مخاطر انتقاد اسرائيل لم تعد كما كانت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 2006.10.21
الكسندر كوكبيرنـ كاونتر بانش
طوني جوت، الأستاذ في جامعة نيويورك والكاتب التحرري في مجلة ldquo;نيويورك ريفيو اوف بوكسrdquo;، اكتشف لتوّه عواقب الانتقاد العلني لسياسات الحكومة ldquo;الاسرائيليةrdquo;، وهو ما كان يفعله. وفي ما يلي نص رسالة نشرها في 4 أكتوبر/تشرين الأول:
ldquo;كان من المقرر أن أتحدث هذا المساء، في مانهاتن الى مجموعة تدعى شبكة 20/20 وتتألف من زعماء شباب في عالم الأعمال والمشاريع، ومنظمات غير حكومية، وأكاديميين وغيرهم، من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى. والموضوع هو: اللوبي ldquo;الاسرائيليrdquo; والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وتعقد الاجتماعات دائماً في القنصلية البولندية في مانهاتنrdquo;.
وقد تلقيت للتوّ مكالمة هاتفية من رئيس شبكة 20/،20 تفيد بأنه تمّ إلغاء الحديث لأن القنصلية البولندية تلقت تهديداً من قبل رابطة مكافحة التشهير. وقد حذّرت المكالمات المتواصلة من قبل رئيس رابطة مكافحة التشهير، ابي فوكسمان، القنصلية من استضافة أي شيء لطوني جوت علاقة به. وحذر قائلاً، إنها إذا أصرّت، فسوف ينشر تهمة تواطؤ البولنديين مع المناوئين لrdquo;إسرائيلrdquo; والسامية (= أنا) على الصفحة الأولى لكل صحيفة يومية في المدينة. وانصاعت القنصلية للتهديد، واضطُرّت شبكة 20/20 الى إلغاء المناسبة. ومهما تكن آراؤكم بشأن الشرق الأوسط، آمل أن تعتَبروا ذلك خطيراً ومخيفاً كما افعل. هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية، أو هكذا اعتادت أن تكونrdquo;.
وأدى ما أعلنه جوت الى ظهور شذرات ضئيلة من المواد في الصحف، ومن بينها ما كتبه في صحيفة ldquo;واشنطن بوستrdquo;، مايكل بول، وقال فيه، ldquo;يقول جوت ان هذا النمط مؤكد ومخيفrdquo;. وقال ldquo;هذا خطير ومخيف، وفي أمريكا فقط، لا في ldquo;إسرائيلrdquo;، يعتبر مشكلة.. هذه منظمات يهودية تعتقد أنه ينبغي عليها ان تبقي الذين يختلفون معها بشأن الشرق الأوسط بعيدين عن أي شخص يمكن ان يسمعrdquo;.
ldquo;أنكر زعماء المنظمات اليهودية مطالبة القنصلية بمنع خطاب جوت واتهموا الاستاذ الجامعي بسرد ldquo;نظريات مؤامرة جامحةrdquo; عن دور هذه المنظمات. ولكنهم امتدحوا القنصلية على إلغاء دعوة جوتrdquo;.
وقال ابراهام فوكس، المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير، ldquo;أعتقد أنها اتخذت القرار الصحيح.. فقد اتخذ جوت موقفاً رافضاً لوجود ldquo;إسرائيلrdquo;. وذلك يضعه على شاشة رادارناrdquo;.
جيد أن يثير جوت زوبعة حول فوكسمان الرهيب، ولكنني مضطر للابتسام بتهكم من اكتشافه المفاجئ ان انتقاد ldquo;إسرائيلrdquo; قد يكون عملاً خطيراً. وفي حقيقة الأمر كان ذلك محفوفاً بمخاطر أكبر بكثير جدّاً قبل عشرين سنة بل قبل عشر سنوات. وهو أسهل بكثير الآن، حيث أعرفه من تجاربي الشخصية، لدى ترويجي لكتاب ألّفته بالاشتراك مع جيفري سانت كلير، بعنوان ldquo;علم سياسة معاداة الساميةrdquo;، كما أعرفه من ملاحظة بعث بها اليّ مؤخراً، نعوم تشومسكي، يشير فيها الى انه يحس بأن ldquo;اليسار الكامن مستمر في النمو السريعrdquo;. ويحكي تشومسكي انه ألقى بضعة أحاديث في منطقتي كامبريدج بوسطن، وان ldquo;الأمر مختلف تماماً عمّا كان عليه من قبلrdquo;. وكان قد عاد لتوه من أمسية حول ldquo;المعتقلين الكوبيين الخمسةrdquo; والإرهاب الامريكي ضد كوبا. ldquo;جمهور كبير، شديد الحماسةrdquo;. كما قال تشومسكي، انه قد أدلى بأحاديث كثيرة في الأسابيع القليلة الماضية حول الشرق الأوسط. وكانت من النوع الذي اعتاد ان يتطلب حماية الشرطة في كامبريدج قبل بضع سنوات فقط. والآن؟ قال تشومسكي انه كان يتلقى سؤالاً حزيناً يُطرح بين الحين والآخر، عمّا إذا كان قد بالغ في القسوة على ldquo;إسرائيلrdquo; لأن لديها بالفعل مشكلات أمنية.
