ويقول عن ذلك: "عندما لجأت إلى الكتابة في البلوغ كنت أطمح إلى كتابة أخرى، بعيدا عن أنواع أعتقد أني تمرست عليها، مثل الكتابة الأدبية و الصحفية والترجمات. كنت أريد كتابة وسطا بين الصحافة وبين الأدب، فيها السخرية اللاذعة من الواقع، السخرية التي تقربني إلى الكتابة العبثية. كنت أريد بالتحديد قطعا تشبه قطع زياد رحباني في ألبوم "العقل زينة". يكتب بعض المدونين عن ذكرياتهم الشخصية، سواء أكانت اقتباسات أو يوميات أو قطعا أدبية، غير أنني أردت شيئا آخر، أردت كتابة لا تشبهني كثيرا، كتابة هي عمل فني تام، وفي نفس الوقت فهي تتحدث عن الواقع، والواقع المحلي بالخصوص أيضا، بكل مشكلاته، وبنبرة من الهزل والسريالية، كما هو جدير بعمل أدبي لا تميز فيه خيال الكاتب من واقعيته".

وكتب الطوخي أيضا عن البهائيين وعن نظرية المؤامرة، وعن الحكومة، وعن أناس يحبهم مثل منير وفيروز وداليدا. كتب بالعامية المصرية، لأنه كما يقول "أحببت أن أرى نفسي بتلك اللغة، ولأنني أردت تطوير إمكانياتها بعد أن تم استنزافها في شعر العامية الذي يقدم في الغالب ذاتا حزينة وغنائية. أردت أن أقدم ذاتا جديدة، ساخرة وشكاكة.. ربما يرجع هذا أيضا إلى تأثري بزياد رحباني، الذي قدم أغلب أعماله باللهجة اللبنانية. في النهاية. لم أحب وقار الفصحى في مكان هو بعيد عن الوقار تماما. الكتابة الصحفية تفرض على شروطها، والكتابة الأدبية تفعل هذا بشكل أكثر خفاء، فلماذا، في مملكتي الخاصة، لا أفعل ما يحلو لي".

عزت: خارج قيود الصحافة

عمرو عزت يبدأ مدونته بعبارة لنيتشه تقول: "أعرف أن لا شيء ملكي، ولكن الفكرة تتدفق سيالة من روحي، وكل لحظة جيدة يجود بها قدري السمح، تملأ أعماقي فرحا"، ويحكي عن تجربته مع التدوين لـ"الشرق الأوسط" قائلا "عندما بدأت في التدوين كانت لحظة تجمعت فيها عندي دوافع عديدة لكتابة اليوميات الذاتية، كما اني بعد فترة من الكتابة في الصحافة التقليدية كنت محتاجا لان اكتب بشكل عام بحرية أكثر خارج قيود وضوابط الكتابة الصحفية التقليدية او قيود مكان النشر، كما انني كنت قد فقدت الحماسة للكتابة في المنتديات الحوارية او المجموعات البريدية، فكلا منهما محكوم ايضا بضوابط ما او موضوعات ما للكتابة".

تقييم عمرو للتدوين أنه ثورة حقيقية في مجال التعبير، فمن الناحية التقنية، على حد قوله، أصبح بامكان كل شخص يستطيع استخدام البريد الالكتروني أن يكون له موقعه الشخصي المجاني على الشبكة، وأن يدون ما يريده بحرية مطلقة وبدون تقيد، وان يتفاعل مع غيره بنفس الحرية وبلا قيود سوى القيود التي يضعها صاحب المدونة ذاته ـ ان اراد ـ باعتبار المدونة مساحته الخاصة.

لقد أصبح التدوين، كما يقول، نمطا من الاعلام الشعبي والموازي للاعلام الرسمي التقليدي، فهو بحريته البالغة وكتابه الكثيرين يمثل مصدرا حقيقيا للاخبار والمعلومات، بالإضافة للرأي والتحليل والتعليق والابداع الادبي والفني كما البوح الشخصي او الدردشة العفوية.

ويضيع عمرو: "يبقى انه ليس بديلا عن الاعلام الرسمي الذي تبني فيه المنابر الاعلامية مصداقيتها في الواقع الفعلي لدى المتلقي، وهو من الصعب ان يتوفر في مدون مجهول الهوية غالبا، وان نجحت بعض المدونات احيانا في بناء هذه المصداقية والثقة بقدر ما. ويمكن للمدونات ككل ان تبنى هذه المصداقية عن طريق الاشتراك الجماعي في التدوين حول حدث واحد، إذ يعزز ذلك من مصداقية كل مدونة وغالبا ما يحدث ذلك في الاحداث الكبيرة".

ويعتبر عمرو المدونات بالأساس ساحة للتواصل تعزز من امكانات الواقع الافتراضي في خلق مساحات أكثر براحا للتعبير كما انها تزيد الواقع الفعلي ثراء عبر التفاعلات، والروابط التي تنشأ بين المدونين على اختلاف افكارهم وتوجهاتهم، بل واحيانا اشتراكهم في انشطة على ارض الواقع، وعلى سبيل المثال قامت مجموعة من المدونين المصريين بفعاليات مستقلة ضمن الاطار الواسع لحركة التغيير في الفترة السابقة من ابتكار اساليب مبتكرة في التظاهر، مثل حملة التضامن مع اللاجئين السودانيين والوقفات المتكررة في ميدان مصطفى محمود حيث وقعت المذبحة، او القيام بحملات تضامن مع حالات انتهاك حرية التعبير وضد اعتقال ناشطي الانترنت على اختلاف توجهاتهم".

سلمى البنا: شكل أقرب للحقيقة

الأمر بالنسبة للشاعرة والفنانة التشكيلية سلمى البنا يختلف قليلا، فهي تقول عن مدونتها "مرايات معكوسة": "أنها في البداية لم تكن تسجل فيها كل أعمالها الإبداعية، غير أنها بدأت تتشجع في الفترة الأخيرة وتضع بعض الأفكار والتأملات، وكذلك إعلانات عن معرضها، والمعارض التي تشترك فيها، كما تضع وصلة لموسيقاها المفضلة بحيث يسمعها من يدخل المدونة. وهي تقول إن المدونات تسببت في تغيير إيجابي لأفكارها لأنها تعرفت فيها على نوعية جديدة من الكتابات وعلى أفكار مختلفة، وهي تضع عدادا للزوار في مدونتها، وتبدو سعيدة بهذه الفكرة: "وجدتها فكرة عبقرية لكي اعرف أن أحدا اهتم بأن يقرأ لي وأنني لا اكتب في الهواء".

الفائدة الحقيقية للتدوين في رأي سلمى "أنها كتابة حرة، من غير شروط، و"مجتمع المدونين هو الأقرب شكلا للحقيقة لأنه يظهر كل فرد إما بسطحيته أو عمقه لكن بشكل أكثر جرأة أحياناً".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف