اليهود العرب.. لاجئون!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء: 2006.10.24
محمود الريماوي
مطالبة يهود من أصول عربية بتعويضات عن ممتلكاتهم السابقة في بلدانهم الأصلية، ليست بالأمر الجديد، وقد ارتفعت المطالبات بها في الفترة الأولى على اتفاق أوسلو قبل أكثر من عشر سنوات، حيث ارتفعت آنذاك التوقعات بحل سلمي شامل على المسار الفلسطيني يشمل قضية اللاجئين.
لكن الاسرائيليين بخلاف الفلسطينيين والعرب، فإنهم إذا ما بدأوا بشيء فهم يكملونه ويسعون للمضي فيه الى النهاية. وعلى هذا الأساس انشأوا "منظمة العدالة ليهود الدول العربية" ومقرها الولايات المتحدة، وهدفها هو الترويج لاعتبار العرب اليهود في الدولة العبرية لاجئين، ولهم حقوق ومطالبات كحال اللاجئين الفلسطينيين. ويقدرون قيمة أملاكهم بعشرات المليارات من الدولارات.
وحسب المنظمة المذكورة فإن 900 الف يهودي ينتمون الى العراق ومصر وليبيا وسورية ولبنان واليمن قد غادروا بلدانهم، وبينما اتجه 600 الف منهم الى فلسطين، فإن الثلث الباقي توجه الى دول غربية. ولم يتم التطرق في التقرير الذي بثته رويترز الى المغاربة والجزائريين والتونسيين اليهود، ويقدر عددهم أيضا بمئات الآلاف، لكن هجرتهم الى فلسطين التي تمت في وقت لاحق ابتداء من العام 1950، أخرجتهم من القائمة السابقة.
للمرء الآن أن يتصور عدد ونسبة العرب اليهود، الذي شكلوا المادة البشرية للمجتمع الصهيوني، ومدى الغفلة العربية المروعة في تزويد الصهيونية بهذه الكثافة البشرية، حيث لم يزد عدد السكان اليهود آنذاك عن مليونين ونصف المليون نسمة، غير أن ذلك ليس موضوع هذا التعليق. الموضوع هو محاولةالحركة الصهيونية بأذرعها المختلفة، مزاحمة محنة اللجوء الفلسطيني،وتصوير التحاق العرب اليهود بالدولة العبرية، على أنه لجوء يستحق الاعتراف به والتعويض عنه.
لقد اضطهد يهود في دول عربية من قبل سلطات لم تكن مستقلة، وكانت تابعة في معظمها للانتداب البريطاني في دول المشرق، كما تم الاضطهاد على أيدي الحركة الصهيونية التي زرعت المتفجرات في ممتلكات هؤلاء في العراق ومصر، لحملهم على التوجه الى فلسطين حيث نشأت هناك الدولة الاسرائيلية. وهذا ما حدث. غير أن "منظمة العدالة" التي تعمل بالتنسيق مع "وزارة العدل الاسرائيلية" لا تذكر أن هؤلاء قد استولوا على أراضي وممتلكات الفلسطينيين وأقاموا عليها واستثمروها. وحين تتحدث هذه المنظمة عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين و"اللاجئين اليهود" معا، فهي تتحدث بعد إسقاط الارتباط الثابت بين هذه وتلك. ذلك أن محنة اللجوء الفلسطيني وقعت لأن وافدين من الخارج، حلوا محلهم واستولوا على ممتلكاتهم ووطنهم، وبين هؤلاء عدد كبير من يهود عرب.
وبينما في العادة وحين تثار مسائل اللجوء، تجري الدعوة لتمكين اللاجئين من العودة الى مواطنهم وديارهم ،فإن منظمة "العدالة اليهودية" لا تأتي على ذكر هذا الأمر، فكيف يوصف بلاجىء من يرفض العودة الى موطنه، ولا تعنيه هذه العودة من قريب او بعيد. وذلك خلافا لحال اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتخلوا عن حق العودة الى موطن أجدادهم.
بقيت الاشارة الى أن هذه المنظمة لا تربط تسوية مسألة المطالبات اليهودية بحل سياسي شامل، تجري فيه تسوية جميع المسائل، بل إن السعي يتم لمحاولة الكسب من جميع الجوانب وفي سائر الحالات، بينما يراد للعرب أن يصمتوا عن سلب أراضيهم بما فيها خلال حرب 1967، وعن استمرار محنة اللجوء الفلسطيني، وعدم المطالبة بتعويضات عما تم استثماره لعقود طويلة.