وقبل وقت ليس بالطويل جدّاً، عندما كان يذهب تشومسكي للتحدث في إحدى البلدات، كانت رابطة مكافحة التشهير، وهي جماعة رصد صهيونية كبيرة، تتعقبه، وتكتب التقارير دقيقة بدقيقة حول تحركاته وتصريحاته. وقد أرسل له شخص مجهول ذات مرة واحدة من أمثال تلك الأضابير. وكان مكتوباً على الصحفة الأولى من غلافها،rdquo;إلى ألان ديرشوفتزrdquo;. وقال لي تشومسكي قبل وقت طويل أنه وديرشوفتز كان من المقرر ان يخوضا مناظرة خلال أسبوع أو نحوه، ومن الواضح ان تلك الاضبارة كانت مرسَلة الى ديرشوفتز، لكي يقتطف منها.
كان لرابطة مكافحة التشهير جواسيس في كل مكان، كانوا يرسلون اليها تقارير محمومة، معظمها تلفيقات هستيرية، عمّا يدّعون أنهم سمعوه في الاجتماعات. وكانت تلك نكتة. ولكنه لم يكن نكتة ما يحدث في جامعة كاليفورنيا، لوس انجلوس وكامبريدج، حيث كان رجال شرطة مُتَخَفّون يحضرون لقاءات تشومسكي لأنهم التقطوا تهديدات خطيرة. ولم يكن ذلك شيئاً كبيراً بالمقارنة مع ما كان ادوارد سعيد مضطراً الى معايشته والتكيف معه. وكذلك نورمان فنكلشتاين. إن ما يواجهه جوت ليس أكثر من جزء ضئيل ممّا يواجهه نورمان بانتظام أي تعرضه للتنديد به من قبل مجلة ldquo;بروجريسيفrdquo; (هكذا) باعتباره منكِراً لوقوع الهولوكوست، أو من قبل رئيس تحريرها باعتباره ldquo;مُنتَقِصاً من شأن الهولوكوستrdquo; على أساس اقتباسه الصحيح عن راؤول هيلبيرج (أحد أكبر المؤرخين للإبادة الجماعية، ومؤلف كتاب ldquo;تدمير يهود اوروباrdquo;م). وقد هوجم نورمان بعبارات مشابهة أو أسوأ منها من قبل آخرين يتظاهرون زوراً بالاحتجاج على معاملة جوت.
لقد أرهب فوكسمان الدبلوماسيين في القنصلية البولندية بالتهديد بإتهامهم بمعاداة السامية. وكان الدور بعد ذلك على القنصلية الفرنسية. وفي ما يلي تقرير رويترز في 10 اكتوبر/تشرين الأول، عن ذلك: ldquo;كان مكتب الخدمات الثقافية في السفارة الفرنسية في نيويورك يعتزم إقامة حفل يوم الثلاثاء ( 10 اكتوبر/تشرين الثاني) احتفاءً بنشر كتاب ldquo;سوء النيةrdquo; في شهر سبتمبر/أيلول لمؤلفته كارمن كاليل، الذي يتناول سيرة ldquo;لوي داركيه دو بيلبواrdquo;، المسؤول في حكومة فيجي الذي نظّم ترحيل يهود فرنسا الى اوشفتز ( معسكر التجميع النازي). وقالت كاليل لرويترز يوم الاثنين ان الحفل قد ألغي بعد شكاوٍ من ldquo;أصوليين يهودrdquo;.
وقال مصدر في السفارة الفرنسية في نيويورك ان السفارة اعترضت على رأي المؤلفة، التي ساوت ldquo;بين ما حلّ بيهود فرنسا (في ظل النظام النازي)، وما حلّ بالشعب الفلسطينيrdquo;.
ldquo;كتبت كاليل في تذييل الكتاب: ان ما حزّ في نفسي أثناء تتبعي سيرة لوي داركيه، هو أن أعايش عن كثب رعب يهود فرنسا المساكين، وأن أرى ما يُنزِله يهود ldquo;إسرائيلrdquo; بالشعب الفلسطيني. ومثل سائر البشرية، ldquo;ينسىrdquo; يهود ldquo;إسرائيلrdquo; الفلسطينيين. الكل ينسى؛ وكل أمة تنسى. أريد أناساً يتعلمون من الماضي كي لا يتكرر حدوث الأمور الرهيبة ذاتها. إذا قمعتَ الناس، فسوف يكرهونك، ولا أريد لrdquo;إسرائيلrdquo; ان تكون مكروهةrdquo;. والفرق الآن أن بعض هذه الجهود لسحق النقاش يُكتَب عنها. وما كان لذلك أن يحدث قبل عشر أو عشرين سنة، على الأقل في ldquo;واشنطن بوستrdquo; أو في ldquo;رويترزrdquo;. ولكن ذلك، يحدث بعد أن أصبح وضع الفلسطينيين الآن أسوأ بكثير مما كان عليه قبل عشرين سنة.
* كاتب صحافي ومحلل سياسي