«يونيفيل» وحكومة لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله اسكندر
مع نهاية شهر رمضان الذي كان بمثابة هدنة داخلية مقصودة في لبنان بالنسبة الى بعض ومهلة للتفكير بالنسبة الى بعض آخر، يطغى الحديث عن احتمالات التصعيد بعد انحسار، وتعود لغة الصدام بدل اجواء الحوار.
وكما هو الوضع على جبهة الجنوب الذي لم ينتقل من وضع وقف الاعمال العدائية الى وقف دائم للنار، لم تثمر الحركة الناشطة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري اكثر من تخفيف اللهجات التصادمية من دون ان ترسي قواعد لتنظيم الخلافات ومخارجها.
ويبدو ان ثمة ارتباطا مباشرا بين الوضع الداخلي اللبناني الذي تتقرر اتجاهاته في الشهور القليلة المقبلة وبين الوضع في الجنوب الذي يتأرجح بين السلام وعودة الحرب. ومن المتوقع ان تشهد الايام التالية لعطلة العيد هجوما كبيرا على حكومة فؤاد السنيورة، من "حزب الله" والتيار العوني وحلفائهما. وفيما يتخذ هذا الهجوم شكل المطالبة بحكومة اتحاد وطني، يدرك السنيورة والاكثرية التي تدعمه في "قوى 14 آذار" ان المقصود بالحملة هي بنود البرنامج الحكومي المتمثل في الداخل بدعم التحقيق في اغتيال الحريري وتشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة المتورطين بالجريمة، وايضا ضمان التغطية الحكومية لتنفيذ بنود القرار الدولي الرقم 1701، بما في ذلك تغطية ولاية "يونيفيل" المعززة، وصولا الى وقف للنار وإحلال السلام في الجنوب.
وسرت معلومات في بيروت عن محاولة ايجاد صيغة لصفقة متكاملة، بما فيها التوافق على رئيس الجمهورية المقبل، في مقابل حكومة جديدة يضمن "حزب الله" وحلفاؤه فيها الثلث المعطل. لكن مشكلة هذه الصيغة تكمن في انها الطريق الاقصر لنسف بنود برنامج الحكومة الحالية، اذ ان الثلث المعطل وظيفته تعطيل هذه البنود بالذات.
لذلك تتجه الانظار جنوبا، خصوصا لجهة اعتبار ان اسرائيل لا تزال تخرق القرار الرقم 1701. وهذا ما يجعل "حزب الله" يقول انه يحتفظ بحقه في الرد على الخروق الاسرائيلية، وإن يكن يلتزم بدقة بعدم افتعال اي خرق من جانبه.
ومن هنا يأخذ الكلام الفرنسي عن قواعد الاشتباك لـ "يونيفيل" اهميته، اذ انه يتوجه مباشرة الى اسرائيل، مصدر الخروق المتكررة من جهة، ولكونه يصدر عن الجنرال بلليغريني، بصفته قائد "يونيفيل" وبصفته ايضا ضابطا فرنسيا تسعى بلاده، بعزيمة الى ايصال المحكمة الدولية في قضية الحريري الى نهايتها. والمطالبة بوضع قواعد جديدة للاشتباك ستكون قابلة للتطبيق في مواجهة اي تهديد، سواء جاء من اسرائيل او من "حزب الله". وهذا يعني ان الاجماع الدولي والمشاركة الدولية الواسعة في "يونيفيل" التي استقطبت قوات من كل اوروبا تقريبا، باستثناء بريطانيا، يعكسان رغبة في تحصين الوضع في جنوب لبنان من احتمال تكرار حرب تموز. وهذه الرغبة غير ممكنة التحقيق من دون استمرار التغطية السياسية الحكومية اللبنانية.
فالاستقرار الحكومي اللبناني لا يخضع، في هذا الاطار، للعبة التهديد والضغوط الداخلية، بل انه يرتبط ايضا بضرورة ضمان استمرار التغطية لولاية "يونيفيل" المعززة. ولذلك يُنظر الى مطالبات التغيير الحكومي ليس فقط بمثابة رغبة في توسيع المشاركة في الشأن الداخلي وانما ايضا بمثابة محاولة لنسف التوافق الرسمي الللبناني مع ولاية "يونيفيل" وسحب التغطية عن هذه القوات التي توصف حاليا، في اوساط "حزب الله" وحلفائه، بأنها تعبير عن ارتهان سيادة لبنان لاحتلال دولي.