جريدة الجرائد

الصين وشيراك وقضايا الشرق الأوسط

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك



رندة تقي الدين


مخيفة سرعة تطور الصين. فمهما يسمع الزائر من أخبار عن النمو الصيني وسرعته، تبقى الصدمة كبيرة أمام مشهد تحول المدن الصينية بهذه السرعة.

فمن يزور بكين مثلاً بعد غياب سنتين، يصاب بذهول لتحولها السريع الى مدينة ابراج ومبان حديثة تزيل معالم الصين القديمة. ومن يأتي حاملاً مشاكل منطقة عربية من لبنان الى سورية الى شرق أوسط يتخوف من التسلح النووي الايراني، يلاحظ ان هذه القضايا، بقدر ما تهم القيادة الصينية، بقدر ما هي بعيدة كل البعد عن الشعب الصيني المهتم بنموه وصناعته وايضاً مآسيه من فقر وريف ما زال يعاني من البؤس مثلما في اي دولة نامية.

والصين دولة عظمى بالغة الأهمية على الصعيد الدولي ليس فقط من الناحية الاقتصادية كونها سوقا ضخمة، وانما ايضاً من الناحية السياسية لأنها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن وقوة صناعية كبرى.

والرئيس الفرنسي جاك شيراك يصل الى الصين غداً، في رابع زيارة من نوعها، حاملاً معه ملفات سياسية كبرى اضافة الى ملفات اقتصادية، فالوفد المرافق له يضم حوالي 30 من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى.

وشيراك مقتنع، وفقاً لما قاله الناطق باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون، بأن جزءاً من تأثير فرنسا وموقعها في العالم مستقبلاً يعتمد على قدرتها على بناء علاقات قوية مع الصين نظراً لقدرة هذا البلد على التطور.

والرئيس الفرنسي عازم خلال وجوده في الصين على طرح مواضيع سياسية بالغة الاهمية بالنسبة الى فرنسا، في طليعتها لبنان وايران وكوريا الشمالية. والصين في تطور جديد، أرسلت جنوداً لها الى لبنان في إطار مراقبة تنفيذ القرار 1701، ولكن في الوقت نفسه فإن الصين ربما تكون المصدر الأول الذي يزود سورية وايران بالأسلحة المتطورة الحديثة.

وفرنسا تبحث عن سبل لاستقرار الوضع في لبنان على ان يتم تنفيذ القرار 1701 الذي ينص على حظر الأسلحة لـ "حزب الله". وتدفق الأسلحة الى كل من سورية وايران ليس من مصلحة استقرار الأوضاع في لبنان ولا يتماشى مع روح القرار 1701 الذي جاءت القوات الصينية الى لبنان للمساهمة مع الـ "يونيفيل" في تنفيذه. ولكن نظراً لعلاقات الصين الاقتصادية الوثيقة بكل من ايران وسورية، سيكون من الصعب إقناع القيادة الصينية بالكف عن تسليح ايران وسورية وتزويدهما بصواريخ تنتهي في لبنان.

وفرنسا تسعى الى جانب دول أخرى من الأسرة الدولية، لايجاد وسائل لمراقبة الحظر على الأسلحة لـ "حزب الله"، لتسحب من اسرائيل حجة خروقاتها الجوية اليومية والمستمرة في لبنان.

لكن الصين كثيرة الاعتماد على استيرادها النفطي من ايران وهي مستثمر كبير في سورية، وكونها دائمة العضوية في مجلس الأمن يخولها حق النقض.

وبخلاف ما حصل مع كوريا الشمالية التي تعتمد كلياً على الصين، فإذا فرضت الأسرة الدولية عقوبات على ايران، بسبب استمرارها في تخصيب اليورانيوم، فإن الصين مثل روسيا ستكون أقل اندفاعاً لعقوبات مشددة على ايران، وبالتالي فإن هذه العقوبات ستكون محدودة وتدرجية وذات تأثير بعيد عن الفاعلية.

وموضوع السلاح الى ايران وسورية، اضافة الى الملف النووي الايراني، سيكون بالتأكيد أصعب الملفات التي سيناقشها شيراك مع القيادة الصينية، فيما من المرجح ان يحصل على موافقة صينية رسمية على المحكمة الدولية التي ستتولى معاقبة المتورطين في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، بعد أن وافقت موسكو على ذلك.

ودور الصين على صعيد علاقاتها القوية بدولتين تمثلان جبهة رفض لاستقرار واستقلال لبنان بالغ الأهمية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف