العراق: القطاع العام الصناعي يشغّل 580 ألف عامل والدعم الحكومي 480 مليون دولاربسبب ضعف الانتاج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وكيل وزارة المال كمال البصري تحدثعن التضخم وتراجع القدرة الشرائية ...
بغداد - عادل مهدي
قال وكيل وزارة المال العراقية كمال البصري لـ "الحياة"، ان سياسة الإصلاح الاقتصادي تطلبت تقليص المخصصات المالية لدعم المشتقات النفطية للعام الحالي إلى النصف، لتصبح 200 مليون دولار شهرياً، بدلاً من 400 شهرياً في 2005، وذلك بناء على رغبة الحكومة في خفض حجم الدعم تدريجاً، وجعل الأسعار منسجمة مع دول الجوار.
وكشف ان المخطط كان يقضي بإصدار أمر رئاسي، يتلخص بإنهاء احتكار الدولة لاستيراد وبيع المشتقات النفطية، والسماح للقطاع الخاص بالمشاركة في مزاولة النشاط، الا ان هذا الأمر لم يؤخذ به، وما زالت أزمة الوقود على ما هي عليه.
وأوضح ان الفترة الأخيرة من 2005، شهدت توقف استيراد المشتقات النفطية من تركيا، بسبب عدم انتظام دفع المستحقات المالية للجانب التركي، ما جعل الأسعار تفوق أسعار السوق العادية غير المدعومة. ونتيجة ذلك، بلغ معدل الإنفاق العائلي على المشتقات النفطية نحو 40 في المئة من دخل الأسرة، وفقاً للمسح الإحصائي لمدينة بغداد، الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء هذا العام.
ولفت إلى ان التضخم الذي بلغت نسبته في شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) الماضيين 70 في المئة، و76.6 في المئة على التوالي، انعكس سلباً على الاقتصاد العراقي. ومن آثاره السلبية، انخفاض القوة الشرائية لدى الأفراد، وكذلك انخفاض القيمة الحقيقية للمدخرات والودائع، خصوصاً إذا كان معدل التضخم أعلى من نسبة الفائدة، ما أدى إلى انخفاض حجم الاستثمار في الاقتصاد الوطني، وتثبيط عملية التنمية الاقتصادية.
وأضاف ان على رغم الدعم الحكومي لاستيراد المشتقات النفطية، لمواجهة النقص الحاصل في إنتاجها داخلياً، ظلت السوق المحلية تعاني نقصاً كبيراً في سد الطلب المتزايد، بسبب دخول عدد كبير من السيارات المستوردة من قبل القطاع الخاص، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وزيادة استخدام المولدات التي يعتمد تشغيلها على تلك المشتقات، فضلاً عن معاناة قطاع التوزيع مشاكل كبيرة، ووجود فساد إداري ومالي. وكلها عوامل ساهمت في ارتفاع المعدل العام للأسعار، ما انعكس سلباً على سلة الغذاء.
التضخم
وعزا أسباب ارتفاع نسبة التضخم إلى عوامل عدة أخرى، أهمها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وشحتها، وانقطاع التيار الكهربائي، ما يعرقل انتاج الخدمات والسلع، وتقليص حجم المعروض منها في السوق، وضعف الطاقة الاستيعابية للجهاز الحكومي في تنفيذ المشاريع الخدمية، وكذلك تدهور الحال الأمنية الذي ساهم في عدم انتظام عرض السلع والخدمات. وضعف بنية الناتج المحلي.
وأشار إلى النتائج السلبية الناجمة عن ضعف الجهاز المصرفي في استقطاب السيولة النقدية. وقال ان البنك المركزي العراقي، وفي محاولة كبح جماح التضخم، اقدم مؤخراً على رفع سعر الفائدة من 10 إلى 12 في المئة. ويرى المراقبون، ان هذه الزيادة عاجزة عن إحداث أي تأثير إيجابي، وهي غير مجزية، فالتآكل الذي يحدثه التضخم في رأس المال، اكبر من سعر الفائدة، وعليه فإن هذه السياسة غير كافية في الحفاظ على القوة الشرائية للعملة العراقية.
البطالة
وفي تحليل مشكلة البطالة المتفاقمة، قال ان نسبة البطالة هي 27-30 في المئة، وان غالبية اليد العاملة هي في قطاع الخدمات ذات التأثير الهامشي في مجمل الناتج المحلي الإجمالي، في حين أنها لا تتجاوز 2 في المئة في قطاع النفط عماد الناتج المحلي الإجمالي.
وقال ان هناك خللاً في هيكل الاقتصاد العراقي، ففي القطاع الصناعي العام يعمل 580 ألفاً، الا ان ضعف الإنتاج، دفع الحكومة إلى دعمه بـ480 مليون دولار، مشيراً إلى ان الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر في موازنة الدولة يشكل نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعليه هناك خلل واضح بين قطاعات الإنتاج وقطاعات الخدمات.
ورأى ان معالجة ظاهرة التضخم تأتي عبر خطوات منها العمل على استقرار الأمن لتحقيق الاطمئنان في السوق المحلية، ومعالجة شح المشتقات النفطية، من خلال إنهاء احتكار الدولة لها، والسماح للقطاع الخاص بالاستيراد. كما ان رفع سعر الفائدة في شكل عام، له دور في امتصاص السيولة النقدية، وهو إجراء معمول به في كثير من البلدان المستقرة، الا ان أثره لن يكون ملموساً ، بسب عدم وجود ميل للادخار، وغياب فرص الاستثمار التي يمكن ان تغذيها الادخارات. أما الأغنياء فهم يفضلون تحويل رؤوس أموالهم إلى الخارج. لذلك يصعب تصور ان يكون لمعدل سعر الفائدة دور، ما دام الفارق بينه وبين معدل التضخم كبيراً.
كما ان رفع قيمة العملة العراقية مقابل الدولار سيخفض قيمة الاستيراد ، ويرفع قيمة الصادرات. وحيث ان الصادرات لا تكاد تذكر، فسوف ينتفع الاقتصاد من سياسة رفع صرف الدينار العراقي. وأكد ان هذا الإجراء له آثار إيجابية، إذا استخدم مع الإجراءات الأخرى، وأهمها السياسة المالية التي تقوم على ضبط الإنفاق العام، واستخدام السياسة الضريبية في تقليص السيولة النقدية، وهي أمور صعبة التطبيق.