جريدة الجرائد

كوريا الشمالية في طريقها إلى المجاعة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السبت: 2006.10.21

دونالد كورك - كريستيان ساينس مونيتور

وسط تداعيات التجربة النووية واختبار الصواريخ والتي ما زالت تتفاعل إلى اليوم، تبدو كوريا الشمالية مقبلة على شتاء بارد من غير المرجح أن تكون قادرة فيه على توفير الغذاء لشعبها. ويطرح خطرُ حدوثِ معاناة جماعية السؤال المهم المتمثل في الكيفية التي يمكن للعالم أن يتحد بها ويرد بشكل قوي على تجربة كوريا الشمالية النووية -التي تشكل هدف زيارات وزيرة الخارجية الأميركية كندوليزا رايس هذا الأسبوع إلى كل من طوكيو وسيئول وبكين- مع العمل في الوقت نفسه على إنقاذ شعب "الشمال" الجائع.

لقد كان الزعيم الكوري الشمالي، كيم يونج إيل، الذي اضطر إلى طلب مساعدات ضخمة من الطعام في ذروة مجاعة حصدت أرواح مليوني شخص في التسعينيات، يتمتع بما يكفي من الثقة في النفس العام الماضي ليأمر "برنامج الغذاء العالمي" وجهات مانحة أخرى بمغادرة البلاد أو تقليص برامجها بشكل كبير. والحال أن "الشمال" قد يحتاج للمساعدات من جديد بعد أن أثرت اختبارات الصواريخ في يوليو، متبوعة بالتجربة النووية هذا الشهر، سلباً على رغبة المانحين في الهبوب لنجدة "الشماليين". وفي هذا الإطار، يقول "أنتوني بانبوري"، مدير قسم آسيا لبرنامج الغذاء العالمي: "ثمة القليل نسبياً من المساعدات الغذائية التي تذهب إلى كوريا الشمالية اليوم"، مضيفاً "ذلك أن رغبة المانحين في تلبية هذه الاحتياجات لم تكن قوية جداً".

وقد أعلن "برنامج الغذاء العالمي" أنه في حاجة إلى 100 مليون دولار هذا العام من أجل تحقيق أهدافه بالنسبة لكوريا الشمالية. والجدير بالذكر هنا أنه لم يحصل حتى الآن سوى على 10 في المئة من ذلك المجموع. وكانت الولايات المتحدة منحت أكثر من 1.1 مليار دولار منذ 1995، خصصت حوالى 60 في المئة منها للمساعدات الغذائية. أما الأربعون في المئة المتبقية، فقد كانت عبارة عن مساعدات من الطاقة أُرسلت عبر برنامج 1994 الذي كان يرمي إلى توفير مفاعلين للطاقة مقابل إغلاق برنامج كوريا الشمالية النووي. إلا أن الولايات المتحدة قلصت حجم تبرعاتها الموجهة إلى برنامج الغذاء العالمي هذا العام بعد أن أمرت كوريا الشمالية البرنامج بتقليص حجم بعثته إلى بيونج يانج من نحو 50 شخصاً إلى 10 أشخاص، وإغلاق مكاتبه المحلية الخمسة الموزعة على أرجاء البلاد، والتي حاول من خلالها المفتشون مراقبة سير عملية التوزيع.

وبدورها قلصت كوريا الجنوبية، بعد تجربة "الشمال" النووية، مساعداتها الغذائية التي كان يعتمد عليها "الشمال" لسد النقص المقدر بأكثر من مليون طن من الأرز والذي أعقب اختبارات الصواريخ في يوليو. غير أنها تراجعت عن ذلك عندما أرسلت كوريا الشمالية نداء استغاثة عقب فيضانات كارثية في أغسطس الماضي. غير أنها لم ترسل سوى نصف الكمية التي كانت وعدت بإرسالها في إطار مساعدات "عاجلة" (أي 50 ألف طن) -مقارنة مع 500000 طن العام الماضي- وهو ما شكل حينها أكبر مصدر للغذاء بالنسبة لـ"الشمال" بعد الصين، التي يعتقد أنها قامت بخفض شحناتها أيضاً. والجدير بالذكر أن البرنامجين الكوري الجنوبي والصيني كانا مستقلين تماماً عن "برنامج الغذاء العالمي".

والواقع أن التردد في محاولة وقف المجاعة هذا العام يتباين بشكل كبير مع استجابة المجتمع الدولي عام 1995، عندما طلبت كوريا الشمالية لأول مرة من "برنامج الغذاء العالمي" المساعدة. إذ بلغت الشحنات القادمة عبر البرنامج بحلول 1997 أكثر من 500000 طن في السنة، مع تقدم للولايات المتحدة على بقية المانحين. أما العام الماضي، فقد أرسل برنامج الغذاء العالمي أقل من 100000 طن، نصفه من الولايات المتحدة.

هذا ويعارض المسؤولون الكوريون الجنوبيون قطع الاتصالات الاقتصادية ومنع سفن كوريا الشمالية، ولكنهم يقولون إنهم في حيرة من أمرهم عندما يتعلق الأمر بالأرز. وفي هذا الإطار يقول "كانغ جونغ سوك"، المسؤول بوزارة الوحدة، التي كانت تسعى جاهدة إلى المصالحة: "إنه وضع محير واختيار صعب"، مضيفاً "إن كوريا الجنوبية تريد إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية، غير أن ثمة حاجزاً بسبب قرار الأمم المتحدة". كما اشتكى من "مشكلة الشفافية" داخل كوريا الشمالية، والتي تعني أننا "لا نستطيع مراقبة ما سيجري". فقد لعب العجز عن المراقبة دوراً مهماً في ثني مانحين دوليين آخرين عن تقديم مزيد من المساعدات. وفي هذا السياق، يقول "بانبوري" من "برنامج الغذاء العالمي": "تُبدي الولايات المتحدة تحفظات قوية بسبب الشروط التي يفرضها الكوريون الشماليون".

ويرى "بانبوري" أن مدعاة السخرية تتمثل في أن قرار مجلس الأمن الدولي يستثني تحديداً المساعدات الإنسانية من الفئات المحظور شحنها إلى كوريا الشمالية، والتي تتراوح ما بين السلع الفاخرة إلى مكونات الصواريخ، والرؤوس الحربية، وأسلحة ثقيلة أخرى.

ومن بين الأسباب التي دفعت كوريا الشمالية إلى خفض عمليات التفتيش على ما يبدو الثقةُ في أن المحاصيل ستتحسن. والواقع أن المحصول كان جيداً العام الماضي، ولكن فيضانات هذا العام غيرت الآفاق. وفي هذا السياق، يقول "بانبوري": "وبالتالي، يتوفر "الشمال" اليوم على طعام أقل، ومحصول أصغر، وعدد كبير من الناس الذين لا يتوفرون على الطعام". وفي ضوء ذلك، فهو يعارض الانسحاب إذ يقول "إن من شأن الانسحاب أن يوقف المساعدة عن ملايين الأشخاص، وأن يوقف وسيلة للحوار"، مضيفاً "وبالتالي فمن الأفضل أن نواصل التزامنا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف