جريدة الجرائد

«اسرائيل والتطهير الإثني»

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


جهاد الخازن


هل سمع القارئ بالبروفسور ايلان باب؟ هو "أكثر انسان مكروه في اسرائيل" وهو في الوقت نفسه "أشجع انسان في اسرائيل".

فتحت التلفزيون صباح الأربعاء الماضي على أخبار "سكاي نيوز" لأفاجأ برجل يتحدث عن التطهير الإثني الذي تمارسه اسرائيل بحق الفلسطينيين. كان يتحدث بشكل يقصّر عنه أي باحث عربي الا اذا كان من مستوى أخينا وليد الخالدي، والفارق ان ايلان باب اسرائيلي يتحدث عن الاسرائيليين، وان وليداً ابن القضية، والأول يقدم شهادة شاهد من أهلها (اسرائيل) والثاني طرف يدافع عن أهله.

كنتُ أشرب فنجان شاي وأنا أتابع نقاشاً بين باب وبروفسور اسرائيلي آخر من الخندق المضاد بإشراف مقدّمَيْ البرنامج، ولم أستطع تسجيل الأسماء كعادتي اذا أردت متابعة موضوع.

وهكذا كان وعدت الى موقع غوغل على الانترنت وطلبت المادة تحت العنوان "أكثر رجل مكروه في اسرائيل" وفوجئت بأن هناك 2.270.000 خبر عن الموضوع ليس لها علاقة على ما أعتقد بالبروفسور وكتابه، فقد تصفّحت بعضها ولم أجد شيئاً عنه.

كانت هناك أخبار عدة عن آرييل شارون كأكثر انسان مكروه، وخبر انه أكثر انسان محبوب، وكان هناك أخبار عن هتلر وكرهه، وحتى عن يهوذا الاسخريوطي، كأكثر انسان مكروه في التاريخ المسيحي بعد ان باع معلمه المسيح بثلاثين من الفضة، ووجدت خبراً ان قبائل اسرائيل الاثنتي عشرة هي قبائل كره. ومع هذا وذاك كان هناك تحقيق طويل نشرته "جيروزاليم بوست" يقول إن جورج بوش حلّ محل شارون كأكثر انسان مكروه في العالم.

وضمّ التحقيق الأخير هذا رسمين كاريكاتوريين استوقفني الثاني منهما، فهو يبدو كسباق تتابع ورجل ملثم من الجيش الجمهوري الايرلندي يسلم حزمة أصابع ديناميت (أي عصا السباق) الى ملثم آخر على صدره "جهاد"، كناية عن المنظمات الفلسطينية.

ان أحمل متفجرات؟ يكفيني منها البعد عن اسرائيل، وأقول للقارئ انني طلعت بحل يحميني من اسرائيل هو ان أطلب من الأمير خالد بن سلطان، مساعد وزير الدفاع السعودي، ان يعطيني رتبة جندي، لأن اسرائيل لا تقتل سوى المدنيين، خصوصاً اذا كانوا من النساء والأطفال، وقد كنتُ طفلاً مرة، الا انني لم أكن امرأة في أي مرة.

على كل حال عندما لم اجد البروفسور باب وكتابه تحت العنوان "أكثر رجل مكروه في اسرائيل" طلبته تحت عنوان آخر هو "اسرائيل والتطهير الإثني"، ووجدت 9100 خبر ليس بينها ما أريد.

المواضيع هذه المرة تحدثت عن احتلال وحشي وتطهير اثني واسع النطاق، مع تركيز على آرييل شارون وجرائمه. وقرأت أخباراً عن تطهير إثني محدد في جنوب لبنان. وكما توقعت، فقد كانت مواضيع كثيرة بأقلام اسرائيليين ويهود، فالمنصفون العادلون المعتدلون من هؤلاء يكتبون أفضل منا، لأنهم يعرفون المزيد عن اسرائيل، ويصيبونها في اللحم الحيّ، في حين اننا نشتم ونخدش فقط.

البروفسور باب، وهو مؤرخ من جامعة حيفا، لم يكتب رأياً في النكبة التي يسميها الاسرائيليون "حرب التحرير"، وإنما قدم تاريخاً موثقاً بشكل نادر من مراجع أصلية، بعضها يستعمل للمرة الأولى عن قيام اسرائيل سنة 1948 وضياع فلسطين.

وهو يقول إن قيام اسرائيل رافقته أكبر عملية تهجير إثني في التاريخ الحديث. فقد أرغم مليون فلسطيني على ترك بلادهم تحت تهديد السلاح وتعرّض ألوف المدنيين لمجازر ودمرت مئات القرى الفلسطينية عمداً. ويبقى كتاب البروفسور الخالدي مرجعاً أساسياً عن هذه القرى.

الكاتب البريطاني البارز جون بيلجر قال إن ايلان باب "أشجع انسان في اسرائيل، والمؤرخ اللامع صاحب المبادئ العليا".

في البرنامج التلفزيوني الذي تابعت جزءاً منه أصر باب على ان اسرائيل مارست التطهير الإثني، وان هذه جريمة ضد الانسانية لم تحاسب عليها بعد.

هي لم تحاسب لأن هناك أطرافاً غربية تحميها، ولأنها تفعل، ترتكب اسرائيل مزيداً من الجرائم كل يوم، ومجرم الحرب الجديد ايهود أولمرت الذي فعل كل ما في وسعه لتغيير معالم القدس العربية عندما كان رئيساً للبلدية خرج من حربه المجرمة مع لبنان ليتفاوض مع العنصري الكريه افيغدور ليبرمان لضم حزب "اسرائيل بيتونو" اليميني المتطرف الى حكومته المتداعية.

ليبرمان يدعو علناً الى "تسفير" الفلسطينيين، أي التطهير الإثني مرة أخرى، فهذه تكاد تكون سياسته الوحيدة، وهو لا بد من ان يسعد برؤية جهد أولمرت في تحويل قطاع غزة الى معسكر اعتقال نازي، ولا بد من انه سيساعده بحماسة اذا بدأ ترحيل الفلسطينيين عن الجليل الأعلى حيث هم لا يزالون غالبية في بعض المناطق.

ايلان باب تكلم في اجتماع لحملة التضامن مع فلسطين في لندن يوم الثلثاء الماضي. وفاتني الاجتماع لأنني كنتُ قبلت قبل ذلك حضور إفطار استضافه السفير الأميركي روبرت تاتل في مقر إقامته.

وجدت اضافة الى ايلان باب ان حملة التضامن مع فلسطين أسماء بعض أنبل الأبطال الغربيين في الدفاع عن الفلسطينيين وحقوقهم، ولا بد من ان أعود اليهم في موعد قريب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف