محور الشر الذي أسماه بوش يعود لينتاب الولايات المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخميس: 2006.10.19
غلين كيسلر و بيتر بيكر
ترجمة : هاجر العاني
بعد حوالي خمس سنوات من اطلاق الرئيس بوش مفهوم "محور الشر" الذي يشمل العراق وايران وكوريا الشمالية انتهت الادارة الى شفير الازمة مع كل دولة من هذه الدول، فقد زعمت كوريا الشمالية أنها قد أجرت تجربتها النووية الاولى في حين ترفض ايران ايقاف برنامجها لتخصيب اليورانيوم، اما العراق فيبدو انه ينحرف نحو حرب أهلية عقب 3 سنوات ونصف من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة .
ويبدو أن كل معضلة من تلك المعضلات تقتات على المعضلات الاخرى مما يصعـّـب الامور ويتطلب من بوش ومستشاريه القيام بحسابات صعبة، كما يقول المحللون والمسؤولون الامريكيون، اذ ان الوضع المتدهور في العراق قد قوّض أساس المصداقية الدبلوماسية الامريكية وحدّد الخيارات العسكرية للادارة مما يجعل الدول المارقة تثق ثقة متزايدة بأن بامكانها فعل ما تريد دون ان تكون هناك عواقب خطيرة، وفي الوقت نفسه ستراقب ايران عن كثب الغبار الدبلوماسي المتساقط من التجربة الظاهرة لكوريا الشمالية باعتباره مؤشراً لمدى ما قد تصل اليه ايران في برنامجها النووي.
وقد قال روبرت إينهورن المستشار الاقدم في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية CSIS ستتابع ايران بدقة ما يحدث في مجلس الامن التابع للامم المتحدة بعد تجربة كوريا الشمالية، فاذا لم تكن الامم المتحدة قادرة على اتخاذ اجراء بشكل فعال فستظن ايران حينها ان الطريق مفتوحة امامها للعمل مع افلاتها من العاقبة ".
اما مايكل أوهانلون، عالم في مؤسسة بروكنغز ومشترك في تأليف الكتاب الجديد الموسوم "القوة الصلبة: سياسة مجلس الامن الجديدة "، فقد قال سيكون لاستجابة الولايات المتحدة لكوريا الشمالية تأثيرات خفيفة" وأضاف قائلاً "من المؤكد ان ايران ستراقب ما يحدث ، فقد راقبت كوريا الشمالية ما حدث مع باكستان وقررت ان العالم لم يعاقب باكستان عقوبة شديدة او لفترة طويلة، وبالطبع ستلاحظ ايران اذا كانت معاملة كوريا الشمالية ستتم باللين والهوادة".
لقد ناقشت الستراتيجيات السياسية المضامين الداخلية لتجربة كوريا الشمالية بالانتخابات النصفية التي ستجري بعد اربعة أسابيع ، وقد تنبأ بعض الجمهوريين بأن تلك التجربة ستبعد التركيز على فضيحة غلام الكونغرس مارك فولي وتذكـّـر الناخبين بأنه عالم خطير من الافضل ان يواجهه قادة واقعيو التفكير، وحاجج بعض الديمقراطيين بأن ذلك سيـُـنظـَر اليه على أنه اخفاق آخر لسياسة بوش الخارجية وتحولوا بسرعة لإلقاء اللوم على الجمهوريين ، حيث تساءل جيم مانلي الناطق بلسان سيناتور الاقلية هاري م. ريد (ديمقراطي من نيفادا) قائلاً "هل سيساعد هذا الامر الجمهوريين؟ "وأضاف" الجواب على ذلك السؤال كلا حتماً، فهذا اخفاق ذريع آخر للسياسة الخارجية بالنسبة للادارة".
ففي خطاب بوش عن حالة الاتحاد لعام 2002، وهو خطاب تم وضعه ليحول النقاش السياسي من معركة ضد القاعدة الى مواجهة محتملة مع العراق، ذكر الرئيس كوريا الشمالية وايران والعراق معلناً أن "دولاً كهذه وحلفاءها الارهابيين يشكلون محوراً للشر، يتسلحون لتهديد السلام في العالم ، وعن طريق السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل يشكلون خطراً مهلكاً ومتنامياً ..... وفي أي من هذه الحالات سيكون ثمن اللامبالاة كارثياً".
فكل القضايا الثلاث بلغت أوجها عام 2003 ، اذ غزت الولايات المتحدة العراق واكتشفت عدم وجود أسلحة الدمار الشامل وبدأت كوريا الشمالية بالحصول على البلوتونيوم في مرحلة كونه سلاحاً من قضبان الوقود التي كانت تحت المراقبة الدولية وكشفت ايران عن أنها كانت قد حققت تقدماً سريعاً في برنامج تخصيب اليورانيوم الذي كان سرياً في السابق.
وبشكل مغاير لمعالجة الادارة لموضوع العراق، حاولت حل الانطلاق النووي الكوري الشمالي والايراني بالدبلوماسية، الا ان التقدم كان بطيئاً ، الى حد ما بسبب عدم رغبة الولايات المتحدة بعقد محادثات ثنائية مع أي من البلدين ما عدا ان تكون ضمن سياق محادثات أوسع مع دول أخرى.
فقد عاب السناتور السابق سام نان (ديمقراطي من جيورجيا ) على الادارة أنها تركز على العراق أولاً في حين أن تهديدات أكبر كانت تلوح في الافق في كوريا الشمالية وايران ، اذ قال "بدأنا بالعراق من ناحية" محور الشر" فيما اعتقدنا أنهم لم يمتلكوا سلاحاً نووياً بعد ، وقد أرسل ذلك أشارة الى الآخرين مفادها أن من الافضل لهم ان يمتلكوه بسرعة "وأضاف" أظن أننا بدأنا من الطرف الخاطئ في هذا الامر".
وقد شنت الادارة حملة ضغط على كل الصعد في مجلس الامن يوم الاحد الماضي، مقترحة ً عناصر قرار صارم سيدعو الى حظر امتلاك الاسلحة وسلسلة من العقوبات التجارية والمالية الملزِمة قانونياً من الامم المتحدة،
كما دعت الولايات المتحدة الى عمليات تفتيش دولية لكل العمليات التجارية داخل كوريا الشمالية وخارجها وذلك لتنفيذ العقوبات.
وقد كان المسؤولون الامريكيون قبل أيام يركزون عن كثب وبشكل خاص على رد فعل الصين، المتبرع الرئيسي لكوريا الشمالية لفترة طويلة، فقد شجبت الحكومة الصينية التجربة علناً في لهجة قوية بشكل استثنائي وقال مسؤول امريكي أقدم بأن التعليقات الخاصة للمسؤولين الصينيين كانت بنفس القوة، ففي حين كانت الصين معارضة للضغط على كوريا الشمالية، خوفاً من انهيار الحكومة وتوجه اللاجئين الجماعي الى حدودها ، قال المسؤول "المسألة تكمن فيما اذا كانت كوريا شمالية تعمها الفوضى هي أسوأ من كوريا شمالية نووية" وذلك في معرض حديثه عن حالة الاغفال بسبب الحساسيات السياسية.
ويبدو من المحتمل ان وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ستقوم برحلة الى المنطقة في القريب العاجل لتدعم اكثر استجابة شديدة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية، غير ان عدة خبراء تنبأوا بأنه على الرغم من ان قيادة الصين غاضبة الى الحد الذي تساند فيه العقوبات الا انها ستحول دائماً دون توجيه ضغط على بيونغ يانغ يكون كافياً لفرض انهيارها، اذ قال الخبير الاسبق لشؤون آسيا في البيت الابيض مايكل جي غرين الآن في CSIS
"لا أرى وقوع عقوبات شاملة".
اما جيمس بي شتاينبرغ ، نائب مستشار الامن القومي للرئيس بيل كلنتون وهو الآن عميد كلية ليندون بي جونسون للشؤون العامة في جامعة تكساس في أوستن، فقد قال ان تجربة كوريا الشمالية ستثير تساؤلاً اكبر يكرر خط أشهر حملة لرونالد ريغان لعام 1980 ، حيث قال شتاينبرغ" فيما يتعلق بمحور الشر، هل انتم بعيدون عنه اليوم بشكل أفضل مما كنتم عليه قبل اربعة اعوام ؟ .. من الواضح ان الجواب هو اننا بعيدون فيما يتعلق بمعضلة التكاثر النووي في كل من كوريا الشمالية وايران بشكل أسوأ مما كنا عليه قبل اربعة او خمسة اعوام وانا احاجج بأننا بعيدون بشكل أسوأ في أمننا الاجمالي بسبب الوضع في العراق"